| عيد الجزيرة
استطلاع خالد الخليفة
على الرغم من كون العيد بجلاله وروعته ضيفاً خفيف الظل طلق المحيا وافر العطاء ندي المعاني لا يزورنا إلا في السنة مرتين إلا أن بعض الشباب والشابات يهربون من مواجهته والاحتفاء به إلى حيث أحلام النهار ودفء البطانيات تاركين لبقية أفراد أسرهم مسؤولية القيام بواجب هذا الضيف العزيز الذي يمنحنا أسمى معاني السعادة والتواصل والترابط الاجتماعي وتنقية قلوبنا ونفوسنا من الشوائب والملهيات الدنيوية التي قد تشغلنا عمن هم بحاجة إلينا وربما أشغلتنا عن أنفسنا,, هذا السلوك المرفوض دينياً واجتماعياً له آثاره السلبية على الفرد نفسه وعلى المجتمع بشكل عام,,وفي هذا الاستطلاع نحاول تسليط الضوء على هذه الظاهرة المزعجة من خلال بعض اللقاءات وحسبنا أننا لفتنا الأنظار إليها ويبقى شأن معالجتها لهؤلاء الشباب وأولياء أمورهم لأن الأمر بأيديهم من قبل ومن بعد,.
السهر مشكلتنا
وفي البداية التقينا الشاب (س,ع) وهو طالب جامعي ليحدثنا عن أسباب نومه نهار العيد فقال لنا:
دعني أقول لك الحقيقة فأنا وغيري من أصدقائي الشباب منذ دخول رمضان ونحن نسهر الليل وننام معظم النهار وعندما جاء العيد لم نكن قد هيأنا أنفسنا له رغم معرفتنا التامة لمكانته العظيمة ولذلك فإننا لا نستطيع بطبيعة الحال مواجهة الناس ونحن على هذا الحال حيث الزيارات والأحاديث والقيام بالكثير من الواجبات التي تتطلب الجدية والنشاط والتعامل الحسن مع الآخرين, وصدقني فإننا نعيش تعذيب الضمير والشعور بفقدان خير العيد ولكن أنفسنا تزين لنا هذا السلوك الذي نعرف تماماً أنه مرفوض دينياً واجتماعياً وحتى أكون صريحاً معك أكثر فإن معظم الأعياد لم أشهدها والسبب التمادي بالسهر خلال شهر رمضان حيث تمضي ساعات الليل بسرعة دون أن ندري,,ولك أن تتصور مدى الألم الذي أشعر به بعد استيقاظي لأنني لم أشارك إخواني الملمين فرحة العيد إلى درجة أنني لا أحس بمعانيه الجميلة حتى ولو حاولت تعويض ذلك بمعايدة الأقارب والأصدقاء خلال ليالي أيام العيد.
فقدت التوجيه
ويحاول الشاب (ف,ن) التماس الأعذار لنفسه قائلا:
منذ صغري وأنا أعيش بين أفراد أسرتي فلا أجد من والدي أو إخوتي وأخواتي الكبار أي توجيه خلال شهر رمضان بعدم السهر بل إن العائلة كلها تحب السهر حيث يتوجه الوالد لصلاة العيد بعد أن يبذل محاولات بسيطة لإيقاظنا دون جدوى ثم يعود ويذهب لمعايدة أقاربه في مكان تجمعهم وكأن أمرنا لا يعنيه ولو أننا اعتدنا على ذلك منذ الصغر ما لجأنا إلى النوم في أسعد الأيام إن حياتي بصراحة تمضي بدون هدف ولهذا فإن العيد بالنسبة لي فرحة داخلية أعلم بها ولا أعيشها كما أن بعض أصدقائي يتفق برنامجهم في النوم معي يوم العيد وفي كل عيد أحاول أن أستيقظ ولكنني لا افعل فدفء البطانيات خصوصاً في هذه الأيام الباردة يغريني بالبقاء ويحرمني من بهجة العيد والالتقاء بالآخرين صباح يومه!!
