| مقـالات
لقد شهد فلاسفة الغرب ومفكروها بأن السعادة في هذا القرن قد ضاعت من حضارة وتقدم الغرب، الى درجة ان يقول برتراندرسل: ان حيوانات عالمنا يغمرها السرور والفرح، على حين كان الناس أجدر من الحيوان بهذه السعادة، ولكنهم محرومون من نعمتها في عالمنا الحديث، ولقد أصبح من المستحيل الحصول على هذه النعمة أي السعادة .
ويقرر روجيه جارودي ان الحضارة الغربية تمضي بالعالم الى الهاوية بما انتجته من آلات واختراعات تملأ حياتنا وتغزونا من كل جانب وتشوش تصورنا ويضيف ان العلوم الغربية أدت الى تدمير ستين 60 مليون انسان منذ الحرب العالمية الثانية وقنبلة هيروشيما شاهد على ذلك، واذا استمرت الاوضاع على ما هي عليه فاننا سنواجه أضعاف ما عشناه ويلات وكوارث.
وينادي ألكسيس كاريل بضرورة قلب الحضارة الغربية، وظهور فكرة أخرى للتقدم البشري ويقول ان من الواجب ان يحوّل اهتمام البشرية من الآلات وعالم الجمادات الى جسم الانسان وروحه الى العمليات العقلية والعضوية التي ابتدعت الآلات وابتدعت دنيا نيوتن واينشتين ويقول كذلك: ان أحدا لا يطيع الأخلاق اليوم فقد نبذ الانسان العصري كل نظام في سبيل شهوته اننا قلما نشاهد أفرادا يتبعون مثلا أخلاقيا أعلى، في تصرفاتهم في هذه المدنية العصرية .
ويقول نورثروب: ان عالمنا هذا عالم متناقض فالمنجزات التي تمثِّل أمجاده هي التي تهدده بالدمار ويبدو اننا كلما تقدمنا في الحضارة، فقدنا القدرة على الحفاظ عليها .
ويقرر كونكلين في كتابه الانسان: الواقع والمثال ان الجنس البشري الآن في أشد أزمة مرَّ بها في تاريخه الطويل .
ويقول هارولد تيتوس: ان نظرة الغربيين الى الانسان تنطوي على خطأ قاتل، والدليل على ذلك هو مسيرة الأحداث في العقود الأخيرة من هذا القرن التسعينات ، لقد فاز الانسان بقوى جديدة كبرى في مجالات العلم والتقنية، بَيدَ ان هذه القوى استخدمت لأغراض التدمير بكثرة زائدة ولقد حدد الانسان بسرعة، نطاق معرفته وجوّد نوعيتها، بَيدَ انه لم يتقدم نحو السعادة، وخفض العيش الا قليلا، ولقد صمم الانسان المخططات وأنشأ المؤسسات العديدة ليفوز بمزيد من الأمن والراحة، ومع ذلك فهو يعاني من الخوف .
أما جوليان هكسلي فيقول: إن هذه الحقبة حقبة شديدة الحرج يسودها العنف والصراع والثورة والدمار والوحشية والأخطار النووية والذرية والانفجار السكاني والتلوث البيئي والانفصام الايديولوجي والاضراب العام .
ويقول لويس ممفورد: الخوف والكراهية والشك والعنف أصبحت جميعا وباءً مستوطناً .
أما هلبرونر فيقول: كل الآراء المتفائلة قد باءت بالفشل حقا، لم يعد السؤال البيِّن هو عما اذا كانت قوى التقنية والديمقراطية والرأسمالية هي العوامل التي تبشِّر بمستقبل زاهر، بل أصبح السؤال عن درجة مسؤولية هذه العوامل عن الآثار الحاقدة والمدمرة التي تولدت عن الماضي .
وفي هذا الصدد يقول اريك فروم: العالم الغربي في طريق مسدود، لقد حصل على الكثير من الأمور الاقتصادية وفقد أي معنى وهدف في الحياة، وبدون هذا، فان المجتمع الغربي مثل أي مجتمع آخر في الماضي لابد من ان يفقد حيويته وقوته الداخلية .
ويقول بيتريم سوروكين: ان كل جانب من حياة المجتمع الغربي ونظامه وثقافته، انما هو في أزمة طاحنة ان جسد المجتمع الغربي مريض وعقله مريض ولا تكاد توجد نقطة صغيرة واحدة على جسده إلا ويعتورها الألم .
هذه آراء سجلها قادة ومفكرون وفلاسفة غربيون هي المعبِّر الحقيقي عما تعانيه الحضارة المادية الغربية من عجز في تلبية حاجات الانسان الضرورية، ومدى ما تركته من آثار مدمرة على البشرية, ان الخلل في موقف الغرب هو خلل ثقافي، بل في قلب الثقافة وجوهرها ألا وهو النظرة الى الانسان ,,.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|