** كم من الأشخاص فقدناهم خلال شهر رمضان المبارك وقبله,, وكم من الاشخاص سنفقدهم بعده.
** هذه,, هي الحياة,, وهذه إرادة الله جلت قدرته,, وهذه حال الدنيا الفانية,.
** هذا يولد,, وهذا يترك الحياة الفانية إلى الحياة البرزخية ثم الحياة الأخروية,.
** كم من الأشخاص ودعناهم في الأيام أو الشهور أو السنوات الماضية؟
** تذكرت هذا الأمر ونحن نودع في آخر يوم من رمضان أحد الرجال الأخيار المشهود لهم بالفضل والعلم والاستقامة والصلاح والورع,.
** لقد ودعنا الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن القاسم امام جامع ذي النورين بحي القدس رحمه الله رحمة واسعة,.
** والشيخ إبراهيم القاسم عمل كإمام للمسجد لمدة قاربت أو ربما جاوزت نصف قرن خمسين عاماً فقد كان إماماً لمسجد في حي الخزان,, ثم في حي القدس,, واشتهر عنه رحمه الله,, الورع والزهد في الدنيا ومحبة الخير وأهل الخير.
** وكان يرحمه الله,, حافظاً للقرآن الكريم من صغره,, ولذلك,, فقد كوَّن في المسجد جماعة لتحفيظ القرآن الكريم,, وكوَّن دروساً داخل المسجد,, وكان له نشاط علمي داخل المسجد رعاه طوال هذ المدة الطويلة التي قضاها كإمام للمسجد.
** كان يرحمه الله,, شخصا محبوبا إلى أبعد حد,, وكان له علاقات وثيقة مع جماعة المسجد,, وكان يحرص على أن يؤدي رسالة المسجد على أكمل وجه,.
** وكان الفقيد رحمه الله,, حريصا على تنشئة أولاده تنشئة صالحة,, وتربيتهم تربية اسلامية جيدة,, ولذلك,, فقد كان من أولاده أئمة مساجد,, ورجال صالحون أخيار,, ومنهم الشيخ أحمد ابراهيم القاسم إمام مسجد التقوى بحي الروضة وآخرون.
** وكان يرحمه الله,, يحرص في كل عام,, على ان يقضي شهر رمضان أو جزءاً منه,, في بيت الله الحرام.
** وفي هذا العام,, وكعادته,, كان داخل الحرم المكي الشريف يوم التاسع والعشرين من شهر رمضان يمشي في أروقة الحرم حتى سقط وهو يسير على قدميه,, ليرتطم رأسه بالارض ويصاب اصابة بالغة تطلبت نقله للمستشفى على الفور.
** بقي في المستشفى فترة وجيزة جداً,, ورأى الاطباء ان حالته صعبة ومتفاقمة وتتطلب نقله الى مستشفى كبير ومتقدم ومؤهل لعلاج حالة حرجة,, واتصل جماعة المسجد برجل الخير والبر والاحسان ملاذ كل محتاج,, صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض حفظه الله,, ونقلوا لسموه حالة الرجل,, وعلى الفور وجه سموه جزاه الله خيراً بسرعة نقله عبر الاخلاء الطبي لأحد مستشفيات العاصمة ليعالج هناك,, لكن قضاء الله وقدرته كانا اسرع,, ولأن الإصابة بليغة جداً,, فقد توفي في المستشفى في مكة المكرمة يوم التاسع والعشرين من شهر رمضان ولقي وجه ربه في اقدس بقعة,, وكان في لحظاته الاخيرة معتكفاً ملازماً لحرم الله.
** توفي رحمه الله,, وقد كان آخر حديثه من الدنيا,, التسبيح والذكر والدعاء وشهادة,, لا إله إلا الله,.
** كانت وفاته رحمه الله لاشك مؤلمة ومزعجة ولكن,, ما يخفف المصاب,, هو ما عُرف عن الرجل من تقى وصلاح وورع وزهد في الدنيا وانصرافه عنها للطاعات وعمل الخير,, وكان آخرها,, هذه الخاتمة التي يودها كل مسلم مات وهو معتكف في حرم الله .
** لقد التقيت بأولاده بعد وفاته رحمه الله,, فسمعت شيئاً من سيرة هذا الرجل الفاضل الخيِّر,, فوجدت انها سيرة مشرفة يتمنى كل شخص لو ان له سيرة مثلها,, او لو ان ابنه يكون هكذا,.
** وجدت ان حياة الرجل مليئة بالعلم والعمل الصالح.
** حياته كلها,, قرآن,, ودروس,, ومحاضرات,, وطلاب,, وتواصل مع العلم وأهله,.
** لقد نقل لي اولاده وعموم جماعة المسجد,, امتنانهم وتقديرهم لهذا التوجيه الكريم الذي اصدره سمو أمير منطقة الرياض حفظه الله بنقل إمام جامع ذي النورين الشيخ ابراهيم بن عبد الرحمن القاسم عبر الإخلاء الطبي لعلاجه في أرقى مستشفيات العاصمة,, لكن الجميع,, يدرك ان هذا,, هو سلمان بن عبدالعزيز,, وهذا شيء يسير من سجايا هذا الرجل العظيم,, وسلمان,, لايمكن إلا ان يكون هكذا.
** وليس بوسعي ان اقول في ختام هذه المقالة الصغيرة,, سوى سؤال الله جلت قدرته ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه,, وان يسكنه فسيح جناته,, وان يلهم آله وذويه الصبر والسلوان,, إنا لله وإنا إليه راجعون .
|