| وَرّاق الجزيرة
نسعد كثيرا بالجلوس مع فئة من الناس تجد انها تستحضر الكتب والاصدارات الحديثة بشكل دائم وتدل الآخرين عليها وفي الوقت نفسه نحرص على معرفة سبب هذه الذاكرة الوقادة والحفظ العجيب لكل ما يصدر حديثا من الكتب والاصدارات العلمية لدى بعضهم وهل هي طبيعة من طبائعه او مكتسبة تحصل عليها بطرق واسباب محددة.
وقبل كل شيء علينا ان نجزم بصحة ان الذاكرة والحافظة التي نتمتع بها جميعا تكاد تكون كالعضلات التي في اجسامنا فكلما قويتها قويت وانتعشت، وكلما أهملتها ضعفت، وعليه نحن.
وهنا نستطيع ان نجمل سبب ذلك في ان من يحظى بهذه الخاصية لابد وان يكون على متابعة دائمة وزيارة مستمرة للمكتبات التجارية والعامة بشكل دائم حتى يستطيع ان يتابع الجديد من الكتب ومن ثم تنمو معه هذه الملكة وهي حفظ ومعرفة كل ما يجد من العناوين والكتب في الموضوعات التي يهتم بها.
وهذه القضية المتعلقة بالشغف بالكتب واخبارها وما يجد منها قضية قديمة جدا فالكثير من كتب التراجم تحفل باخبار بعض العلماء الذين يكادون لا ينقطعون عن سوق الكتب نهائيا ولعل من أشهر أقوالهم في هذا المجال وألطفها المقولة الشهيرة التي ترددت عن بعضهم ألا وهي قولهم لا يدخل الا سوق الكتب أو سوق السلاح .
وبسبب هذه المقولة وأمثالها التي تعطي سوق الكتب هذه القيمة المعنوية العالية حرص الكثير منهم على التردد على الكتب وأماكنها بشكل منتظم.
ومن اجل هذا كان الكثير منهم آية في معرفة الكتب أو انه من المغرمين بجمع الكتب وغير ذلك من الأوصاف المتعلقة بهذا الامر.
ولعلك تجد هذا جليا في الكم الهائل من الكتب التي نجدها من مصادر كتبهم أو مؤلفاتهم او نجدها من محتويات مكتباتهم.
ولعلي اختم هذا المقال بقصة لطيفة اوردها العلامة المصري الراحل احمد تيمور الذي يوصف بأنه من اكثر المغرمين بالكتب في عصرنا هذا حيث أورد في احد كتبه هذه القصة التي قال في ترجمة احد الاعلام السابقين وهو لمحمد اكمل ت 1343ه :
وبلغة مرة وهو يسمر مع بعض اصحابه ان بعضهم رأى عند فلان الوراق رسالة من الرسائل وكان هو يتطلبها من زمن وينشدها فلا يجدها فلم يسعه الا ان قام في الحال واخذ يسأل عن دار الوراق من هنا وهناك حتى اهتدى اليها بعد ما مضى هزيع من الليل فأيقظه من نومه وساومه في الرسالة بقيمة فوق قيمتها
ولم يمهله للصباح بل انزله من الدار وذهب معه الى حانوته ففتحه ليلا واخرجها له ولم يهدأ له بال حتى باتت الرسالة عنده.
|
|
|
|
|