| الاقتصادية
اذا ما اعطيت رجلا فقيرا )الغنى لله سبحانه( مالا لسد جوعه فإنك اطعمته ليوم واحد فقط ويحتمل ان يرجع اليك في اليوم التالي سائلا لنفس المسألة, ولكنك إذا ما اقتديت بخاتم الأنبياء والمرسلين عليه افضل الصلوات والتسليم وأعطيته فأسا موجها له بأن يحتطب به ومرشدا اياه بأن يبيع ما احتطبه بدراهم معدودة )الهامش الربحي( مؤكدا عليه بأن يشتري بما ربحه طعام يومه فانك قد اطعمته مدى حياته واغنيته عن مساءلة الناس أبدا, وانت حينما تعلم موظفاً كيف يصنع وكيف يعمل فانك تمنحه حياة جديدة مليئة بالتفاؤل والعطاء وهذا هو اسلوب التدريب البارع الحديث, وهو اسلوب متطور لخلق ثقافة تحث على العمل والولاء ورفع مستويات الاداء لموظفي الشركات باستمرار, والحقيقة ان هذا الاسلوب والذي تتبعه الشركات الغربية الكبرى حاليا يقوم على تدريب موظفيها على جميع المستويات الادارية والفنية لكي يصبحوا موجهين بارعي الاداء بغية بلورة اهدافهم الوظيفية واتخاذ القرارات الانتاجية والاستثمارية بصورة ربحية مضمونة, فالتدريب اصبح من اساسيات العمل الناجح وبمفهوم جديد يختلف كثيراً عن الاساليب التقليدية العتيقة )السيطرة والاجبار( التي تصب المعلومات في رؤوس الموظفين )احيانا لا يكادون يفهمون كيف ومتى واين يستخدمونها(, تلك الاطر القديمة التي كانت تستخدم في الشركات غير المتجددة والتي تعرف بانها شركات صغيرة او عائلية تدار بشخص واحد يفكر لها ويخطط لاهدافها ويتخذ كل القرارات بمفرده, نجده هو الكل في الكل ويعز عليه مشاركة الاخرين له بمرئياتهم, ولانه المدير العام يضع كل ضوابط العمل وطالما من صلاحياته السيطرة على الاخرين فغالبا ما يدفع الموظف شاء ام أبى على تأدية عمل لا يرغب القيام به, فتزول تدريجيا روح المبادأة والإبداع ويشعر المأمور )الموظف( بالحيرة والاحباط فينتج متعمدا سلعاً قليلة الجودة والقيمة, وحين يعمل الموظف في محيط يسوده طابع السيطرة والخضوع والتبعية فنتوقع ان تظهر تلقائيا جميع انواع وسلوكيات المخالفة والدفاعية, فيلتف الموظفون حول الاوامر وتتلاشى طبيعياً روح الابداع والابتكار وتصعب الاحوال الانتاجية والادارية ان لم تتأزم امور الشركة, ويتحول هذا النوع التقليدي ليكون نوعا من التسيد والاكراه والمراقبة بعيدا عن التدريب الانساني المرغوب فيه والذي تنتهجه الشركات المتطورة الكبيرة, وعلى النقيض تماما فإن التدريب الانساني الحديث يقصد منه تغير المفاهيم المتأصلة للفرد حول رغبته وحبه العمل, فيسعى هذا النوع الى تحسين الاداء ويدفع الموظف نحو النجاح والتعامل مع المأزق والمشكلات الطارئة, وهنا يتحتم على مديري الشركات ان يتصفوا بصفات التأثير المباشر في المهارات الاتصالية بالموظفين من حيث تنمية روح الابتكار والتعاون بينهم, ذلك ان تنمية المهارات العملية يحتاجها الموظف بصفة يومية لتعينه على مواكبة التغيرات والتحولات السريعة في عالم الاعمال, فربما يحتاجها في معرفة كيفية معالجة الادوات الحضارية والالمام بها سواء في الاجهزة الالكترونية او في الآليات الانتاجية التقنية المتطورة او غيرها, فعالم اليوم يشهد تحولات كمية وكيفية وتقنية عالية