أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 26th December,2000العدد:10316الطبعةالاولـيالثلاثاء 30 ,رمضان 1421

متابعة

بعد فشل مفاوضات واشنطن
السفير الفلسطيني سعيد كمال أمين مساعد الجامعة العربية لالجزيرة :
توازن الرعب ينتظر الجميع والانتخابات القادمة اختبار حقيقي لموقف إسرائيل من السلام
القاهرة مكتب الجزيرة محيي الدين سعيد
أكد سعيد كمال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس الادارة العامة لشؤون فلسطين ان الاختبار الحقيقي لموقف اسرائيل من السلام هو الانتخابات القادمة والبرنامج الذي سيدخل على أساسه رئيس الوزراء المستقيل باراك هذه الانتخابات.
وقال كمال في تصريحات خاصة ان باراك إما أن يدخل الانتخابات بعد انجاز اتفاق مع الجانب الفلسطيني وربما مع الجانب السوري أيضا يستطيع به أن يفوز من جديد بثقة الشعب الاسرائيلي ويستعيد ثقة فلسطينيي 48، ويتفرغ في الولاية القادمة لتجديد السلام من خلال التنفيذ الأمين للالتزامات والاستحقاقات المتفق عليها وكبح قوى التطرف وتطوير استعداد الاسرائيليين للتعايش مع جيرانهم ويكون بذلك قد كرس مكانته كزعيم تاريخي لاسرائيل فضلا عن زعامته لحزب العمل كقوة داعمة للسلام، حتى لو غضب بعض المتشددين.
وواصل كمال ان الخيار الآخر أمام باراك هو أن يدخل الانتخابات على أساس الوضع القائم حاليا، فينجح بأغلبية بسيطة أو يخسر لصالح اليمين، وفي الحالتين سيصعب انجاز اتفاق مقبول من الاسرائيليين والفلسطينيين في نفس الوقت، فيجد باراك نفسه اذا نجح مضطرا للتحالف مع اليمين في حكومة وحدة وطنية حتى لو غضب المعتدلون في حزب العمل وهو أمر سيؤدي الى نتيجة مشابهة لنجاح اليمين في الانتخابات القادمة، تتمثل بخسارة اسرائيل لفرصة السلام مع الفلسطينيين وتصبح الأجواء مهيأة لمزيد من القمع الاسرائيلي ولتصاعد الانتفاضة الفلسطينية ولمزيد من توازن الرعب في انتظار أن يتحرك المجتمع الدولي بجدية لانقاذ الموقف.
وأكد كمال ان الانتفاضة الفلسطينية وفشل باراك الذي انتهى به الى الاستقالة,, أحدثا ارتباكا واضحا في الخريطة السياسية الاسرائيلية، فعلى صعيد حزب العمل فإن الكثيرين غير راضين عن ادارة باراك لأنهم كانوا ينتظرون منه العمل بجدية أكبر لتحقيق السلام وهو ما يرجح أن يمارس هذا الاتجاه ضغوطا على باراك ليلتزم بالتوجه السلمي كثمن لقبوله مرشحا وحيدا للحزب في الانتخابات القادمة.
ويستطرد كمال مؤكدا انه اذا لم يوف باراك بهذا الالتزام فإن حزب العمل معرض لمشاكل داخلية لاعادة الانسجام والتجانس الى صفوفه، هذا بالاضافة الى ان الحزب سيخسر التأييد التقليدي الذي كان يلقاه من النواب العرب في الكنيست نتيجة لسياسة القبضة الحديدية التي استخدمها باراك ضد فلسطينيي 48 حين عبروا عن تأييدهم لاخوانهم في الأراضي الفلسطينية في انتفاضتهم المباركة.
وعلى صعيد حزب الليكود فإن كمال يلاحظ ان هذا الحزب بدأ يحظى بتأييد أكبر في الشارع الاسرائيلي من منطلق ان باراك لم يستطع تحقيق السلام، بل جلب للاسرائيليين مزيدا من انعدام الأمن والاستقرار وبذلك تكون قد تحسنت فرص نجاح هذا الحزب والاتجاه اليميني بشكل عام في أي انتخابات جديدة، وتكون سياسة باراك قد ساعدت في تقوية الأحزاب اليمينية جملة وتفصيلا.
وقال كمال ان على باراك وعلى أي مسؤول سيحكم اسرائيل اذا كان يرغب فعلا بالسلام أن يخرج أولا من تردده باختيار طريق السلام وأن يركز جهده على تهيئة ظروفه الداخلية لذلك بكبح قوى التطرف وتشجيع قوى السلام واعادة النظر في سياسات اسرائيل، ليس العسكرية والأمنية والسياسية فقط، وإنما الاعلامية والثقافية والتعليمية أيضا، حتى لا يبقى السلام في اسرائيل مجرد مناورات سياسية أو أحلام فئة من المثقفين واليساريين.
وأشار الى أن الجانب العربي قد اتخذ السلام خيارا استراتيجيا ولكنه خيار مشروط بأن تتخذ اسرائيل الخيار نفسه وألا يؤخذ على أنه استسلام للمطالب الاسرائيلية، مؤكدا أن صمود الشعب الفلسطيني واستعداده للتضحية في ثورات وانتفاضات متعاقبة وآخرها انتفاضة الأقصى الحالية، أثبت كل ذلك أن الشعب الفلسطيني قدم كل ما يستطيع في اطار الموضوعية والمرونة ولا يمكنه تقديم المزيد، بل على اسرائيل الآن أن تعرف حدودها وتترك أساليب المراوغة والمكابرة اذا كانت راغبة حقا في السلام، وإلا فإنها ستكون المسؤول الوحيد عن ضياع الفرصة المتاحة.
