| متابعة
بين شايلوك الكاتب البريطاني الشهير وليم شكسبير، وشايلوك القرن العشرين المتمثل ببن غوريون ومن جاء بعده، اربعة قرون، ومع ان الكاتب المذكور من الكتاب الكبار المقروئين في تاريخنا المعاصر ومن سبقنا الى العالم، فإن تمثّل الحكاية التي أوردها عن المرابي اليهوديشايلوك في مسرحيته تاجر البندقية يبدو انه لم يكن تمثلا جيدا، الامر الذي دفع بقادة الصهيونية العالميين الى اقتطاع ارض فلسطين، على غير النحو الذي جاء في مسرحية شكسبير، حيث اشترط على المرابي عندما قرر ان يقتطع رطلا من لحم المدين له بمبلغ من المال اذا هو عجز عن تسديد دينه، بعدم التفريط بنقطة دم او اقتطاع الرطل المطلوب من دون زيادة او نقصان.
ضمن هذا الشرط نجا المدين من مؤامرة اعدها المرابي للانتقام من عدوه اللدود الذي لم يقدم له الاحترام يوما ولم يقم له وزنا يذكر.
وفي تاريخ امتنا العربية الحديث، وتحديدا منذ العام 1917عام وعد بلفور المشؤوم تجددت المؤامرات الاجنبية على قضايانا العربية العادلة، ولم تكتف الجهات المتآمرة برطل من جسم الامة العربية، أي بمساحة محدودة فمن ادعاء بحق موهوم ولكن كان دأب هذه الجهات القضاء على كامل الجسم العربي، بما في ذلك هدر دماء ابناء الامة وعدم الالتفات الى ما يؤخذ اقل او اكثر مما اتفق على اقتطاعه من جسم العرب في سياق الاتفاقات المجرمة بحقهم.
ان هذا الشايلوك الحديث الذي رافق قضايانا العربية منذ بداية القرن العشرين وحتى ايامنا هذه، اذ يذكّر بشايلوك الكاتب شكسبير، يذكر في الوقت نفسه، بقدرته على تخطي كل المنطق المعترف به من قبل عالم اليوم، وفي المقدمة مما يجري الاعتراف به رفض ازدواجية المعايير من جهة، ومن جهة اخرى ضرورة احترام المعايير النظيفة والواضحة وبخاصة تلك التي اعلنت باسم جميع الدول المنتمية الى المنظمة العالمية للامم المتحدة، على غرار ما حدث في عامي 1967 و 1973، فضلا عن الشرعية التي اعتمدت في مدريد في العام 1991.
ومع شايلوك شكسبير لا بد ان يتذكر احدنا صورا عديدة بدءاً من بن غوريون الى باراك مرورا بغلودا مائير وميناحيم بيغين ونيتنياهو ومن تبوأ مركزا في حكومات اسرائيلية متعاقبة كان دأبها النيل من الجسم العربي، باقتطاع جزء من هنا وجزء من هناك، ضمن مقولة الخطوة خطوة التي رسم خطوطها وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية الاسبق هنري كيسنجر وكان لهفضل اقتناص بعض المواقع العربية لصالح عدو العرب المتمثل بالكيان المصطنع فوق ارضنا العربية فلسطين.
ومضت هذه القرون الطويلة على حكاية شايلوك، ولكن الذاكرة العربية لا يمكنها ان تنسى أو تتناسى ما فعله خلفاؤه وما زالوا يحاولون فعله بيننا، فهل نقرأ تاجر البندقية من جديد؟
|
|
|
|
|