متى يصبح الإنسان (سيدا) على ما تفرضه عليه الحياة من مواقف ومفاجآت؟,, هل الإنسان يصل إلى هذه الدنيا بسماته النفسية كما يأتي إليها بسماته البيولوجية (الجسمية؟)، أم هل الجانب النفسي من الإنسان يتخلق فيما بعد وحسب كمية ونوعية ظروفه الحياتية ووسائل تنشئته الاجتماعية، والتي أشار إليها الشاعر بقوله:
ينشأ الصغير على ما كان والده
إن العروق عليها ينبت الشجر! |
من الثابت علميا أن الإنسان يفد إلى هذا الكوكب بمشيئة الله وقد تم تطريزه وتفصيله بيولوجياً (جسمياً)، وذلك على النقيض من تكوينه النفسي والذي تبدأ النسبة الغالبة منه بالتخلق والتبلور بعد قدومه إلى هذه الدنيا، فتفاعله اجتماعياً مع بيئته, هذا وبما أن العلم في عصرنا هذا قد استطاع سبر أغوار مجاهل جسم الإنسان عضويا، فقد نجح كذلك في إعادة صياغة وتهذيب ما اكتسبه هذا الإنسان من آليات تفكير وبواعث نفسية وسلوكية سلبية أطلق عليها الشاعر المعري مسمى (الطبع الثاني) بقوله:
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,.
وعادة المرء تدعى طبعه الثاني
إن الجانب النفسي/ السلوكي من الانسان في حال المرض يتميز عن جوانبه الجسدية بخاصية قدرة الإنسان على (التدخل لدىنفسه جراحياً!)، فتغيير سلوكياته، شريطة تسلحه بفضائل الإرادة والعزيمة والإصرار، وما ذلك إلا لكون ما اكتسبه الإنسان بعد مجيئه إلى هذا الكوكب قابلاً (للتنظيف!) والصياغة من جديد، وهذا هو سر شيوع ما تعارف عليه البشر من أقوال ليست سوى نتاج للممارسة والتجريب كقولهم (الإنسان طبيب نفسه,, وما حك جلدك مثل ظفرك,, وانتصار الإرادة على العادة حياة مستعادة,,)، وهلم جرا.
هنا وعلى ضوء ما سبق مناقشته، هل تعتقد إن لديك عللاً نفسية/سلوكية أعياك البحث عن علاج لها؟ حسناً، أنت طبيب (نفسك!) فبادر من الآن بالاستفادة من مخزون ارادتك ودروس وعبر تجاربك الحياتية في سبيل تغيير ما ترى (فيك) من سلوكيات بحاجة إلى تغيير, إن في تعاملك بواقعية (ووجهاً لوجه) مع ظروف الواقع لسلاح فاعل من شأنه امدادك بالإرادة والثقة للتغلب على ظروفك الراهنة,, واضعاً نصب عينيك أن (في التجارب علم مستأنف)، أي: علم جديد ليس من شأنه تغييرك إلى الأفضل فحسب، بل تأهيلك، فقيامك بمسؤوليتك تجاه مساعدة الآخرين ممن تعوزهم ذخائر التجربة والخبرة والبصيرة، وذلك عن طريق افادتهم من معين تجاربك الذاتية، وبث الأمل فيهم برفق وحنان وحكمة، فمدهم بوقود اختزال واختصار المسافة الضاربة بأطنابها بين قهر ظروف ما اكتسبوا من سلوكيات سلبية، ومحاولاتهم اليائسة للانعتاق من براثن هذه الظروف ,,,,, (جرب على الأقل!) واستغل هذه الأجواء العيدية المباركة، متوكلاً على الله سبحانه وتعالى، وحسبك أن من يتوكل على الله سبحانه فهو حسبه ونصيره بالدنيا والآخرة,.
* للتواصل: 454 - الرياض 11351
|