أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 31th December,2000العدد:10321الطبعةالاولـيالأحد 5 ,شوال 1421

محليــات

سمو ولي العهد يخاطب القمة الخليجية الـ 21
من العبث التحدث عن جبهة عسكرية موحدة في غياب جبهة سياسية موحدة ومتجانسة
مدعُوّون لبلورة استراتيجية بعيدة المدى تشكل المرجعية في العلاقات والمفاوضات الخليجية مع الدول والتكتلات والمنظمات الدولية
* * المنامة رئيس التحرير جمال الياقوت واس
وجه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني رئيس وفد المملكة العربية السعودية الى مؤتمر القمة الحادي والعشرين لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس الكلمة التالية الى المؤتمر.
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
صاحب السمو الأخ الرئيس,.
الاخوة الأشقاء قادة دول المجلس,.
السادة أعضاء الوفود الكرام,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
يطيب لي ونحن نستهل أعمال الدورة الواحدة والعشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ان اتقدم بخالص التهنئة لأخي العزيز سمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير دولة البحرين على تبوئه رئاسة المجلس الأعلى في دورته الراهنة متمنيا لسموه التوفيق والسداد.
ولا يفوتني في هذا الصدد ان أعرب لسموه ولشعب البحرين الشقيق عن عظيم الامتنان لما لقيناه من حسن الاستقبال وكريم الوفادة في ربوع هذا البلد العزيز على قلوبنا جميعا.
أيها الاخوة,.
انقضى عام آخر من تاريخ مسيرتنا الخيرة اعتمدنا خلاله المزيد من الخطوات والبرامج في اطار سعينا المشترك لتحقيق ما نصبو اليه من التعاون والتعاضد خدمة لدولنا ومواطنينا وفق الأهداف والغايات التي نص عليها النظام الأساسي للمجلس.
وحين نجتمع اليوم لنتدارس ما حققناه وما يتوجب علينا تحقيقه تتداعى في أذهاننا الكثير من الرؤى والأفكار ازاء ما هو مطلوب منا في هذه المرحلة من تاريخ هذا الكيان التعاوني الذي نجتمع اليوم في ظلاله وتحت كنفه.
لقد أصبح لدينا بعد انقضاء كل هذه السنين من تاريخ مسيرتنا رصيد جيد من الخبرات والتجارب التي تتيح لنا تقييم هذه المسيرة التعاونية على النحو الذي يسهم في تعزيزها ويساعد على تلبية طموحات وآمال المواطن الخليجي.
وانطلاقا من هذه الحقيقة فقد عمدنا في الدورة العشرين للمجلس الاعلى الى تبني جملة من الخطوات المحددة بغية تدعيم التعاون الاقتصادي وتشجيع التبادل التجاري بين دولنا وتمكنا في هذا السياق من تحديد العديد من التصورات والتوصيات ذات العلاقة بالانسان والبيئة وتطوير مناهج التعليم ووضع الأسس والدعامات اللازمة من أجل إنماء استراتيجية تعليمية وثقافية مشتركة ولابد لي في هذه العجالة من التنويه بالجهود التي بذلتها الهيئة الاستشارية في اطار السعي لبلوغ الأهداف ضمن استراتيجية مقترحة لتحقيق التنمية الشاملة بمختلف جوانبها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
والمأمول من مجلسكم الموقر ان يحدد أولويات هذه الاستراتيجية وان يتخذ التوصيات المناسبة ازاء المرئيات والملاحظات الواردة في التقرير المرفوع من الهيئة الاستشارية حيال هذا الموضوع.
وعلى صعيد علاقات دول المجلس بالكيانات الاقتصادية فنحن مدعوون لبلورة استراتيجية بعيدة المدى لتشكل الأساس والمرجعية في العلاقات الدولية, وان الهدف من مثل هذه الاستراتيجية هو خلق قوة تفاوضية جماعية لدعم مركز دول المجلس التفاوضي مع الأطراف الأخرى في مجالات الاستيراد والتصدير.
سمو الرئيس,.
أيها الأخوة الأعزاء,.
اذا كان التعاون الاقتصادي يمثل القاعدة والمنطلق لتوفير الرخاء والازدهار لمواطني مجلس التعاون عبر ايجاد شبكة من المصالح المشتركة والمتبادلة فان تنمية قدرة دفاعية ذاتية وفاعلة لردع أي اعتداء محتمل على دولنا يشكل ضرورة قصوى لا يجوز التقليل من أهميتها أو الاستهانة بها وهذا الأمر كما هو معروف يتطلب منا جميعا التحرك بكفاءة وحزم في اتجاه النهوض بقدرات المجلس الدفاعية ليتسنى لنا مواجهة التحديات الراهنة والمحتملة.
