| المجتمـع
* تحقيق : خالد الخليفة
تولي حكومتنا الرشيدة العملية التربوية والتعليمية عناية بالغة على كافة المستويات وفي مختلف المجالات بهدف ايجاد طلبة وطالبات متميزين قادرين على مواجهة متطلبات الحياة ناهيك عن مساهمتهم الفعلية الواعية في مسيرة التنمية التي تعيشها بلادنا الغالية بعد تخرجهم وبالتالي انضمامهم إلى قافلة العاملين في الميدان.
ووزارة المعارف بصفتها إحدى المؤسسات التعليمية الرائدة في هذا المجال تشهد حالياً جهوداً كبيرة متواصلة لتحقيق هذا الغرض وهو ما بدأنا نلمس ثماره اليانعة في السنوات الأخيرة على أرض الواقع من خلال تفاعل العاملين في الميدان مع تطلعات وآمال المختصين في جميع أقسام الوزارة وعلى رأسهم معالي وزير المعارف.
خطوات واعية
وإيماناً من الجزيرة بأهمية إلقاء الضوء على الجوانب المشرقة ذات الجهود التي تستهدف فلذات الأكباد على مستوى المدارس ولاسيما الابتدائية منها التي تمثل القاعدة في كل جهد تربوي وتعليمي كانت لنا هذه الجولة داخل مدرسة (أبي بكر الصديق الابتدائية بمحافظة الرس) والتي كانت على فترات متفاوتة وخلال أيام متعددة حيث تسنى ل الجزيرة الاطلاع على جهود متميزة من أجل ايصال المعلومة العلمية المقررة في المنهج إلى الطلبة بأسلوب حديث يعتمد على المشاركة الفعلية من قبل الطلبة أنفسهم، الأمر الذي منحهم الثقة بالنفس والثراء المعرفي والإحساس بالمسؤولية وعشق المادة العلمية، فضلاً عن إلمام الطلبة بمعلومات مساندة تثري حصيلتهم العلمية وتعطيهم آفاقاً أوسع لمزيد من الإبداع والتميز في هذا المجال.
واللافت للنظر أننا رصدنا جوانب مشرقة تمثلت في قيام الطلبة رغم صغر سنهم بالشرح لزملائهم وإلقاء المحاضرات العلمية وممارسة التجارب أمام الزملاء والمشرفين التربويين وأولياء الأمور، وهي خطوات تستحق الوقوف عندها لأنها تعكس التوجه العلمي الحضاري للمدرسة والعاملين فيها وهو ما تسعى إليه وزارة المعارف ممثلة بأقسامها وإدارات التعليم التابعة لها .
أفضل الطرق
ولمعرفة أهداف ذلك ومزيد من المعلومات عن هذه الطرق الحديثة ومدى فاعليتها التقينا معلم العلوم في المدرسة الأستاذ/ حسن بن عبدالله الشبعان الذي بادرنا بقوله:
لاشك ان طالب اليوم يختلف عن طالب الأمس ولذلك فإن معلمي العلوم مطالبون بالتنوع والبحث عن الأساليب المناسبة لجذب انتباه التلاميذ وتحقيق تركيزهم خلال الشرح، ومن وجهة نظري فإن أفضل الطرق وأنجحها تلك الطرق التي تجعل من الطالب عنصراً أساسياً ومحوراً رئيساً في العملية التربوية التعليمية ومن واقع عملي معلماً للعلوم في مدرسة ابتدائية قمت بتجربة عدة طرق أرى من وجهة نظري الشخصية وبعد رصد تفاعل التلاميذ معها انها الأفضل ومنها طريقة المجموعات التي يتم خلالها تقسيم الطلبة إلى عدة مجموعات قائمة على النقاش والحوار بين طلاب كل مجموعة للوصول إلى أهداف الدرس إلى جانب طريقة المحاضرة وذلك بأن يقوم طالب أو أكثر بالإعداد لموضوع معين وجمع المعلومات المتعلقة به لايصالها إلى أذهان زملائهم ليس في الفصل فقط وإنما في المدرسة بشكل عام وهي طريقة تتسم بالحيوية البعيدة عن الإلقاء التي لايزال بعض الزملاء للأسف يمارسونها في الميدان وهذه الطريقة يتخللها الكثير من النقاش والحوار بين الطلبة المحاضرين والطلبة المشاهدين، كذلك من الطرق المناسبة لهؤلاء التلاميذ قيامي بتكليف طالبين أو أكثر باعداد وتحضير موضوع مقرر يحتوي على بعض التجارب بحيث يقوم هؤلاء الطلاب بالشرح وإجراء التجارب أمام زملائهم في المختبر فضلاً عن المسابقات الثقافية وهي وسيلة فعالة تجعل الطلبة على صلة وثيقة ببعض المراجع العلمية.
