| الثقافية
لو نظرنا إلى الواقع الذي كانت تعيشه الساحة الشعرية النبطية قبل عشر سنوات أو تزيد فإنها لم تكن بهذه الصورة التي برزت بها الآن فقد حدثت نقلة كبيرة جداً من خلال تلك السنوات إما سلباً أو إيجاباً، لتعدد الأسماء وكثرة المطبوعات والملاحق والصفحات عبر الصحافة وكذلك البرامج والمواد المكثفة عبر الشاشات والاذاعات ناهيك عن الأمسيات المتلاحقة في كل مكان بغض النظر عن مجالس السمر الخاصة، فظهور الساحة بهذا الشكل أو زيادة نشاطها ولتوضيح المعنى التركيز الشديد على الشعر كما ذكرت أحدث أمرين: الأول وهويعتبر ذا مردود ايجابي، أثرى الساحة واتساعها على نطاق كبير ليس في الخليج العربي فحسب بل في كل الدول العربية وتعريفها بهذه الثقافة الشعبية المتأصلة، تحريكها وترغيبها للمتلقي، حيث كانت في تلك السنون لم يكن لها تلك الأهمية رغم ما بداخلها من عظماء كبار من الشعراء، اما السلبيات فيها الآن فحدث ولا حرج، تحول الجميع إلى شعراء، فالكل يكتب حتى أطفال الملاهي وعجائز سوق الحمام يكتبن وينتقدن بعد أمرهم عجيب الكل يحب ويعاني حتى الأطفال وكذلك زيادة المطبوعات عن الحد المعقول وبصورة غير واقعية أو منطقية البتة فأغلب ما بداخلها يحوي نتاجا وطرحا لا يحمل قيمة أو معنى في أغلبه,
قبل أكثر من عشر سنوات أصدرت مؤسسة الوطن الكويتية للطباعة والنشر ديوان شعر للأستاذ الشاعر حامد عبدالوهاب سمرائي الطبعة الأولى وفي تلك الفترة كان للديوان بالذات صداه وقبوله لدى المتلقين والقراء لأنه الوسيلة الوحيدة في استهلاك هذا الجانب، قرأت الكتاب وقت ما صدر فوجدت جوانب ومحاور مثلت كاتبها بالتألق والإبداع والعمق الطويل في صناعته للقصيدة بكل تمكن وإلمام تامين هذا الشاعر أثرى الساحة الشعرية واعطاها نوعاً من التألق والتعلق في كلتا الحالتين برغم شح الجانب الإعلامي فأعطى كل ذي حق حقه أي في تلك الفترة وعدم تسليطه الضوء الشديد على هذا الجانب، هذا الشاعر السامري لم يكن معروفاً في تلك الفترة أو الآن، لو نظرنا ودققنا النظر وجلسنا الساعات الطوال ندرس نصاً شعرياً لأحد الشعراء الشباب الموجودين الآن لقررنا استخراج العديد من السلبيات فيها ولربما رميناها في الشارع، هذا الانقلاب أو الفاصل التعتمي الذي جزأ الساحة إلى جزءين متخالفين ومتناقضين لم يكن للصالح الذي سوف تجنيه الساحة ومن بداخلها أما الآن أو مستقبلاً,
نلحظ القلة جداً من يمارس الشعر إما نثراً أي نقداً ورأياً أو نظماً بأمانة واخلاص شديدين بعيداً عن أهداف ومغاز أخرى، قصده خدمة لهذا الموروث وأيضاً اشباع رغبته الشغوفة والملحة في ذلك لا يرد الظهور ولا الزركشة ولا التميع ، أعيد وأقول ان هذا الانقلاب أحدث عدة سقطات في سلم الشعر وأحدث أيضاً اتجاهات وطرقا متفرعة لم تعرف في سنين مضت ولم يعرفها الأولون، عبدالله الفيصل وإبراهيم خفاجي وفائق عبدالجليل وغيرهم كثير من العظماء أنشأوا مدرسة خاصة للجيل الذي أتى بعدهم مباشرة مثل بدر بن عبدالمحسن، خالد الفيصل، صالح الشاوي، وغيرهم من الجيل الأوسط الذي أعطى ابداعات كبيرة وكثيرة لها بصماتها, اما الجيل الأخير مثل خالد المريخي وبندر الرشود لم يكونوا قادرين على أخذ مقود السفينة واخراجها إلى بر الأمان رغم محاولاتهم الشديدة في هذا الجانب بل ترسو دائماً تلك السفينة وأنها مع الأسف هي على وشك السقوط إذا ما أتى جيل آخر قادر على أخذ المقود والسير بها إلى بر الأمان، هذا الجيل له مسلكه الذاتي والذي هو بعيد كل البعد عن الجيل السابق، وان هذه التصورات والنظريات حول أنفسهم ومن يسير معهم بأنها منطقية وواقعية مائة في المائة لم تكن على الاطلاق والشاهد ما نلحظه بين الفينة والأخرى من انتقادات شديدة يوجهها كبار الشعراء والنقاد إلى الجيل الحالي ومن بداخله فهوبرؤية الكبار أحدث انتكاسة وانقلابا كبيرا للشعر واساء له برغم المجهودات الكبيرة ولكنها لم تكن صائبة,
|
|
|
|
|