مشاكل أسرية
شاب آخر صارحنا قائلاً:
مشكلتي أنني متزوج ولذلك فإن نومي صباح العيد يعود على أسرتي بالضيق وربما المشاكل التي لا تنتهي فزوجتي حريصة على النوم مبكراً ليلة العيد بينما أنا أحب السهر خلال شهر رمضان وهي تود أن تعيش فرحة العيد مثل أي أسرة لكنني بتصرفي هذا أحرمها من رغبتها خصوصاً أن عائلتها لديها اجتماع يوم العيد لجميع أفراد العائلة وهذا محرج لها ولا نستطيع تعويض ذلك بالزيارات المتعددة ليلاً فكل أسرة مشغولة بشؤونها مشكلتي أن أهلي تعودوا على نومي يوم العيد لكن أهل أسرتي لا يخفون انزعاجهم من ذلك ثم إن النوم يعفيني من مسؤوليات كثيرة تجاه عائلتي وعائلتها وأنا بطبعي أكره الاجتماعات وأرتاح عندما أكون لوحدي أمام التلفزيون أقلب القنوات وأراقب ما يدور في العالم من أحداث وأتراح وأفراح وكلامي هذا لا يعني أنني راض عن تصرفي ولكن ضعفي وإجهادي بسبب السهر لا يتيحان لي فرصة معايشة الآخرين سعادتهم بالعيد.
أهداف سامية ولكن!!
وبعد أن تعرضنا على بعض الأعذار الواهية التي يلوذ وراءها بعض الشباب هاربين من العيد إلى حيث النوم والتخلص من المسؤوليات نستعرض فيما يلي وجهة نظر شباب آخرين يرفضون هذا السلوك ولا يقيمون لهذه الأسباب أي وزن,.
حيث تحدث إلينا الشاب خالد صالح المعجل مبدياً انزعاجه الشديد من هذه المشكلة بقوله:
ديننا الحنيف جاء شاملاً لأمورنا الدنيوية والأخروية ومن ذلك عنايته البالغة بأفراح المسلمين ومنها فرحة العيد الذي شرعه الله مرتين في السنة هما عيد الفطر وعيد الأضحى حيث يلتقي خلالها المسلمون ويتواصلون فيما بينهم لتزداد أواصر المحبة بين الصغار والكبار الأغنياء والفقراء ولأن العيد بمكانته العظيمة له أثره البالغ في النفوس كان من الواجب علينا انتظاره والتفاعل معه ولكن ما يؤسف له أننا نرى بعض الشباب هداهم الله ممن لا يدركون أهدافه السامية ومعانيه الكريمة يطيلون السهر ليلة العيد حتى طلوع الفجر ثم يتوجهون إلى بيوتهم ليخلدوا إلى النوم غير مبالين بهذه المناسبة العظيمة وكأن يوم العيد يوم عادي وهذا ما تزينه لهم غفلتهم وانعدام الشعور بالمسؤولية لديهم حيث حرمهم هذا السلوك غير المقبول شرعاً وعرضاً الكثير من الخير والكثير من الانشراح ولو أنهم اقتدوا بغيرهم من الشباب الواعي لأخذوا كفايتهم من النوم ليلاً وعاشوا يوم العيد بقلوب مسرورة وأجساد نشيطة ونفوس مفتوحة مثل غيرهم من المسلمين والمسلمات.
