| عزيزتـي الجزيرة
ما أظن ان هناك أحداً سيخالفني ولايوافقني في ان مادة الإنشاء من المواد المهمة في مناهجنا الدراسية لانها مزرعة الثقة بالنسبة للطالب وهي من المواد المحببة والمفتوحة أمام الطالب فيستطيع من خلالها ان يسافر في رياض الأدب ويحلق في سماء الأسلوب فيصنع العبارات وينظم الجمل ويركب ويرتب الأساليب ويكون المناخ الدرسي ان جاز التعبير مشبعاً بالنقاش والحوار وتجاذب المواضيع والقضايا بين المعلم والطالب، فمادة الإنشاء في طبيعتها هي مادة تكاملية شعارها الشمولية فليست من المواد التجزيئية التي تأخذ جانباً وتغفل أو تستغني عن الجوانب الأخرى، فلا يستطيع الطالب ان ينشىء إلا عندما يستحضر النحو والصرف والأدب والبلاغة وتسعفه كذلك أثناء كتابته وخطابته مخزونات ثقافية ومعرفية التهمها الطالب وتشربها خلال رحلته الدراسية,, ولكن المشكلة التي نعيشها اليوم ويعاني ويقاسي منها الطالب هي الضمور المنهجي والضعف المعرفي وعدم ارتقاء المناهج بعقلية الطالب وتوسيعها وتثقيفها بل النزول بها إلى مستوى العقلية البسيطة والضعيفة للطالب فكيف يستطيع الطالب ان يكتب وينشىء وليس عنده مايقوم كتابته ويزيد في إنشائه؟ فالنحو مثلاً أصبح قوالب جامدة غامضة يحفظها الطالب وليس بمقدوره معرفة طلاسمها وفك رموزها وعندما تدارك اصحاب المناهج في الوزارة ذلك وأحسوا بالخلل في عرض مواضيع النحو حاولوا تذليل ذلك وتسهيله فقصموا ظهر النحو فحذفوا كل الأمور التي في نظرهم صعبة ولم يفوا إلا بعض النتف النحوية المتجزأة من مكانها وبابها وتسلسلها والمقحمة والمدرجة ضمن الكتاب المدرسي حتى أصبح الطالب يشم رائحة النحو في الكتاب المدرسي ويخرج منه وهو لايحمل نحواً ولايقيم جملة ولايضع عبارة,,أما مادة ,, النصوص والأدب وهي مادة الإثراء والتطوير العقلي والارتقاء الفكري مادة العاطفة والخيال وصقل الفكرة وتنميق الأسلوب ,, هذه المادة لا يستمتع الطالب فيها بقصيدة ولا يتلذذ بخطبة ولايعيش أجواءها ويتعمق في نصوصها فقط يصم الكلمة ومعناها والبيت وشرحه والنص وفكرته والشاعر وتاريخه وحياته لأن هذه هي سياسة المنهج التي ألزم الطالب بها وأجبر عليها فيخرج من المرحلة المتوسطة والثانوية وهو لايحسن قراءة قصيدة أو قطعة نثرية فضلاً عن التلذذ والتعمق بها.
والتغييرات الجديدة في مادة الإنشاء التي جاءت بها الوزارة فيها تناقض عجيب فكيف وقد أضعفت الطالب منهجياً وجمدته لغوياً وجففته فنياً أضخه بهذا المنهج الإنشائي الذي لايستطيع أن يعلمه ولايتعلمه أو يفهمه أصحاب المناهج في الوزارة أنفسهم فضلاً عن الطالب في المرحلة الابتدائية والمتوسطة,.
والمذكرة التي صدرت من الوزارة تحمل في طياتها مشروعاً إنشائياً ناجحاً ومفيداً للطالب وهذا هو المفروض والأساس والأصل الذي يجب ان ينشأ ويتغذى عليه الطالب ولكنه جاء متاخراً جاء في وقت الضمور المنهجي والضعف الطالبي جاء في عصر الترفيه الطالبي عصر شعارات النجاح لا الرسوب ,, فكيف أطالب التلميذ في السنة الرابعة الابتدائية أن يقيم أسلوباً ويناقش موضوعاً ويكون جملة أو في السنة الخامسة والسادسة الابتدائية يخط مقالاً أما في المرحلة المتوسطة فالمهمة صعبة والمسافة طويلة فهناك قصة ورواية ونقاش وحوار ومعالجة قضايا وتفجير أسئلة وطرح أفكار ورؤى فمن أين للطالب الإبداع والابتكار؟ من أين له الأسلوب وكتابة القصة والرواية وهو ليس عنده الآلات والأدوات التي تساعده وتعينه وتسعفه في رحلته الفنية الإبداعية؟
قد يفهم المتلقي من خلال ما سبق أنني ضد الإبداع وضد التطوير والتكثيف المنهجي والحقيقة انني منذ زمن وانا اتمنى ان يستفاد من هذه المادة ان تدعم وتتطور لانها هي الأرضية الخصبة التي يتحرر بها فكر الطالب ويستنبت بها إبداعه ونتاجه ولكنني ضد هذه الفجوة والهوة بين المنهجين ضد هذا التفاوت المنهجي بين المطالب الفنية لمادة الإنشاء وبين مناهج اللغة العربية والإسلامية في كتبنا المدرسية.
خالد عبدالعزيز الحمادا
بريدة
|
|
|
|
|