| عيد الجزيرة
القريات جريد الجريد
للذاكرة مكانة عزيزة في حياة البشر تحمل بين طياتها مراحل حياتنا منذ الطفولة بحلاوتها ومرها نسترجعها لننظر لها بعيون الشوق تارة وبعيون الاسى تارة اخرى حسب المناسبة وفي مناسبة عيد الفطر المبارك اعاده الله على الجميع بالخير والبركات احببنا التعرف على ذاكرة كبار السن وما تحمله عن هذه المناسبة بجميع صورها لنعرضها للمقارنة مع حياة اليوم,
ضيفنا في هذا اللقاء اطال الله في عمره اشرف على المائة عام ومازال يتمتع بذاكرة قوية امده الله بالصحة والعافية انه الشيخ حمد بن حمدان الجباب )ابو عبدالله(,
حدة البصر عند أهل كاف
بدأت الحديث معه عن كيفية معرفتهم قديما بدخول شهر رمضان وعيد الفطر,, سكت قليلا وكأنه غادرني وحدي واطلق العنان لذاكرته لتنقل لي تلك اللحظات فقال: كنا نحتسب لذلك من شهر شعبان اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم من خلال رؤية الهلال او اتمام الشهر ثلاثين يوما وفي يوم التاسع والعشرين من رمضان هناك عدة اشخاص في )كاف( مشهود لهم بحدة البصر يراقبون الهلال وكل شخص منهم يحمل باروداً بحيث ان من يراه يطلق بعض العيارات لاعلام الناس بالعيد واضاف اذكر ان هناك كانت احدى نساء القرية وتدعى )روية( مشهود لها بحدة البصر كانت ايضا تحمل باروداً واذكر انها في احدى المرات قامت باطلاق الاعيرة ونحن نصلي صلاة التراويح وعلمنا انها شاهدت الهلال وبعد الصلاة خرجنا للتأكد وبالفعل شاهدنا هلال شوال,
وعن اعلام القرى المجاورة قال ابو عبدالله كنا نقوم باشعال نار كبيرة على رأس )جبل الصعيدي( فمن شاهدها يعلم ان يوم غد هو يوم العيد وكذلك هم اذا شاهدوا الهلال يشعلون النار على مكان مرتفع,
ثوب العيد
* ابا عبدالله خلال العشر الاواخر من رمضان ينشغل الناس بشراء الملابس وكسوة العيد,, حدثنا عن كسوة العيد في الماضي؟
لم تكن المحلات في الماضي متوفرة مثل اليوم وكنا نجهز لمناسبة العيد كل ما نحتاجه من ملابس قبل رمضان وذلك بجلبه من اسواق سوريا والاردن وكان لباس الرجل الثوب والزبون والشماغ او الغترة ويحرصون على لبس البياض ويتجنبون اللون الاسود وعادة ما يكون القماش من نوع الساحلي او المقصور وهناك نوع مخطط يقال له درل والنساء يلبسن الثياب السوداء والاطفال يفرحون بثوب الساحلي,
* ابا عبدالله اليوم قبل العيد نبدأ بشراء الحلويات لهذه المناسبة,, في الماضي ماذا تجهزون؟
في الماضي لا نعرف ما يتوفر من طعام لمناسبة العيد من جريش او تِمَّن او طحين ومن التمر نصنع افضل الحلويات وهي )البكيلة( التي تتكون من السمن والتمر,
احتفالية الأطفال
* أبا عبدالله ليلة العيد يحتفل اطفالنا باطلاق الالعاب النارية )الطراطيع(,, بماذا يحتفل الاطفال بالماضي بليلة العيد؟
حتى اطفالنا في الماضي كانوا يحتفلون بهذه الليلة حيث يقومون قبل يوم العيد بيومين بتجهيز بعض جذوع النخيل ويتم وضعها في ساحة القرية وفي ليلة العيد يقومون بحرق هذه الجذوع واللعب بجوارها لوقت متأخر من الليل معبرين بذلك عن فرحتهم,
* ابا عبدالله صف لي يوم العيد منذ الصباح الباكر؟
اول شيء نحرص عليه يوم العيد اداء الصلاة التي تكون دائما مؤثرة خاصة الخطبة فبعد الصلاة لا تجد من يقوم من مكانه والجميع منصتون للامام حتى يكمل خطبته واذكر ان اغلب المصلين ينهمرون بالبكاء خشوعا وتضرعا لله عز وجل ان يقبل صيامهم,
وبعد الصلاة يتجه الجميع الى منزل كبير القرية لتناول لقمة العيد لديه ومعايدة بعضنا بعضاً وعادة ما يكون طعام العيد من الجريش او المليحي او المقشوش أو التمن وهي الاطعمة المتوفرة في وقتنا وبعد ذلك نعايد الاهل والاقرباء ثم ننتقل الى المنزل الاخر الذي لديه طعام عيد وهي منازل معروفة مسبقا وفي المساء يبدأ الاحتفال بلعب العرضة والدحة ويستمر العيد لمدة ثلاثة ايام كنا خلالها نزور اهل القرى المجاورة ونتبادل التهاني بهذه المناسبة,
عيد في الصحراء
* أبا عبدالله كان اهل القرى في سنوات الربيع يخرجون بأغنامهم الى البر,, هل صدف ان جاءكم العيد بالبر؟
نعم واذكر اننا بالبر عددنا قليل ولا تقام صلاة للعيد ويقوم احدنا بشب النار وعمل القهوة التي نجتمع عليها لمعايدة بعضنا ونأكل طعام العيد جميعا كذلك النساء يجتمعن مع بعضهن للمعايدة,
* ما هو الموقف الذي تتذكره في ايام العيد؟
حياتنا في الماضي كد وعمل الا انها تتفوق على حياة اليوم بصفاء النفوس والتلاحم والصدق والبركة وما اذكره الآن انه في ليلة العيد سقطت علينا الثلوج التي استمرت حتى الصباح ولم نستطع اداء الصلاة في مصلى العيد وتوجهنا الى مسجد القرية لاداء الصلاة وكانت تلك السنة من سنوات الربيع المميز,
* ابا عبدالله هل تذكر ملابسك في العيد ايام الطفولة؟
نعم اذكرها,, كان الثوب الساحلي واذكر جزمة حمراء يقال لها قديما )أم شكثة( احضرها والدي رحمه الله من سوريا وفرحت بها كثيرا وكنا ايضا نلبس الغتر ولم نكن نعرف الطواقي,
* ابا عبدالله اطال الله في عمرك عاصرت العيد في الماضي وعاصرته اليوم,, فماذا تختار منهم ,,, ؟
رغم ما يتوفر اليوم من نعم كثيرة الا اني افضل حياة الماضي كان للعيد فرحة حقيقية تشاهدها على وجوه الجميع كان التواصل شيئاً بديهياً لا نعرف الحسد نواجه قسوة المعيشة بتكاتفنا وتعاضدنا وتمسكنا بديننا,
|
|
|
|
|