مقومات النجاح
وعن مقومات نجاح هذه الطرق داخل المدارس يقول المعلم الشبعان:
لاشك ان هذه الطرق الحيوية تحتاج إلى مدير مدرسة واع متفهم للطرق التربوية الحديثة، فعند مروره على الصفوف لن يجد طلاباً مكتفين بدور المتلقين فقط كذلك لا ننسى دور المعلم المهم في عملية تنوع الطرق وجذب وترغيب الطلاب في المادة، وأنا واثق أن معلم العلوم يعرف التغير الكبير الذي حدث لمناهج وكتب العلوم في المرحلة الابتدائية حيث زوال عصر الحفظ والتلقين والمعلومات الجاهزة وأجدها مناسبة لأقدم خالص شكري لسعادة مدير التعليم بمحافظة الرس الذي تشرفت عدة مرات بمقابلته أثناء زياراته أو افتتاحه لبعض المعارض العلمية حيث كان يثني ويشجع كل من يقدم جهداً متميزاً ولا أزال أتذكر قوله إننا لو لم نحصل من تلك المعارض والأنشطة وطرق التدريس الحديثة إلا على هذه الشجاعة والثقة بالنفس من قبل الطلاب لكفى, كما لا أنسى الدور الكبير الذي تقوم به شعبة العلوم بالإدارة من خلال تشجيعها ومتابعتها لكل ما يخدم العملية التربوية والتعليمية.
طالبان متميزان
وبعد انتهاء محاضرة (تكاثر النبات) التي ألقاها طالبان من طلبة المدرسة هما عساف بن ناصر الحواس ومحمد بن عبدالله المسيميري,, وكانا خلالها يتحدثان بكل ثقة وبأسلوب مبسط جذاب يعتمد على وسيلة أعدت من قبلهما بإشراف معلمهما، تحدثنا إلى هذين الطالبين وأكدا لنا أن ما يتمتعان به من ثقة بالنفس ومعلومات دقيقة وأسلوب جذاب إنما يعود إلىتوفيق الله ثم جهد المعلم والمدرسة بشكل عام وتشجيع لا ينقطع من أسرتيهما مشيرين إلى أن هذه المحاضرة واحدة من محاضرات ألقياها في فترات مختلفة وشعرا بالتجاوب الكبير معها من قبل الطلبة والضيوف وأولياء الأمور، وهما كما أشارا أيضاً سعيدان بذلك لأنهما يحبان مادة العلوم ومتفوقان في بقية المواد وهو ما يتمتع به طلاب آخرون كانت لهم محاضرات وتجارب عديدة تم اجراؤها في المختبر ونالت الإعجاب.
رأي الإشراف التربوي
ولنتعرف أكثر على رأي الإشراف التربوي في تلك الخطوات التقينا رئيس شعبة العلوم بتعليم الرس الأستاذ/ سليمان بن محسن العطاالله حيث تحدث إلينا قائلاً:
يعتبر الكتاب المدرسي من أهم مصادر التعلم والتعليم للطالب على حد سواء ومن هنا يأتي اهتمام الوزارة بتطوير المناهج والمقررات الدراسية بشكل مستمر لمواكبة التطور الهائل في العلوم والمعارف الذي يشهده عصرنا الحديث، وهناك لجان وزارية متعددة لهذا الغرض تضم كفاءات عالية وخبراء مختصين في هذا الجانب الحيوي لجيل المستقبل .
كما أن هناك مشروعاً متكاملاً في الوزارة لتطوير المناهج قطع مراحل كبيرة في أداء مهامه وسوف يبدأ تنفيذه ونتائجه قريباً في كافة التخصصات في مراحل التعليم العام وعلى مراحل متتابعة تحقيقاً لتدرج المعارف ليشمل جميع المراحل في حدود عام 1424ه / 1425ه, ولعل من ثمرات التجديد والتطوير المستمر للمناهج ما طرأ على كتب العلوم في المرحلة الابتدائية من تغيير جوهري في طريقة عرض المعلومات والمعارف بعيداً عن اسلوب التلقين والحفظ وتجسيداً لأسلوب التفكير والاستنتاج بشكل علمي لتحصيل المعلومات وإدراك الحقائق والمفاهيم.
مخاوف ورجاء
ويضيف العطاالله قائلاً:
إن ما أخشاه وأحذر منه أن نكون قد غيرنا أسلوب المنهج بينما المعلم لايزال على طريقته التقليدية القديمة المعتمدة على الإلقاء، والاكتفاء بأن يكون الطالب مستمعاً ومتلقياً ومحروماً من المشاركة والتفكير كما يجعل موضوع الدرس ينتهي في غضون عشر دقائق بينما هو يحتاج إلى زمن الحصة كاملاً بل قد لايكفي عندما يتم استخدام أساليب التدريس الحديثة كأسلوب المجموعات وتعويد الطالب على الإلقاء لتعزيز الثقة بالنفس وكسر حاجز الخوف والخجل من خلال إلقاء نماذج من المحاضرات أمام زملائه أو معلميه أو أولياء الأمور، وهو أسلوب مثمر قام بتنفيذه مشكوراً المعلم والمربي الفاضل الأستاذ/ حسن الشبعان في مدرسة أبي بكر الصديق بمحافظة الرس ومن خلال متابعتي لذلك وحضوري للعديد من هذه الخطوات أدركت أثر ذلك في نفوس الطلاب وحبهم للمادة وللمعرفة بشكل عام.
وإنني اعتبرها تجربة رائدة في الميدان التربوي سوف تكون لها ثمار كثيرة على الجميع وهي فكرة من معلم مخلص ونأمل أن نرى العديد من الأفكار من الزملاء في الميدان في كل ما يخدم العملية التعليمية والتربوية .
|
|
|
|
|