| العالم اليوم
بعد أن هدأ ضجيج وصخب مبادرة الرئيس كلينتون، التي صورتها وسائل الإعلام وكأنها الترياق الذي سيحقق السلام الدائم ويعطي الفلسطينيين الحل الذي ينشدونه,, وبعد كل ما تكشّف وظهر في الأيام الماضية، يمكن تناول هذه المبادرة بتروٍ وتحليل نحاول أن نكون محايدين مع إقرارنا باستحالة أن تكون حيدة خالصة، لأن الكاتب العربي لا يمكن أن يتخلى عن انتماءاته القومية ولا ارتباطاته الدينية ولا حتى إنسانيته وضميره، لأن السيد كلينتون يتناول قضية دينية وقومية وإنسانية، فالقضية الفلسطينية تشكل هاجساً وهمّاً عربياً وإسلامياً وإنسانياً، لأن الفلسطينيين العرب مسلمين ومسيحيين، بشر ُسلبت حقوقهم، ويكاد أن يكونوا الوحيدين على أرض البسيطة الذين تناساهم الضمير العالمي، وإن تذكرهم فلكي يكونوا قنطرة يعبر عليها أصحاب الضمائر التي تستيقظ فجأة,, ولكن لتحقيق مصلحة ذاتية,, لصاحب المبادرة كالسيد كلينتون أو لمصلحة حزب أو نظام، ولا حاجة لنا لذكر الأحزاب والأنظمة التي استفادت من القضية الفلسطينية فشكلت مبرراً لبقاء تلك الاحزاب واستمرار الانظمة التي جاء أغلبها عن طريق انقلابات عسكرية كان بيانها الأول يتضمن فقرات مطولة عن فلسطين وتحرير فلسطين,.
ومنذ أن اخذ الفلسطينيون المبادرة تلوا العمل، ثورة، وعملاً فدائياً، ثم انتفاضة وهذا ما جعل أصحاب الضمائر ,, واصحاب المصالح يتكاثرون وينشطون للعمل بعقد المؤتمرات، وتهيئة الاتفاقيات,, والأفكار والمبادرات، وقد تابعنا كل هذه الأصناف والتي آخرها مبادرة السيد كلينتون، والتي ظهر انها من اولوياتها تحقيق إنجاز لكلينتون نفسه الذي يريد من وراء تحقيقه أن يختتم عهده بعمل لم يسبقه إليه احد,, إنجاز يغطي كل ما ارتكبه من تجاوزات أخلاقية ,, إنجاز ينسي الناس ما فعله مع مونيكا لتبقى ذكرى تحقيق سلام يوقف صراع استمر اكثر من نصف قرن.
ومثل هذا الهدف لو كان هدفاً نبيلاً خالصاً ويسعى لتحقيق العدل والمساواة وإنصاف المظلومين، وإعادة الحقوق لأهلها لكنا كعرب ومسلمين وحتى كإنسانيين دعمناه ووقفنا نشد من أزره,, بل حتى نلغي من ذاكرتنا كل أفعاله,, ولكن أن يسلق مبادرة يهضم بها حقوقاً اساسية للشعب الفلسطيني، ويترك ملايين البشر لاجئين مشردين لمجرد ان يساعد سياسيا اسرائيليا للعودة الى رئاسة الحكومة الاسرائيلية، فهذا لا يجعل الناس ينسون تجاوزات كلينتون، بل تضاف إليها خطيئة اخرى وبالذات لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
وحتى لا نذهب بعيداً في تشكيكنا بمبادرة كلينتون من الأفضل أن نعرض اهم النقاط في تلك المبادرة كما اوردتها وكالة الأنباء الفرنسية استناداً إلى الملاحظات التي سجلها مسؤولون امريكيون اثناء لقاء في البيت الأبيض في 23/كانون الأول ديسمبر وهذه الملاحظات التي نشرها مركز المعلومات الفلسطيني في القدس:
الأراضي:
بيل كلينتون: اعتقد ان الحل سيسمح للدولة الفلسطينية بالانتشار على مساحة 94 الى 96% من اراضي الضفة الغربية (مع العلم ان الفلسطينيين سيسترجعون 100% قطاع غزة).
وفي مقابل الجزء الذي ضمته اسرائيل، سيكون على الدولة اليهودية ان تعطي من 1 الى 3% من اراضيها بالاضافة الى معبر دائم آمن (بين الضفة الغربية وقطاع غزة).
وينبغي ان يشكل الجزءان خريطة تستجيب للمعايير التالية:
80% من المستوطنين اليهود سيبقون في مجمعات استيطانية.
تواصل الأراضي.
تخفيض عدد المناطق التي تضمها اسرائيل الى الحد الأدنى.
تخفيض عدد الفلسطينيين الذين سيتأثرون (بهذا الضم) الى الحد الادنى.
الأمن:
الرئيس كلينتون يؤيد حضورا اسرائيليا على مواقع ثابتة في وادي الاردن (شرق الضفة الغربية، وعلى الحدود الاردنية)، تحت سلطة قوة دولية ولفترة محددة، قابلة للتعديل، من 36 شهرا.
القدس:
بيل كلينتون: المبدأ العام هو أن المناطق الآهلة بالسكان العرب هي مناطق فلسطينية والمناطق الآهلة باليهود هي مناطق اسرائيلية، وان هذا المبدأ ينبغي ان يطبق ايضا على المدينة المقدسة .
وفي موضوع الحرم القدسي/ جبل الهيكل، يعتزم الرئيس الامريكي إيجاد حل يضمن الرقابة الفعلية للفلسطينيين على الحرم القدسي مع احترام معتقدات الشعب اليهودي .
ويقدم الرئيس كلينتون اقتراحين:
إما سيادة فلسطينية على الحرم القدسي وسيادة اسرائيلية على حائط المبكى بالاضافة الى سيادة على المجال المقدس لدى اليهود في اشارة الى المسطح السفلي للحرم القدسي.
وإما سيادة فلسطينية على الحرم القدسي وسيادة اسرائيلية على حائط المبكى وتقاسم السيادة على مسألة الحفريات تحت الحرم القدسي وخلف حائط المبكى .
اللاجئون الفلسطينيون:
بيل كلينتون: المبدأ الأساسي هو أن تكون الدولة الفلسطينية الموقع الرئيسي للفلسطينيين الذين يقررون العودة الى المنطقة، من دون استبعاد إمكانية أن تستقبل اسرائيل بعض هؤلاء اللاجئين .
وبصورة ملموسة، فإن قرار استقبال لاجئين فلسطينيين يعود اتخاذه الى اسرائيل, وسيتم تشكيل لجنة دولية لضمان متابعة ما يتعلق بالتعويضات والاقامة,,.
نهاية النزاع:
بيل كلينتون يقترح أن يمثل هذا الاتفاق بوضوح نهاية النزاع وان يضع تطبيقه حداً لأي مطالبة.
غداً مواقف الفلسطينيين والعرب
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|