تتمثل في استخدام الميكنة وآلات الانتاج السريع والتي سادت اخيرا في استراتيجيات انتاج الحجم الكبير من السلع, فكان الابتكار ورفع مستويات اداء الموظف ضروريين لاحراز النجاح في عالم الاعمال, ولم تعد الشركات بحاجة الى الموظف العادي فهي الآن تريد موظفاً خارقاً )فوق العادة( يتحلى بالمرونة والالتزام والقدرة على الابداع والابتكار وقبول كل جديد متطور, فالتدريب البارع بدوره يستغل طاقات العاملين في الشركة وقدراتهم للوصول الى نتائج افضل والحصول على تغير حقيقي في الشركة, وعلى المدرب المسؤول عن تأهيل الموظفين وتدريبهم ان يوضح لهم رؤية واتجاهات الشركة الحالية والمستقبلية تاركا مساحات كبيرة لابداع الموظفين النشطين المميزين فيها وللمشاركة وعدم تجاهل مرئياتهم,
ويجب عليه ان يعاونهم في انجاز الاعمال اليومية خاصة تلك التي تتوافق مع قدراتهم وميولهم ومعرفتهم مبينا لهم الاطار العام لعملية التدريب فيبدأ بتحديد المهارات التي يحتاجها الموظفون ولو كان تدريب العاملين على المهارات الجديدة يتطلب وقتا طويلاً فعليه ان يتحلى بالصبر لأن الاصرار على نتائج سريعة قد يقلل من فاعلية التدريب, كذلك فانه على المدرب ان يشخص مشاكل المتدرب )الموظف( فقد يقترح عليه حلولا لها لكنه من الافضل ألا يساهم في تنفيذ هذه الحلول بل يترك مساحة فكرية لهم محاولا بذلك ان يزرع رغبة التغير في انفسهم ومدهم بافكار تساعدهم على تطوير طرق اداء اعمالهم باعطائهم فرصا لاكتساب المهارات التي يختارونها بانفسهم, ولعل من اهم هذه الخصائص الشخصية الحميدة للمدرب والتي يستعين بها في اثارة الحماس في المتدربين ما يمنحه احترامهم وثقتم فيه تتركز بكثافة في الأمانة والاستقامة,
فلابد ان تتوافق افعاله مع اقواله محافظا على المعايير الاخلاقية ومراقبا لكل كبيرة وصغيرة صادرة منه اثناء ادائه للعمل, ويبدو ان التدريب الصحيح وظيفة لها مهام واضحة يؤديها المدرب الناجح وتتلخص في انها اسلوب تفكير عملي يمكن لكل مسؤول الاستفادة منه في تغيير سلوكيات الاخرين وطرائق ادائهم الوظيفي في الشركة بل ودفعهم لتحقيق نتائج مرجوة ايجابية مكتشفا مواهب الموظفين وموظفا طاقاتهم لخدمة العمل, كما يمكنه ان يكتسب من خلال الممارسة والتجربة معرفة انسب الطرق لرفع مستويات الاداء في الشركة, وبغض النظر عن كل ما تفعله لبث الحماس في الموظفين من حولك فكثير منهم يبدو وكأنهم يعملون لمجرد اداء الواجب او للاحتفاظ بوظائفهم رغم ان الشركة تصرف لهم العلاوات السنوية الروتينية في مواعيدها, الا انني اعتقد شخصيا إن لم اكن مبالغاً في ان نصف موظفي الشركات يبذلون من الجهد ما يكفل لهم الاحتفاظ فقط بوظائفهم وانه بامكانهم أداء العمل الوظيفي بطريقة أفضل اذا ما أرادوا ذلك ولكن النفس امارة بالسوء, واذا أرادت شركة ما ان ترفع من اداء الموظفين فلها ان تعرف ان التدريب ليس هو كل شيء في النجاح وعليها ان تبدأ بتغيير الشركة نفسها اولا بدلا من محاولة تغيير سلوكيات الموظفين الانتاجية وان تكتشف العيوب في نظام العمل لديها وما هي أسباب المثبطات التي تحد من تطويره عاملة على علاجها والتخلص من علتها في أقرب وقت ممكن,
|
|
|
|
|