| الاقتصادية
يواجه العالم العربي مرحلة جديدة من مراحل التطور الاقتصادي في ظل العولمة أو ما يسمى بالكوكبة والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وهي مرحلة معقدة جدا تحكمها المنافسة والقوة ويواجه فيها الاقتصاد العربي صيغا شتى لاحتوائه وتشكيله حسب مصالح القوى الأكثر قدرة على التنافس في النظام الجديد وحرمان العالم العربي من تهيئة مناخ أفضل لعمل عربي مشترك، وتهميش دوره ككتلة اقتصادية تحاول القيام من عثرتها لبناء مشروعات التكامل الاقتصادي واستغلال امكانات التعاون والتبادل والاتصال إلى مراحل متقدمة.
وما يهمنا هنا هو أحد أهم وأبرز أوجه تمويل المشروعات وهو رؤوس الأموال العربية المهاجرة والتي رأى بعض الخبراء العرب أنها تشكل خسارة كبيرة للعرب وهي دعامة للاقتصاد الأجنبي، وقد تم وضع نقاط جذب وتشجيع لعودتها إلى أحضان الاقتصاد العربي تتلخص فيما يلي:
أولاً : تهيئة المناخ الملائم للاستثمار عن طريق توفير الضمانات المختلفة للأموال العربية المهاجرة داخل الوطن العربي وفق الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية وعبر اتفاقات المؤسسة العربية للاستثمار العام.
ثانياً : تشجيع الاستثمار في القطاعات التي تحددها الجهات العربية المختصة في الوطن العربي عن طريق وضع ترتيبات ونظم تكفل تشجيع مساهمة الأفراد والهيئات في الأوراق المالية الأسهم والسندات في نطاق العالم العربي.
ثالثاً : دعم الهياكل والأنشطة التي تكفل زيادة التعاون المالي العربي بما يكفل جذب وتشجيع المدخرات والودائع والأموال وضخها في المؤسسات المالية والمصرفية العربية.
وقد رأى الخبراء العرب أن ما من شأنه وضع دراسات وتوصيات لإعادة تنظيم البورصات العربية أن يعيد الثقة في الاستثمار المحلي وفق نظم اتحاد البورصات العربية الذي قام عام 1981م والذي قام بدوره في التنسيق بين البورصات العربية وقدم المساعدات لانشاء بورصات جديدة وقدم الوسائل الكفيلة بقيام روابط بين البورصات العربية مثل الربط بين بورصات مصر وبيروت والكويت.
تلك الجهود بتقديري لا تزال لم توفر المناخ الملائم لرؤوس الأموال العربية المهاجرة والتي قدرت حسب احصائية صدرت من البنك الدولي بحوالي 680 مليار دولار، وفي احصائيات أخرى لبعض المؤسسات للدراسات الاستيراتيجية قدرت بأنها تزيد على 1000 مليار دولار في حين أن ما هو مستثمر فيها في الوطن العربي لا يتجاوز 5% خمسة بالمائة فقط.
إن هذه الأرقام الضخمة تشير بوضوح على عدم الثقة بالأسواق العربية,,, بسبب عدم استيعاب التشريعات المالية العربية للتطورات التي تجتاح العالم وعدم مواءمتها لمتطلبات أصحاب رؤوس الأموال.
وبتقديري أن هناك دورا مهما يجب أن يقوم به الاقتصاديون العرب وهو دراسة المتغيرات الجديدة وفق تحليل اقتصادي علمي ودقيق والبحث عن سبل لمساهمة الرأس مال المحلي والمهاجر حيث ان له أولوية في استيراتيجية البناء العربي محلياً وإقليمياً كونه يملك إمكانات الاستقرار وقبول المنافسة والتحدي لتمويل السوق ومن ثم تتبعه رؤوس الأموال الأجنبية الأخرى.
إن على رجال الاقتصاد العرب تبيان الضرر على تطبيق الصيغ التقليدية ونقل الاقتصاد العربي إلى العهد الاقتصادي الجديد وتضييق الفجوة بين تقنيات الدول العربية التقليدية والعالم المتطور كي نحوز على ثقة الاستثمارات العربية المهاجرة بدلا من أن تدعم اقتصادات الأسواق الأجنبية، فالمنطقة العربية لا تزال تملك فرصا استثمارية كبيرة وواعدة وعلى الخبراء والاقتصاديين العرب المساهمة لكشف مجالات الاستثمارات الكبرى عن طريق الندوات والمؤتمرات مثل مؤتمر المشاريع العملاقة الذي نظمته الهيئة الملكية للجبيل وينبع بالتعاون مع الاتحاد الدولي للتنمية والذي عقد في منتصف نوفمبر 2000م من أجل اطلاع المستثمرين على مجالات الاستثمار المتعددة والمغرية وكيفية الاستفادة من التسهيلات المقدمة للمستثمرين والنجاحات التي حققتها الاستثمارات الأجنبية المشتركة العملاقة داخل المملكة.
المؤتمر الأول للفرص الاستثمارية والذي جاء ضمن سلسلة المؤتمرات الدولية العملاقة التي نظمها اتحاد التنمية الدولي حتى الآن، إذ نظم الاتحاد مؤتمر 1999م في مدريد و1997 في باريس و1996 في سان فرانسيسكو و1995 في أوساكا و1994 في برشلونة و1993 في سنغافورة و1992 في هونولولو، هذه المؤتمرات تقدم خدمة كبرى للمستثمرين حيث يتعرفون على حجم الاستثمارات وامكانات التسهيلات والمزايا المضمونة والتي لا تقل عما يحصل عليه المستثمرون العرب في الخارج.
إن الأموال العربية المهاجرة خير معين على مواجهة العولمة وكسب جولاتها، فالحروب القادمة قادها رجال الأعمال والمال، وسلاحها المال وساحات معاركها الأسواق في العالم، فهل نكسب هذه الجولة بعد خسائرنا في ساحات أخرى.
والله ولي التوفيق،
|
|
|
|
|