| عزيزتـي الجزيرة
إن تقليل السلوك النمطي للأطفال التوحديين ضروري ليس فقط للازعاج الذي يسببونه للأسر بل ايضا لأن استمرار هذا السلوك يتداخل مع تعلم الطفل لمهارات اخرى، لذا فان ايجاد وسائل فعالة لتقليل هذا السلوك مهم للأسرة ولتنمية المقدرات الأخرى للطفل.
كان معظم العلاج الذي يستخدم في السابق يؤدي للنفور، ورغم ان هناك تقليلاً بسيطاً في السلوك النمطي لفترة قصيرة الاجل الا ان التحسن العام كان قليلا نوعا ما.
في بعض الحالات او الظروف الطارئة يمكن تبرير استخدام الاسلوب التأديبي الا ان لهذا الاسلوب مساوئه ولهذا وجدت وسائل علاجية اخرى متنوعة.
أحد الاهداف الأولية للعلاج هو زيادة قدرات الطفل في الاختلاط واللعب بطريقة تقلل من السلوك الاستحواذي, في كثير من الحالات يلاحظ انه عندما تتحسن مهارات اللعب والكلام يقل السلوك النمطي تلقائيا.
مثال لذلك: تعليم الطفل كيفية اللعب بألعابه بطريقة وظيفية ينتج عنها نقصان السلوك اليدوي النمطي مثل المغزل او نشاطات نمطية مثل رفع الالعاب في خط مستقيم رغم ان البدائل التعليمية والوسائل المناسبة المتعلقة بالأدوات ينتج عنها تحسن ملحوظ الا انه ظلت الحاجة لوسائل مباشرة لتقليل السلوك النمطي لمستوى مقبول.
وسائل التغيير التدريجي
إن السلوك الاستحواذي لدى الاطفال التوحديين يبدأ غالبا بمشكلات بسيطة في مهد الطفولة، ولأن للأطفال مقدرات ونشاطات بسيطة اخرى فنجد الوالدين لا يبذلون جهدا كثيرا لوقفها وعندما يكبر الاطفال يزداد النشاط ويصبح ملحوظا وأكثر عنفا ويصبح السلوك النمطي والمتكرر أكثر ازعاجا وبطابع فوضوي, ومن النادر جدا ان تكون المحاولات المباشرة لمنع او كبت هذا السلوك ذات اثر فعال وبدلا من ذلك يفضل اتباع طريقة تدريجية حيث ان هذا السلوك تطور عند الطفل على مدار سنوات وفي بعض الحالات تقلل هذه الطريقة من فرص الطفل في الانغماس في السلوك النمطي وفي حالات أخرى تنظم السلوك نفسه.
النشاطات النمطية المتكررة
هناك كثير من الاطفال يقضون جل يومهم في تكرار نشاطات نمطية ملزمة من نوع واحد.
وتتضمن هذه النشاطات اللمس المتكرر لأشياء معينة او وضعها في خط لانهائي, وهدفنا هو تقليل التأثير السلبي الذي يعكسه هذا السلوك على الأسرة وذلك بتقليل حدة وتكرار هذا السلوك على الأسرة تدريجيا, مثال: مشعل كان يقضي معظم وقته في وضع العملات المعدنية في صف واحد، هنالك خطوط طويلة من العملات ملأت غرفة المعيشة والمطبخ وفي السلم ومدخل الحمام وغرف النوم وأي محاولة من الوالدين لإزالة هذه الصفوف او تخريبها بالخطأ تؤدي لمضايقته الشديدة.
في البداية حاول والداه حصر المساحة التي يمكنه ان يمارس نشاطه فيها ومن ثم سمحوا له بعمل صفوف العملات في جميع الغرف ما عدا غرفة واحدة وكان هذا المكان المعين الذي يختاره هو الحمام لأنه كان يحب الاستحمام كثيرا ولم يكن يسمح له بالاستحمام كثيرا اذا كانت هنالك صفوف عملات في الحمام ثم بدأ والداه في تقييد سلوكه تدريجيا وكان اذا سمح له بالجلوس بسرير والديه في الصباح لن يسمح له بوضع عملات واذا أراد ان يتناول طعاماً مفضلاً لديه يجب ألا تتكون هناك عملات في المطبخ وكذلك لا يسمح له بمشاهدة التلفاز اذا كانت هناك عملات في غرفة المعيشة وبهذه الطريقة التدريجية تم الحد من حريته في وضع العملات المعدنية حتى انحصر المكان المسموح به فقط في ممر الصالة والسلالم التي عادة ما تكون باردة خصوصا في الشتاء وفي غرفته الخاصة وحيث انه يستمتع بمصاحبة والديه فان الوقت الذي كان يقضيه لوحده كان قصيرا.
واستخدمت طريقة مختلفة اختلافا بسيطا مع اطفال آخرين.
كانت احدى استحواذات بدر هي وضع السيارات في صفوف، وتم تقليل هذه الممارسة بالالحاح عليه بتخفيض عدد السيارات وبالفعل نقص العدد الى 20 سيارة بدلا عن 50 سيارة.
ثم نقص الى 10 ثم الى 5 سيارات ثم سيارتين رغم ان هذه الطريقة نتج عنها وجود ازواج من السيارات حول المنزل الا انها قللت بشكل كبير من الازعاج الذي كان يحدثه في السابق اذا تم تخريب صفوف سياراته بأي شكل.
تم التعامل مع سلوك محمد بنفس الطريقة بدأ سلوكه تدريجيا بايماء رأسه وحركات سريعة لعينيه الا انه عند التدخل في سلوكه هذا أصبح اكثر تعقيدا مع اضافة تغيير تعابير وجهه تكشيرة الوجه وتحريك يديه باستمرار وفي هذه الحالة كان تقييده في الوقت الذي يقضيه في ممارسة هذا السلوك، اولا تم منعه من أداء هذا السلوك في أوقات الواجبات حيث كان يستمتع بأدائها في هذا الوقت بالتحديد وكان يؤخذ منه الطعام اذا بدأ بتحريك يده أو تكشير وجهه، وثانيا منع من هذه التصرفات في وقت الاستحمام لأنه كان يحب الاستحمام وكذلك عند اللعب مع والديه او عندما يقرأ له والداه القصص.
وفي وقت لاحق منع من هذا السلوك عند مشاهدة التلفاز أو الاستماع لجهاز التسجيل وبهذه الطريقة توقف عن هذا السلوك في هذه الأوقات الا انها لم تنته تماما ولأنه ليس بمقدور الوالدين تمضية كل وقتهم مع طفلهم ولأن الطفل لا يستطيع ان يستمتع بالنشاطات العادية لذا وجد انه من غير المجدي ان نحد تماما من استمتاعهم بالنشاطات النمطية لذلك اذا تم تقليل هذه النشاطات لمستوى مقبول ولم تتداخل في حياة بقية أفراد الأسرة أو في مقدرات الطفل للمشاركة في نشاطات خاصة يمكن تحميل هذه النشاطات خصوصاً في الأوقات التي يختلي فيها الطفل بنفسه.
ياسر محمود الفهد
والد طفل توحدي
|
|
|
|
|