| مقـالات
المشكلات الاجتماعية عديدة ومتواترة وتبدأ منذ النشأة الأولى، أي الطفولة ثم الشباب، وإن لم تعالج في البدايات يصبح الأمر عسير الحل.
عادة المنزل الأسري فيه تكون البذرة الأولى لأي مشكلة، وتنعكس تلك المشكلات بصورة اضطرابات نفسية وسلوكية لدى الأبناء,, انعدام لغة الحوار والنقاش الهادئ في البيت يجعل الابن يعتقد بأنه منبوذ، وانه لا يمتلك القدرة على التكيف مع المجتمع الخارجي ما دام لم يستطع التفاهم مع أهله في داخل نطاق الدار, وهكذا تتراكم الجزئيات التي تكون في النهاية قمة التوتر في العلاقة بين الجميع، الأم والأب، وهما مع الأبناء، والأبناء مع مجتمع المدرسة، ثم مع المجتمع الكبير.
إن عدم التواصل مع الأم والأب أو الأشقاء والمعلم في المدرسة، ثم مع الناظر وحدوث صدامات دائمة، يجعل الابن الشاب انطوائياً أو عدوانياً,, وقد يصاب بأعراض الاكتئاب وهي تختلف من شخص لآخر، وتختلف أسبابها، ربما نتيجة تحطم المثل العليا المتمثلة في الأم أو الأب، النموذج المفضل للابن أو الابنة، أو ربما لعدم القدرة في تحقيق أهداف قريبة أو بعيدة, أو للفشل في الدراسة وحينها يبدأ الأهل في تعيير الابن وإحباطه واشعاره بأنه فاشل وغير صالح لشيء في الحياة، فيفقد ثقته بنفسه وبكل من حوله, وربما يدخل في علاقات بعيدة عن محيط الاسرة، مثل الصداقة العميقة غير السوية مع أحد زملاء الدراسة، او صديق سوء يجرّه لأفعال تسبب له القلق والتعنيف الذاتي، وربما علاقة حب مع فتاة ثم يشعر بأنه لم يصل بعد إلى مرحلة من الاستقرار المادي والعاطفي تؤهله لأن يكون كفئاً لبناء اسرة أو جذب احترام وثقة هذه الفتاة، وقد يدخل في علاقة حسية تجرفه بعيداً عن أولويات شبابه من تفوق دراسي، وتدين، وبناء حياته المادية المستقرة, الاهل هم بداية العلاج أو الانزلاق نحو هوة الإدمان، أو الرسوب، أو الضياع, العلاقة الإنسانية المليئة بالتفاهم والحب والرغبة بالمساعدة الصادقة هي مفتاح الحماية والعلاج لأي إنسان نحبه ونتمنى له الخير سواء كان ابنا أو ابنة، صديقا أو زميل عمل، أي شخصا نشعر أنه محتاج لشيء قليل من الاهتمام والاصفاء والتسامح, بالنسبة للشباب الذين يفتقدون وسيلة التفاهم مع الوالدين، من الافضل البحث عن شخص أو مؤسسة بديلة للفضفضة وعرض المشكلة أمامهم وفي مدارسنا هناك الاخصائية والاخصائي الاجتماعي يمكن استشارتهما,, فقط ندع عنا الخجل، فليس عيباً ولا منكراً أن يتعرض الإنسان لمشكلة مهما كان حجمها,, كل شخص معرض لأن يمر في ظروف صعبة وغير طبيعية، المهم الاستفادة من المؤسسات المتاحة، وان نجعل الحب والبساطة السبيل للتواصل مع الآخرين.
للأسف في وقتنا الحالي كل فرد منعزل في عالمه الخاص، غرفته في البيت، الانطواء في المدرسة وعدم مشاركة الزملاء نشاطات الشباب, قفل الفكر والقلب امام اي محاولة لعقد علاقة أو زمالة حلوة عفوية,, والذي زاد الأمور سوءاً إتاحة الفرصة حتى لأصغر الأبناء في الحصول على ما يطبع سلوكه، بالانعزالية مثل جهاز كمبيوتر خاص به، تلفزيون، فيديو عدا الكتب والمجلات والهدايا المنفردة، عدم سعي الوالدين إلى فرض وقت لاجتماع كل الاسرة على احدى الوجبات: غداء أو عشاء,, أوسهرة لمشاهدة بعض البرامج التلفزيونية الهادفة بشكل جماعي، والعزلة لا تمنح الشباب الخبرة بالحياة والناس,, وكثير من حالات الانحراف سببها الجهل وعدم الخبرة وعدم مصارحة الأهل لأبنائهم بكل ما يهم الاسرة وكل ما يتعلق بمصيرها المشترك,, أن الأبناء يستقون معلومات خاطئة من الاصدقاء او بعض المجلات,, ثم عدم مساءلة الأهل للأبناء وعدم المتابعة وتطبيق اسلوب التربية الذي يعتمد المواجهة والمناقشة,, ان التدليل الزائد في كثير من الأحيان وعدم زرع شعور المسؤولية لدى الأبناء يقودانهم إلى الضعف والانقياد الاعمى للآخرين، ان تنشئة الجيل مسؤولية الجميع من علماء دين واجتماع، والمؤسسة التعليمية وقبل كل هؤلاء الاسرة,, الحب والاهتمام مفتاح الحياة الرحبة.
المنامة
|
|
|
|
|