أحبكِ، أو لا أحبكِ، أذهب، أترك خلفي عناوين قابلة للضياع,.
وأنتظر العائدين، وهم يعرفون مواعيد موتي ويأتون,.
أنتِ التي لا أحبكِ حين أحبكِ,, أسوار بابل
ضيقة في النهار,, وعيناك واسعتان ووجهك منتشر في الشعاع,.
وكان محمود درويش تجلل أعماله الشعرية الحيوية والجزالة,, ثرثرة طليقة ورقة ملتهبة,, عام 1984م اصدر ديوانه أحبكِ أو لا أحبكِ وكانت الطبعة السابعة بين يدي,, كان محمود درويش شعلة تلتهب في رؤوسنا,, نسمع اخبار اعتقاله,, نقرأ كلماته تطير من خلف القضبان داخل فلسطين المحتلة,, وتتسرب إلى عيوننا في كل بلد عربي,, كان يقول,, أيها الوطن المتكرر في المذابح والاغاني.
لماذا اهرِّبك من مطار إلى مطار
أريد أن أرسم شكلك,.
أيها المبعثر في الملفات والمفاجآت
أيها المتطاير على شظايا القنابل وأجنحة العصافير
أيها المحاصر بين الريح والخنجر,.
كيف تتحول إلى حلم وتسرق الدهشة,.
لتتركني حجراً,.
التحول المدهش في لهجته الشعرية من الحلم إلى أزيز الرصاص يتطاير فوق رؤوس أبناء الأرض الحبيبة,, المعذبة,, ابناء القدس,, عاصمة الأمل الكاذب,, الثائر الهارب,, الكواكب الغائبة,.
اختلطت في أزقتها الكلمات الغريبة,.
قام فيها جدار جديد لشوق جديد، وطروادة
التحقت بالسبايا,, ولم تَقُل الصخرة لناطقه لفظة تُثبتُ العكس,, طوبي لمن يجهض النار في الصاعقة!,.
ظل درويش من خلف القضبان ينغص أحلامنا,, نتألم,, نفكر به مثلما نحنو على القدس,, وكان يمثل لنا صوت الإنسان البسيط العادي,, في مسعاه اليومي في كده وجهاده من أجل لقمة العيش,, وقطف الزيتون,, تحمل لنا كلماته رائحة البرتقال,, والبطولة,, كان بين كل اعتقال وآخر تنثال قصائده المتمردة حاملة الحجارة بين فواصلها تُمطر الأعداء الذين يجتاحون حنجرته,, يريدون اسكات عصفور القصائد والوطنية الدافعة إلى السلاح,, الى التصدي,, تمنعه من الغناء للقدس.
ولأطفال بابل,.
ومواليد السلاسل
الذين سيعودون إلى القدس قريباً
وقريباً تكبرون,.
وقريباً تحصدون القمح من ذاكرة الماضي,.
آه,, يا أطفال بابل
ستعودون إلى القدس قريباً
درويش , يا أيها الوجه البعيد,, قتلوك في الوادي، وما قتلوك في قلبي,, أريدك أن تعيد,, تكوين تلقائيتي,.
يا أيها الوجه البعيد,, حين نبحث عنك تحت المجزرة,.
نحن نظل نذكرك اخضراراً طالعاً من كل دم,, وننتظر كلماتك,, قصائدك تأتينا مثل المنشورات المزينة,, مثل هديل الحمام,, مثل همسات المطر الصباحي المضيء,, يا من تحمل الأرض لاجئة في جراحك,, نريدك بلسماً ونسيماً يحمل عطر القدس إلينا يضمد جراحنا.
|