| الاقتصادية
أصبح من البدهي والضروري في آن واحد توافر اطار قانوني واضح الملامح وعلى درجة عالية من الفعالية والكفاءة مهمته حماية حقوق الأطراف المتعاقدة وصيانتها ورفع الظلم عند وقوعه ويتأكد هذا الأمر في حالة وجود تكتلات اقتصادية أو احتكار تعطي أحد أطراف التعاقد قوة تسمح له بفرض شروطه والتنصل من التزاماته متى شاء والتهريب مما يترتب على اخلاله بالعقد, وبدون هذا الاطار تصبح شريعة الأقوى هي الحاكمة والمنظمة للعلاقة بين المتعاقدين وما على الطرف الآخر إلا القبول والتسليم.
وعلى الرغم من أهمية وجود الاطار القانوني إلا انه ليس بكاف بمفرده للوصول الى الهدف بل لابد من وجود آلية تضمن تفعيله في حياة المجتمع بأقل تكلفة ممكنة وإلا ظل اطارا نظريا جميلا على رفوف المكاتب وفي أروقة الجامعات.
ولطبيعة المعاملات الاقتصادية وتنوعها وتجددها باستمرار فإنه يفترض في الاطار القانوني وآلياته القدرة على مواكبة المستجدات, وباختصار فانه يمكن القول ان الاطار القانوني الفعال لابد وأن يكون مراعيا لهيكل السوق ولطبيعة المنشآت العاملة به, وأن يأخذ في الاعتبار التغيرات الاقتصادية المتسارعة, وأن لا يقتصر عمله على مجرد الفصل في النزاعات بل يجب ان يحدد طبيعة العقود والصيغ المقبولة منها وكيفية اتمامها والأحكام العامة الخاصة بها وما يترتب على الاخلال بالعقد أو ببعض بنوده.
والقيام بهذا العمل يتطلب فريق عمل متخصصا يضم الفقهاء والاقتصاديين والمحامين وغيرهم, ولأجل أن تكتمل الصورة فيفترض ان يوجد الى جانب هذا الاطار آلياته هيئة لحماية المستهلكين والدفاع عن حقوقهم وربما قبل ذلك تبصرتهم وتوعيتهم بحقوقهم، وقد اصبح وجود هذه الهيئة لزاما نتيجة لتعدد وتنوع السلع والخدمات والتي يعد بعضها جديدا على هذا المجتمع بحكم التطور الاقتصادي والتقني والارتقاء في مستوى المعيشة والتغيرات المتلاحقة الدولية الاقتصادية والقانونية والتقنية والاجتماعية وكذا ما يسببه الانفتاح على العالم الخارجي بكافة أشكاله من تبدلات وتحولات في أنماط الاستهلاك المحلية.
ومن الطبيعي ألا يقتصر عمل هذه الهيئة على مجرد التأكد من تاريخ الصلاحية أو من نظافة المحل، بل يمتد الى المطالبة بتوفير مواصفات معينة في السلع والخدمات وارشاد المستهلكين الى أفضل البدائل المتاحة لهم واصدار النشرات التوعوية البناءة التي تعمل على مساعدة المستهلك في اتخاذ القرار المناسب وعلى تحييد ولو جزئياً هجوم المنتجين الاعلاني, يضاف الى ذلك الوقوف الى جانب المستهلكين عند الحاجة وجعل صوتهم مسموعاً ومنحهم قوة تفاوضية مناسبة.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|