اغتنموا الفرصة
ومن جانبه يقول الشاب عبدالله حمد الصبي مبديا وجهة نظره حول ذلك:
بالأمس استقبلنا حبيبنا شهر رمضان واليوم نودعه,, وها هو العيد تشرق بسماته وتطل على الأمة الإسلامية ساعاته, وكما تقربنا إلى الله سبحانه بصيام شهر رمضان وقيامه فإننا الآن نتقرب إلى الله بالفطر بالعيد ولذلك حرم الشارع صيام يوم العيد,, فالفطر في العيد عبادة لله وصلاة العيد من شعائر ديننا الحنيف التي يجب على المسلمين أن يقوموا بها حتى أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: إن صلاة العيد واجبة ولا تسقط إلا بعذر ولكن كثيراً من المسلمين وخصوصاً الشباب يفوتون على أنفسهم هذا الأجر العظيم فترى الواحد منهم غارقاً في نومه نهار العيد نتيجة بقائه طيلة ليلة العيد ساهراً فإذا جاء الفجر غلبه النوم ومما يؤسف له أن غير المسلمين يقيمون شعائرهم الباطلة ويعتزون بها أما بعض شباب المسلمين فإنه من السهل أن يفرطوا بواجباتهم بل ربما تساهلوا فيما يخص أركان الدين فحري بهؤلاء الشباب الذين ينامون نهار العيد ان يستقبلوا هذه الشعيرة الإسلامية بكل نشاط ومحبة امتثالاً لقوله تعالى:
ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ولنجعل أيام العيد أيام سعادة وسرور,, بلا ذنوب ولا معاصي ولا شرور ولنغتنم أيامه الكريمة فنجعلها أيام صفاء ووئام تزيل الأضغان والأحقاد ولنتذكر إخواننا الفقراء والمرضى فنهتم بهم ونعينهم على إزالة أو تخفيف معاناتهم ليشاركونا الفرحة دائماً.
تهانٍ بلا شباب
كما عبر لنا الشاب صالح عبدالله الخلف عن رفضه الشديد لهذه الظاهرة بقوله:
لا شك أن أي مسلم يستاء من هذه الظاهرة التي بدأت في السنوات الأخيرة تزداد بشكل مزعج يثير الكثير من التساؤلات، فبعض الشباب هداهم الله لا يعرف من العيد إلا اسمه لأنهم ينامون نهاره ويسهرون ليله، الأمر الذي يجعلهم خارج دائرة الفرح به فضلاً عن تساهلهم الواضح بالواجبات الدينية وخاصة الصلاة سواء كانت صلاة العيد أو الصلوات الخمس المفروضة مما يخدش إيمانهم ويؤثر على أسرهم حيث نجد بعض البيوت للأسف الشديد تعاني من عدم وجود بعض الشباب أثناء تبادل التهاني والزيارات أيام العيد وخاصة في النهار نتيجة الانقياد للنوم الذي من أسبابه إهدار وقت الليل مع الأصدقاء والزملاء ومهما كانت الاسباب فإن هؤلاء الشباب الذين يلجؤون إلى ذلك غير معذورين حيث كان من الواجب عليهم أن يعدوا أنفسهم لاستقبال العيد والاستمتاع بفرحته وبهجته حفاظا على دينهم وبراً بوالديهم وإحساناً إلى أقاربهم الذين يتطلعون إلى رؤيتهم من أفضل الناس من جميع الجوانب الدينية والدنيوية.
أعذار واهية
وختاماً يقول الشاب منيع عبدالله الخليفة,, في معرض تعليقه على هذه المشكلة التي تعاني منها بعض الأسر: مهما كانت الأعذار فإن الشباب والشابات على حد سواء ممن يستهويهم النوم يوم العيد دون أن يقوموا بواجباتهم الدينية والاجتماعية يمارسون سلوكاً مرفوضاً لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال فالعيد لا يأتي في السنة إلا مرتين فهل وصل بهؤلاء الشباب التبلد إلى هذا الحد الذي لا يشعرون عنده بأي إحساس تجاه شعيرة إسلامية عظيمة فضلاً عن انعكاس ذلك على حياتهم الخاصة والعامة بشكل سلبي قد يمتد طيلة العمر؟!, فمن وجهة نظري أعتقد أن لجوء بعض الشباب إلى هذه السلوكيات السيئة التي قد تتحول عند البعض منهم إلى عادة نتيجة انعدام الإحساس بالمسؤولية سببها غياب الوازع الديني وعدم قيام أولياء الأمور بواجباتهم تجاه فلذات أكبادهم منذ الصغر,
|
|
|
|
|