| الثقافية
قرأت مناظرة رصدها الجاحظ في رسائله,, وقد جرت بين أبي الخطاب الأعمى, وأبي دلف, وجعفر بن أبي زهير, منها أن أبا الخطاب الأعمى الذي ترجم له الأستاذ عبدالسلام محمد هارون وهو يحقق ويشرح رسائل الجاحظ,, بقوله: هو,, أبو الخطاب محمد بن سواد بن عنبر السدوسي العنبري البصري,, روى عن سعيد بن أبي عروبة وشعبة وأبي معشر وغيرهم, وروى له البخاري ومسلم وأبوداود والنسائي وابن ماجة، توفي سنة 187 ,, كان قد وقف على قول أبي دلف (1) .
وليس لمعكوف خواطر مبصر
وذو العين والتمييز جم الخواطر |
فقال أبو الخطاب:
وليس العَمَى في كل حالٍ نقيصة
ونقص العَمَى أجدى عليك من البصر
فسائل بغال الطحن إن كنت جاهلا
ولو حجبوا تلك العيون عن النطر
ولولا انطباق العين ما كان طاحن
ولا كان مطحون بصخر ولا مَدَر |
ولأن ابا الخطاب قد فخر بذلك بجودة حفظ العميان فقد قال جعفر بن وهب بن أبي زهير
هل الحفظ إلا للصبي وذو النهى
يمارسُ أشغالاً تشردُ بالذكر
فإن كان قلب الغمر للحفظ فارغاً
تناول أقصاه وإن كان لا يدري
يهذ أموراً ليس يعرفُ قدرها
وهل يعرفُ الأقدار غير ذوي القدر |
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن سيد العميان في زمانه وشاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء أبو العلاء المعري (2) قد عبر مفتخراً بالعمى بقوله:
سواد العين زاد سواد قلبي
ليتفقا على فهم الأمور |
(1) أبو دلف هو القاسم بن عيسى بن دريس العجلي نسبة إلى عجل بن لجيم بن مصعب, وهو أحد قواد المأمون ثم المعتصم من بعده, وكان كريماً جواداً محمودا ممدوحا شجاعاً ذا وقائع مشهورة, وقد توفي سنة 225ه كما جاء في وفيات الأعيان وتاريخ بغداد.
(2) ابو العلاء هو أحمد بن عبدالله بن سليمان بن محمد يرجع نسبه إلى تنوخ من عرب الجنوب ممن هاجروا إلى الشام بعد انفجار سد مأرب في اليمن,, أما مولده فقد قيل إنه ولد يوم الجمعة عند المغيب في 28 ربيع الأول ب363ه وأنه لما بلغ ثلاث سنوات ونصف أصيب بالجدري فذهبت يسرى عينيه وغشى اليمني بياض وقبل أن يتم السادسة فقد بصره جملة واحدة,, أما وفاته فقد توفى يوم الجمعة في النصف الأول من ربيع الأول سنة 449ه.
|
|
|
|
|