| مقـالات
إنها تباشير أجواء عيد مبارك إن شاء الله واجازة فرح ونوم! كذلك، ولذا فقد قررت تجنب ازعاجكم، فالتخفيف هنا بالقول ان الماضي جميل بعزة نفسه وأنفته رغم ظروفه ، وأجمل منه الحاضر حينما يأخذ من الماضي ما يناسب معطيات الحاضر، ويواكب مع ما يستجد في المستقبل, وكما هو معلوم، فشعرنا الشعبي يحتل بجدارة قمة ما ورثناه من ماضينا القريب، وبما انه كان الخل الوفي لنا في فترات شدتنا وبؤسنا وضعفنا وتشتتنا وجهلنا وفقرنا، فمن الواجب علينا إذن الوفاء له في عصر وحدتنا وأفراحنا وأمننا وعيشنا الرغيد، بل تشجيع سبل حفظه لكي يكون منهل عبر ودروس تنهل منه أجيالنا القادمة وتستشف مدى مرارة معاناة الأجيال السابقة، فتشكر الله على نعمة توحيد هذا الوطن المعطاء على يد قائدنا الملك عبدالعزيز، أغدق الله عليه شآبيب رحمته وجزاه عنا كل احسان وأجر ومثوبة.
إن لشعرنا الشعبي شعبية تفوق أي فن آخر، ولذا فقد تمخض من رحم نجاحه هذا حساد ومعارضون يتربصون به الدوائر وتحت ذرائع متباينة ليس لها من دليل علمي قاطع! يا لها من مفارقة مضحكة، مبكية، مزدوجة، حينما يطل عليك تلفازياً جهبذ يصيح فصيحاً بأعلى صوته مكسور الخاطر والوجدان! خوفاً على اللغة العربية الفصحى من الشعر الشعبي، ناسياً أو متناسياً إنه قد دردش وسولف وطق الحنك! بالعامية مع معد ومخرج ومقدم البرنامج حتى لحظات ما قبيل تجليه متشدقاً على الهواء مباشرة ، ليتنحنح! فينحي العامية جانباً، ويفصل فيش! شخصيته العامية ، مترنما بلغة فصيحة تجلجل في ثناياها مفردات الغيرة الزائفة، والتصنع الفاضح تحذيراً من لغة أكلوني الشعراء الشعبيين ينتهي البرنامج، ويقفل المنافح عائداً إلى منزله وفي الطريق ولأسباب تتعلق باخضرار القلب! تداهمه خلجة طرب وأريحية عاشق، فيطلق العنان لحنجرته مهيجنا! بيا زين فرع وقض الرأس,,! ، وما أن يدلف المنزل إلا وقد أتم بنجاح استحواذه من جدد على شخصيته العامية أخت فصحى بنتا ازدواج! ، لتستقبله أم العيال ببشاشة واعجاب بحضوره الصوتي عبر الأثير، لترجوه أن يهذ عليها! قصيدة عامية عصماء! سبق له أن قرضها! خلال أول شهر عسل تذوقاه، وهناك يخش جواً مفعماً بالعامية ورائحة الدخون والجاوني والريحان والشيح، وحينها يطلق عنان وأعنة حنجرته المرنة! ازدواجاً، واستهلاكاً، وأكل عيش! .
تستمر مسيرة الازدواج والادعاء استرزاقاً ليطل عبر الأثير صوت آخر لمنافح متخم بالازدواجية هو الآخر، فيهجم بأعلى صوته! كارا، فارا، مقبلاً، مدبراً باسلوب يقطر حداثة تحذيراً من الخطر الداهم الذي يمثله خلف بن هذال وشلته! على اللغة العربية الفصحى، وبعد أن يهدأ المنافح وتعود أوداجه المنتفخة بالزيف إلى حجمها الطبيعي، يتنحنح! هو الآخر ليتحف المستمعين بفقه لغة مصطلحية، مستوردة، موغلة في الابهام اللغوي ناهيك من نشازها الفكري مستعرضاً ما لنعوم تشومسكي من انجازات لغوية، مروراً بالعالم دريدا، ولوجا في متاهات التفاعلية الرمزية، قفزاً إلى مرحلة ما بعد الحداثة، فحفرا بمقبرة موت المؤلف، وعبثاً بتفكيك المفكك! ، وهلم جرا ، واجترارا، واستهلاكا,.
هنا أتوقف لأتساءل واثقاً من الاجابة! : هل القضاء على الشعر الشعبي يتضمن أيضاً القضاء على كل موروثاتنا الشعبية؟,, وهل هناك ثقافة على وجه هذا الكوكب ليس لها آداب شعبية؟! ,, وهل وصلنا إلى درجة من الترف العلمي لنهدر جهودنا في سبيل أشياء ما تسوى شيء! قياساً على العوامل الرئيسية المؤثرة على اللغة العربية بالفعل ثقافياً وحضارياً وعلمياً سياسياً واقتصادياً,,؟ ولماذا لم تؤثر الآداب الشعبية لأمريكا على أمريكا! ، لغة وقوة ومنعة؟ بل لماذا لا تنتصر الأشياء إلا بالغاء النظير المنافس لها,, ولم لا ندع الأشياء تنتصر لنفسها بنفسها حسب معايير الاستحقاق والأحقية على مسرح التنافس؟
,, إن في رفع عصا التشنج، ارتفاع لزعيق العصيان، وان من حق الأشياء غير المتعارضة مع الثوابت منحها مساحة على مسرح التماحك مع ضدها المنافس، طالما آمنا بأنه لا يصح إلا الصحيح؟!
* للتواصل: ص, ب 454 رمز 11351 الرياض
|
|
|
|
|