واضاف كمال ان اسرائيل في حدود 48,, ورغم ما حققته من الانتصارات والتفوق العسكري لم تستطع توفير الأمن والاستقرار لمجتمعها لذلك عليها ان تتخذ الاتجاه الواقعي، فتكتفي بما حققته وتتجه لحل مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية الداخلية، بعد انجاز تسوية سياسية مع جيرانها الفلسطينيين والعرب، توفر لها الأمن والتعايش السلمي والتطبيع الاقتصادي معهم فضلا عن الاندماج التام في المجتمع الدولي، مشيرا الى ان هذا الخيار يقتضي من اسرائيل الالتزام بقواعد الشرعية الدولية التي لخصها المجتمع الدولي وقبلتها الأطراف المعنية كأسس لعملية السلام التي انطلقت في مدريد وتتمثل بقراري الأمم المتحدة رقم 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام وهو ما يعني انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين انطلاقا من قرار الأمم المتحدة رقم 194,, وشدد كمال على أن الحقيقة التي أفرزتها التجارب السابقة ان اسرائيل كيان استيطاني قام على انقاض الحقوق العربية وما زال يطمع في المزيد عن طريق الهيمنة وغطرسة القوة وفرض الأمر الواقع متحديا قواعد العدالة والمنطق وارادة الشرعية الدولية، ومصدر هذه الحقيقة أيديولوجية متطرفة وجدت قبل ميلاد الدولة وما زالت تتركز في المؤسسة العسكرية الأمنية وأوساط المتدينين والمستوطنين وتعتمد على التفوق العسكري والدعم الواضح من بعض الدوائر الأمريكية والغربية وقوى اللوبي اليهودي في العالم، وتنطلق من تقدير خاطىء لمكانة الفلسطينيين والعرب ومدى تمسكهم بحقوقهم وتفتقد الرؤية الصحيحة لامكانية اقدام الفلسطينيين والعرب على ممارسة توازن الرعب, ,وقد قادت هذه الأيديولوجية اسرائيل والمنطقة بأسرها الى أكثر من نصف قرن من الصراعات والدمار.
وحول تجربة باراك التي انتهت باستقالته قال الأمين العام المساعد للجامعة العربية ان باراك وصل الى السلطة في انتخابات 1999 على خلفية رصيده العسكري وحالة الاحباط التي سادت داخل اسرائيل وخارجها بسبب السياسات الحمقاء التي اتبعها سلفه نتنياهو سواء تجاه عملية السلام أو تجاه القضايا الاسرائيلية الداخلية، وقد نجح باراك في الانتخابات رغم لاءاته الأربع المعروفة في الحملة الانتخابية وبعدها وهي: لا لتقسيم القدس ولا للعودة الى حدود 67 ولا لعودة اللاجئين ولا لازالة المستوطنات، وربما كان نجاحه الكاسح بسبب هذه اللاءات التي استطاع من خلالها ان يحافظ على جسوره مع الفكر اليميني في اسرائيل بعد أن ضمن تمثيله بدون منازع للفكر اليساري كزعيم لحزب العمل.
ويضيف كمال ان على مدى السنة والنصف الماضية لم يستطع باراك التخلص من القيود التي وضعها لنفسه ولم تسعفه خبرته السياسية المتواضعة بالتعامل مع عملية السلام كزعيم سياسي بعيد النظر، بل حصر نفسه في حدود رؤية الضابط المحترف الذي ترعرع في الثكنات وتشرب الأفكار الصهيونية العسكرية المعادية للعرب، وزاد من مشكلته ابتعاده عن رأي السياسيين المحترفين والمعتدلين في حرب العمل، وأحاط نفسه بعدد من زملائه الضباط العسكريين والأمنيين، كما انه لم يفلح في التعامل مع الخريطة الحزبية والسياسية الداخلية، فأهدر الكثير من الوقت في البحث عن قواسم مشتركة مع حزب الليكود والأحزاب الدينية الأخرى سواء في مرحلة التشكيل الوزاري أو أثناء التفاوض واتخاذ القرارات بشأن استحقاقات عملية السلام.
ويلخص كمال أسباب فشل باراك في الفترة السابقة في عدم قدرته على استغلال الاستعداد العربي والفلسطيني بشكل خاص لانجاز اتفاق سلام وعدم قدرته أيضا على استغلال قوة الدفع التي حصل عليها بعد الانتخابات مباشرة لتطوير استعداد الشارع الاسرائيلي المحدود أصلا، لقبول السلام مع العرب.
ويضيف ان أخطاء باراك أدت الى استعادة اليمين لزمام المبادرة في اسرائيل والى تسرب الاحباط الى الشارع الفلسطيني والعربي، وبالتالي اندلاع انتفاضة الأقصى التي ما زالت مستمرة، فجاءت استقالة باراك تحت ضغط مأزق مزدوج يتمثل في صلابة الموقف الفلسطيني وتصاعد الانتفاضة من ناحية وتصدع تحالفه السياسي والحزبي.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved