| مقـالات
كثيراً ما نتحدث عن الاستراتيجية ونسمع عنها وكثيراً ما نسمع هذه الكلمة في القنوات والبرامج التلفزيونية ونقرأها في الصحف والمجلات, وهذه الكلمة تستخدم في جميع المجالات وخاصة في المجال السياسي والحربي فمتى نشأ هذا المصطلح وماذا يعني؟ جاء في أحد منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أن مفهوم الاستراتيجية قد تطور مع تطور المجتمعات البشرية وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى ان مفهوم الاستراتيجية قد اشتق من كلمة ستراتيجوس التي كانت ترمز إلى قائد كل قبيلة من القبائل العشر الممثلة في جيش أثينا، كما كانت تعني القائد العليم بقيادة الجيوش, ومع تطور المعارك وأسلحتها أصبحت الاستراتيجية تعني فن القيادة وفي نهاية القرن الثامن عشر باتت تشير إلى القيادة خارج المعركة بينما يعني مصطلح التكتيك فن تنفيذ الخطط وفي الحضارات الحديثة أصبح للسياسة قادتها وللأمور العسكرية قادتها ومن هذا المنطلق اتخذ مفهوم الاستراتيجية معنى جديداً وهو فن استخدام القوات المسلحة لتحقيق الأهداف التي تضعها السلطات السياسية.
ونظراً إلى تشابك العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والسياسية في المجتمع المعاصر فقد ظهر مصطلح الاستراتيجية العظمى ليعني استخدام كل الوسائل والمواد لتحقيق أهداف معينة سواء في السلم أو الحرب, وفي هذا الإطار يتضح ان هناك علاقة متبادلة بين الوسائل والاهداف وعليه يمكن أن يحدد مفهوم الاستراتيجية كالآتي: تعني الاستراتيجية اختيار افضل الوسائل والبدائل لتحقيق أهداف أو غايات تعبر عن حاجة أو حاجات أساسية مشتقة من بيئة معينة يطلق عليها السيناريو الذي يتضمن عناصر الموقف وملابساته وتناقضاته وتفاعلاته وعلاقاته سبباً ونتيجة وفق تسلسل زمني, ومنه يشتق الهدف القومي العام الذي يعني الغاية القصوى أو النهائية لتحقيق حاجة أساسية مثل الأهداف القومية العامة ومن الهدف القومي العام يشتق أهداف أخرى, وكما تتسلسل الأهداف يكون تطور مستويات اتخاذ القرار حيث تبدأ الأهداف القومية في مستوى وضع السياسة العامة ومنها ينطلق الأمر إلى وضع الاستراتيجيات وعندما يصل الأمر إلى اتخاذ القرار في المواقع التنفيذية تصل إلى مرحلة العمليات الإجرائية أو ما يسمى بالتخطيط, والسياسة العامة تأتي في قمة هرم اتخاذ القرار وهي تعني ترتيب الأهداف العامة في أولويات طبقاً للمبادئ والقيم والحاجات الأساسية التي يحرص المجتمع على تنميتها وهي تحاول الإجابة عن هذا السؤال ماذا ينبغي أن نفعل أو نكون؟ والسياسة قد يطرأ عليها التبديل طبقاً لتغيير السيناريو أو الواقع او تبعاً لما تكشف عنه التغذية الراجعة من المستويين الآخرين وهما الاستراتيجية والتكتيك من نتائج وتبعاً لما يظهر من استجابات نتيجة التطبيق على أرض الواقع, والاستراتيجية تمثل المستوى الثاني في تسلسل اتخاذ القرار وتحاول الإجابة عن هذا السؤال ماذا يمكن ان نفعله وصولاً إلى هذا الذي ينبغي ان يكون؟ وكما كانت الأهداف دون أساليب تنفيذية تعني شعارات وأساليب التنفيذ دون أهداف تعني تخبطاً في مسارات عشوائية فقد جاء مفهوم الاستراتيجية والذي يعني اختيار أساليب العمل أو التنفيذ المناسبة في ضوء الإمكانات والموارد المتاحة لتحقيق الأهداف المرجوة وحلاً للمشكلات الأساسية, وبناء على هذا المفهوم فإن الاستراتيجية تساعدنا على اكتشاف المحاور والمسارات المتعددة لكل محور وتضع أمام متخذي القرار قائمة مشروعات ليختاروا منها ما هو افضل, وفي كل الاحوال فإن هذه المحاور والمسارات تكون محكومة بالإمكانات والقيود المجتمعية مثلما هي محكومة بالهدف الذي تقصده.
بعد كل هذا الكلام هل باستطاعة كل واحد منا ان يتخذ استراتيجية معينة ويقول هذه استراتيجيتي في الحياة ولا أستطيع تغييرها؟
هل نستطيع تطبيق الخطوات المذكورة في الاستراتيجية؟ هل الحياة كلها استراتيجيات وخطط قابلة للتنفيذ والتطبيق؟ ربما يكون هذا صعباً ويبقى مصطلح الاستراتيجية مصطلحاً واسعاً وكبيراً ويضم الكثير من التفسيرات والمعاني والسياسات والأهداف القابلة للتطبيق وغير القابلة للتطبيق، فهل لديك استراتيجية؟
|
|
|
|
|