| مقـالات
أكتب هذا المقال ونذر الخطر تطبق علينا من أقطار الأرض الأربعة تشعلها أساطين الشيطان وتكاد تلفنا في ليل دامس لا فجر له.
أقدم هذا وأساطيل الهول والبوارج العملاقة، وأسلحة الدمار بكل أنواعها تتحفز للانقضاض على أمتنا الإسلامية وتتهيأ للصراع وتعد العدة للخطر الداهم الذي لا يبقى ولا يذر.
وإذا كان كذلك فلماذا الجهاد في شريعة الإسلام؟
ولما خرج المسلمون الأوائل من الجزيرة العربية وانداحوا في أركان الأرض خرجوا تكريماً للإنسان لا ليفرضوا دينهم بالقوة وبحد السلاح.
يقول الله تعالى :لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
1 فضل الجهاد في سبيل الله:
قال الله تعالى في سورة التوبةآية 111 :
إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم .
وقال تعالى في سورة الصف الآيات 10 و 11 و 12 :
يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم من ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله, قيل: ثم ماذا ؟ قال: الجهاد في سبيل الله, قيل : ثم ماذا قال: حج مبرور.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس أفضل؟ قال مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله, قال:
ثم من: قال: ثم مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويريح الناس من شره.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة الرجل ستين سنة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يارسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: لا تستطيعونه، فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: لا تستطيعونه، ثم قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صلاة أو صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً وجبت له الجنة.
فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعدها علي يارسول الله، فأعادها عليه، ثم قال:
وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، مابين كل درجتين كما بين السماء والأرض، قال وما هي يارسول الله؟ قال جهاد في سبيل الله .
وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت أبي وهو بحضرة العدو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، فقام رجل رث الهيئة فقال: يا أبا موسى أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال: نعم، فرجع إلى أصحابه فقال: أقرأ عليكم السلام، ثم جفرن سيفه جرابه الذي يحفظ فيه فألقاه ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل.
وعن البراء رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد، فقال يارسول الله أقاتل أو أسلم؟ قال أسلم ثم قاتل، فأسلم ثم قاتل فقتل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمل قليلاً وأجر كثيراً.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبداً.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة زمناً يسيراً جداً وجبت له الجنة ومن جرح جرحاً في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها الزعفران وريحها ريح المسك.
ما يجب على المقاتل في سبيل الله.
* الإخلاص لله: والإخلاص لله تعالى معناها أن يخلص نفسه من أية غاية سوى رضاء الله سبحانه، وأن تكون نيته في الجهاد خالصة لوجه الله، ولا يريد به إلا إعلاء كلمة الله سواء كان قتاله هجومياً أو دفاعياً، أعني هجومياً من أجل الدفاع فإن أنفس المسلمين وأموالهم وأعراضهم يجب الدفاع عنها وجوباً كفائياً أو عينياً، كما سيأتي والدليل على وجوب الإخلاص قوله تعالى:وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء سورة البينة أي بعيدين عن الباطل.
وقوله تعالى:فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً سورة الكهف.
وقوله صلى الله عليه وسلم:من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله .
* الثبات وعدم الفرار أثناء المعركة:
قال تعالى: يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم يؤمئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جنهم وبئس المصير سورة الأنفال , هذا خطاب من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين، ينهاهم عن الهروب والفرار أثناء المعركة بغير إذن من القائد مع ترك باقي الجند أمام العدو، فإن ذلك يسلم جند المؤمنين لعدوهم، ويمكنه من قتلهم أو أسرهم، ويعتبر ضعفاً وجبناً أمام العدو، ويطمع هذا العدو في المسلمين, فإن كان الهرب بإذن القائد، أو كان من أجل خدعة قتالية، أو من أجل أن يلتقي الفار بمجموعة من الجنود يشد أزرها ويحتمي بقوتها، فإن هذا الفار لا يؤاخذه الله ولا يعاقبه، ومن يهرب بغير إذن من الشرع فهو في جهنم يعذب يوم القيامة على هذا الذنب الكبير الشنيع.
ذكر الله وترك التنازع والصبر:
وهذه الثلاثة واجبة عند المعركة وأثنائها، لأن الذكر يشغل الإنسان بربه،
ويجعله يعتمد عليه تعالى وحده، ويقربه من رضاء الله وعفوه، وخصوصاً الاستغفار والدعاء, وقد مدح الله السابقين من المؤمنين لثباتهم في الجهاد واستغفارهم ربهم وإلحاحهم في الدعاء, فقال تعالى:
وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثيرفما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، والله يحب الصابرين، وما كان قولهم إلا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين سورة آل عمران .
طاعة الأمير في غير معصية:
كل مقاتل في جماعة ولو كانوا ثلاثة وجب أن يكون لهم أمير، وطاعة الأمير واجبة سواء أكان معيناً من قبل القائد العام أم اختاره من معه، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله, ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني .
صيانة أسرار الجيش والدولة:
إن ذلك هام جداً وقت المعركة فربما أفشى واحد سراً إلى عدو أو غيره فعرف السر فضاع بسبب ذلك الجيش أو ضاعت الأمة.
يقول الله تعالى:ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم
سورة التوبة .
* خاتمة
إن الجهاد من أعظم فرائض الإسلام، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ذروة سنامه وفضل الله المجاهدين على القاعدين، ولقد قمت في بحثي هذا باستعراض فضل الجهاد في سبيل الله ومنزلته وما أعده الله جل وعلا للمجاهدين في الجنة، كما قمت باستعراض الواجبات التي يجب أن تتوافر في المجاهد فإن كنت قد وفقت فمن الله وحده، وإن كنت غير ذلك فمني والشيطان,, والله من وراء القصد.
*المراجع الهامة
1 الجهاد/ لشيخ الإسلام ابن تيمية الطبعة الأولى 1411 ه 1991م دار الجبل بيروت
2 فقه الجهاد/ شيخ الإسلام بن تيمية، الطبعة الأولى 1412ه 1992م دار الفكر العربي للنشر والتوزيع.
الجهاد ميادينه وأساليبه / دكتور محمد نعيم ياسين الطبعة الرابعة 1413 ه 1993 م دار النفائس للنشر والتوزيع.
4 الجهاد والفدائية في الإسلام/ حسن أيوب الطبعة الثانية 1403 ه 1983م دار الندوة الجديدة بيروت لبنان
,, وللمزيد من الفائدة, كتاب/ فدائيون للدكتور/ احمد الشرباصي.
|
|
|
|
|