ان ما تم انجازه في هذا المجال يظل محل تقديرنا إلا انه ما زال امامنا الكثير مما يتعين علينا بذله وتسخيره لبناء القوة الذاتية المطلوبة في اطار استراتيجية دفاعية واحدة تضع في خدمة الأمن الخليجي كل ما هو متوفر لدينا من قدرات بشرية ومادية, واذا ما أردنا لقوتنا العسكرية أن تكون فاعلة ومثمرة فإن من الضروري ان تستند هذه القوة على ارادة سياسية ورؤية مشتركة وموقف موحد ازاء كيفية التعامل مع الأحداث والتطورات المحيطة بنا, ان تعدد وجهات النظر وتنوع الاجتهادات أمر محبب في صياغة المواقف خلال مراحل الدراسة والاعداد سواء على الصعيد السياسي أو الأمني, غير انه متى ما توصلنا الى اتفاقات أو قرارات محددة فإنه يتعين علينا الالتزام بها والاستجابة لمتطلباتها, ان من العبث التحدث عن جبهة عسكرية موحدة في غياب جبهة سياسية موحدة ومتجانسة, ولكي تكون هذه الجبهة فاعلة ومؤثرة فلابد من الالتزام الكامل بسياسات واحدة وألا نقف عند حدود البيانات والتصريحات أو القرارات التي لا تجد طريقها الى التنفيذ, فالمتوقع منا ان نمضي قدما نحو التطبيق الفعلي لكل ما سبق التفاهم عليه في الشأن الدفاعي والشؤون الأخرى.
أيها الأخوة,.
ما زلنا نواجه على الساحة السياسية نفس القضايا التي شغلت حيزا كبيرا من اهتمامنا وشكلت مصدرا مستمرا للتوتر وعدم الاستقرار في منطقتنا ويأتي في مقدمة هذه القضايا القضية الفلسطينية والوضع المتفاقم في الأراضي المحتلة والناجم عن العدوان الوحشي المستمر من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد ابناء الشعب الفلسطيني الباسل.
وإننا إذ نحيي انتفاضة الأقصى المباركة ونترحم على أرواح الشهداء الأبرياء نجدد دعمنا ومساندتنا لنضال إخوتنا الفلسطينيين من أجل نيل حقوقهم المشروعة والدفاع عن قدسنا الشريف ومقدساتنا الطاهرة, ولقد كان لنا في كل محفل ومؤتمر موقف ثابت حرصنا على ابرازه والتأكيد عليه وهو ان القدس الشريف قضية عربية اسلامية غير قابلة للتنازل والمساومة وتشكل جزءا من الأراضي العربية المحتلة التي تسري عليها قرارات مجلس الأمن, وعندما طرح هذا الأمر في قمتي القاهرة العربية والدوحة الاسلامية بادرت دول مجلس التعاون الى الاعراب عن الاستعداد للاسهام في كل جهد عربي وإسلامي من شأنه مساندة الشعب الفلسطيني في صموده وكفاحه من أجل اقامة دولته المستقلة والتأكيد على محورية موضوع القدس في عملية السلام التي أصبحت في حكم المنهارة تماما نتيجة لسياسات وممارسات الحكومة الاسرائيلية, ان الحاجة أصبحت ماسة الآن لتوفير الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع صنوف القهر والعدوان الذي تمارسه قوات الاحتلال الاسرائيلي حيث المواجهة بين الطرفين أبعد ما تكون عن التكافؤ وأقرب ما تكون الى أسلوب القتل المتعمد ومما يزيد في تفاقم الوضع استمرار الحصار الظالم الذي فرضته الحكومة الاسرائيلية على الأرض المحتلة لمضاعفة آلام ومعاناة الاخوة الفلسطينيين مستخدمة في ذلك جميع أساليب التضييق والتجويع بقصد تدمير الاقتصاد الفلسطيني.
ان عملية السلام لا يمكن ان تقوم لها قائمة مالم يتحرك المجتمع الدولي لوضع حد لهذه التجاوزات الاسرائيلية الخطيرة.
أيها الاخوة:
ان قدرتنا على مواجهة التحديات يضعفها ويحد من فعاليتها الخلل الذي يعاني منه نظامنا العربي والذي ترتب عليه الكثير من الوهن والشقاق في صفوف العرب, ولقد تجلى هذا الخلل بكل وضوح إبان الغزو العراقي لدولة الكويت الشقيقة حين تعرضت الشرعية العربية لتحد سافر لم يسبق له مثيل فبدلاً من أن يقف العرب موقفاً جاداً وحازماً لنصرة الكويت اعمالاً لاتفاقية الدفاع العربي المشترك وتكريساً لأسس ومبادىء ميثاق الجامعة العربية انتهجت بعض الدول العربية سبيلاً من شأنه خلط الأوراق وقلب الحقائق.
