| الثقافية
الكثير يقر الفشل التربوي في عالمنا الإسلامي من اقصاه الى اقصاه والواقع ان نجاح التربية نسبي فليس هناك فشل كامل لانه لو كان الأمر كذلك لكانت الشعوب كلها جاهلة ومتخلفة ومنحرفة، لكن النجاح التربوي يتفاوت في المعمورة لعوامل كثيرة بعضهم يعلقها بمصدرها الأول المعاصر المنتج من الغرب، فإن هذا التقليد أساس التخلف التربوي لاختلاف المجتمعات، والواقع ان مكونات التربية الغربية تفتح باب الفكر، ولا تلزم به ولا ريب في ذلك، لكننا نأخذ جوانب التنظير ونعرض عن جوانب التفصيل والممارسة، بل إن بعض رواد التربية يتعامل مع النظرية التربوية وكأنها عملية تجريبية حتمية التطبيق.
وفي مجتمعنا قد قامت مؤسسات التربية بجهود جبارة أقف بفكري أمام اولئك الرواد الذين قادوا النهضة الفكرية والعلمية في بلادنا، ولكن الوقفة المتأنية هي حول الالتزام بالتربية، فالتربية هي امتزاج المعرفة بالدراية والممارسة لتتجسد عملا إبداعياً.
ونحن في فكرنا التربوي نحاول التواصل بين الفلسفة التربوية والواقع العملي لأننا إذا أخذنا مثلا نظرية تربوية سلمنا بإيجابيتها واكتمالها، فمثلا نظرية التأمل والفهم التي لجأت إليها التربية وأغفلت الحفظ فتلك النظرية دعوة سليمة في حد ذاتها لكن سلامتها لاتحتم اجتناب الحفظ في سن مبكرة من مراحل التعلم، تلك المرحلة التي يكون الإنسان فيها أقدر على الحفظ ولا سيما المسلم في حفظ، القرآن الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومرحلة الحفظ في تاريخ التربية الإسلامية لا تتعارض مع التأمل والتفهم وكلاهما يسير جنبا إلى جنب، وكم فقدنا من استقامة للسان واستيعاب للقرآن من جراء هذه النظرية في عصرنا الحاضر.
ونحن لو ضربنا مثلا آخر للممارسة الفعلية لعمل واقعي لا يستغني عنه كل فرد لاتضح ضرورة ارتباط المعرفة بالعمل في شتى الوان المعرفة، فمثلا نجد أن كتب تعليم القيادة للعربات تتجاوز أربعمائة صفحة، ولكن جل الأفراد يستوعبونها في اقل من شهر، بينما لو درسناها نظريا لاستغرق ذلك أكثر من فصلين دراسيين، ومثل ذلك سائر المهن، وبعضهم يرى ان هناك معارف لسانية إنسانية غير خاضعة للتجربة، وهذا يفتقد المصداقية، فإن الممارسات المنهجية أحوج ما تحتاج إلى الممارسة التطبيقية فمثلا علم المنطق، ومثله المناهج الفكرية للتأمل العقلاني، وهناك المناهج الفكرية للتأمل السلوكي وكلها لا مكان لها إذا لم تمارس فعليا في حياة الفرد، وتتلاحم مع الأفراد لتكون مناهج اجتماعية اسوة بالتربية في اليابان والغرب، فكل فرد بذاته يحمل منهجا سلوكيا وعمليا أقربها للصحة المنهج العملي، ونجاحهم في المنهج العملي، مكن لحضارتهم السيادة، ولشعوبهم القوة ولحياتهم الرفاهية ولمجتمعاتهم الأمن الغذائي، بينما الضعف المنهجي الذاتي صحب أفراد المجتمع إلا من رحم ربي حتى اولئك الذين درسوا في الغرب واستقوا من نظرياته، ورأوا الممارسة الفردية الذاتية في الإدارة الصغرى والكبرى التي تنظر إلى المجتمع بمنظار العقل والقانون، ويتكرمون بالتعامل الإنساني، اما كثير من الدارسين هناك من عالمنا العربي يعودون ويمارسون الحياة العملية تتلاشى الذاتية الفردية الصالحة وتهيمن عليها الانتمائية، وتنتفض فيها الولائية الاجتماعية السلبية من تقريب القريب وتآزر الأسر ومراعاة التقارب الاجتماعي وتنتفض كما ينتفض العصفور بلله القطر فيطغى الجانب السلبي على الخدمة الاجتماعية التي تقوم على القانون والنظام والتعقل
masad33@ aynaa.com
|
|
|
|
|