واليوم وقد تعالت الأصوات الداعية لعودة العراق نود أن نؤكد اننا مع هذه العودة ومع استعادة العراق لدوره الطبيعي في الساحة العربية, إلا انه يتعين على الدول العربية في نطاق سعيها لاعادة تأهيل العراق ألا تكرر الأخطاء ذاتها أو تقفز على مواطن الخلل الذي ابتلى به النظام العربي فالمطلوب منا في هذه المرحلة أن نأخذ بعين الاعتبار اضافة الى الظروف الانسانية الصعبة التي يمر بها الشعب العراقي مجمل العوامل الأساسية التي نجمت عنها هذه الحالة فالعمل الحثيث من أجل استئناف العراق لدوره كاملاً داخل الأسرة العربية لابد أن يصاحبه جهد مماثل لازالة ما يمكن ان يشجع العراق على الاقدام على شن عدوان جديد,
ان عودة العراق يجب أن تأتي ليس من باب الصفح عما اقترفه وتسبب في حدوثه من محن ولكن من زاوية التأكيد على ضرورة التقيد بأسس وقواعد الشرعية العربية والدولية وأهمية أن يصدر عن العراق ما يدلل على جديته وصدق نواياه لبدء صفحة جديدة مع جيرانه.
أيها الاخوة:
وفي اطار سعينا الحثيث لارساء دعائم الأمن والاستقرار في منطقة الخليج وتهيئة الظروف الملائمة للتعاون المثمر بين دول المنطقة فقد قطعنا شوطاً جيداً في طريق تحسين العلاقات مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وفتح صفحة جديدة ترتكز على التنمية والمنافع المتبادلة, إلا ان ما يعيق هذا التوجه ويبطئ وتيرته استمرار مشكلة الجزر الثلاث التابعة لدولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة, وفي تعبير جاد ومخلص من جانبنا لخلق أرضية تساعد على معالجة هذه المشكلة فقد تم تشكيل لجنة خاصة أوكل اليها مهمة وضع آلية لبدء المفاوضات المباشرة لحل قضية الجزر بالطرق السلمية والتي رفعت الينا تقريرها عما بذلته من جهود واتصالات في هذا الشأن ويتضح لنا من تقرير اللجنة انها لم تجد من الحكومة الايرانية ما كانت تتطلع اليه من التجاوب المأمول مما قد يتسبب في هدر فرصة ثمينة لحل هذا النزاع المزمن إلا ان الأمل ما زال يحدونا في أن نجد من حكومة ايران ما يدلل على استعدادها للتجاوب مع المبادرة المطروحة من خلال التعامل الايجابي مع جهود اللجنة الثلاثية بغية الوصول إلى حل عادل سيكون بلا شك لمصلحة البلدين الجارين ويؤدي الى تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج.
سمو الرئيس:
أيها الاخوة الأفاضل,.
ان أحوج ما نكون إليه ونحن نستشرف حقبة جديدة من تاريخ مسيرتنا المباركة ان نؤكد ثقتنا وايماننا بجدوى وأهمية هذا التجمع الخليجي الذي أثبت قدرته على الاستمرار والتماسك رغم كل ما واجهه ويواجهه من تحديات وصعوبات أياً كان مصدرها ونوعها واذا كنا لم نتمكن حتى الآن من تحقيق جملة الأهداف والتطلعات التي نص عليها نظامنا الأساسي فيجب ألا يكون ذلك مدعاة لخيبة الأمل وتبدد الحماس في نفوسنا وانما يكون حافزاً لتسريع الخطى واستجلاء مواطن الضعف والخلل في مسيرتنا وانطلاقتنا المشتركة, ان مجلس التعاون مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى لاثبات وجوده وتحسيس مواطنيه بالمكاسب والفوائد التي تعود عليهم من مثل هذا التجمع في مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية واشعار المواطن الخليجي بالاجراءات التنفيذية التي تم أو يتم اتخاذها وألا تقتصر جهودنا على البيانات والتصريحات, ان مجلسنا لا يمكن أن يوفر لنا أكثر مما نمنحه من المقدرة والامكانات التي تسهل له مهمته في التقدم بنا إلى ما نسعى إلى ادراكه وبلوغه, وتقديري ان الوقت قد حان لنجعل من هذا الكيان قوة فاعلة ورافداً للخير والنماء لتتفيأ في ظلاله دولنا وتنعم بثمراته شعوبنا ومنطقتنا وان من دلائل الخير والبركة أن يأتي عقد دورتنا الحالية أيام عيد الفطر المبارك مما يشيع في نفوسنا الأمل والتفاؤل بمستقبل مشرق وحافل بالمنجزات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وكل عام وأنتم بخير.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved