أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 25th December,2000العدد:10315الطبعةالاولـيالأثنين 29 ,رمضان 1421

مقـالات

قراءة في كتاب تاريخ البلاد العربية السعودية
تأليف فاسيلييف - 5 -
د,عبدالله الصالح العثيمين
وصلت القراءة في الحلقة السابقة إلى نهاية الفصل الثالث من الكتاب؛ وهو الذي عرض فيه المؤلف الأحداث في عهد الدولة السعودية الأولى, أما عنوان الفصل الرابع فهو النظام الاجتماعي والسياسي في إمارة الدرعية, وحديث المؤلف فيه منسجم مع منطلقاته الفكرية, ولذلك لم يكن غريباً أن يبني على حادثة ما، أو حادثتين، حكماً عاماً لو اتبع الطريقة العادلة في البحث والاستقصاء لوجد أن أكثر الحوادث لا تؤيد ذلك الحكم.
ومما قاله المؤلف فاسيلييف في بداية الفصل المتحدّث عنه، هناص134 :
كانت حملات الوهابيين تحت رايه تجديد الدين تستهدف تحقيق مهمات دنيوية بحتة تتلخص في زيادة ثروات حكام الدرعية ووجهاء الجزيرة المرتبطين بها,
بل إن منطلقات المؤلف الفكرية جعلته لا يقتصر على قول ما سبق وإنما يضيف قائلا:
كان مستوى تطور القوى المنتجة في الجزيرة العربية لا يزال عاجزاً عن تمكين الوجهاء والأعيان الوهابيين من الاستئثار بمنتوج عمل السكان بواسطة الأنواع الأكثر تنظيماً من الاستغلال بنفس المقادير التي يؤهلها النهب السافر (يقصد غنائم الحرب), وبغية الحفاظ على مداخيل الطبقة الحاكمة تعيّن على إمارة الدرعية أن تتوسع بلا انقطاع, وفي حالة توقف التوسع لن يتمكن الوجهاء من استلام المداخيل التي تعوّدوا على استلامها من السكان الخاضعين لهم، ومن ثم تنتفي دوافع توحيدهم في إطار دولة موحدة, وفي ذلك يكمن التناقض الداخلي الرئيسي للدولة الوهابية الأولى التي كانت تحمل في أحشائها منذ لحظة ظهورها جنين هلاكها وسقوطها,
وبعد ذلك تحدّث فاسيلييف عما سماه الاستيلاء على الملكية العقارية من قبل الدولة السعودية؛ بانياً على ما حدث في الرياض والخرمة حكماً عاما لما ادّعاه, ثم انتقل إلى الحديث عن الزكاة غير منفك عن منطلقاته الفكرية, فقد قال في بداية حديثة ص138 :
من أهم المستحدثات في إمارة الدرعية فرض ضريبة مركزية منتظمة على جميع سكان الدولة بشكل الزكاة المنصوص عليها في القرآن لمساعدة الفقراء والمساكين والتي هي واحد من أركان الإسلام, إن الأهداف الدينية المتجسدة في بعث الزكاة تستجيب بأفضل شكل لمتطلبات ومهمات الدولة السعودية الإقطاعية,
ثم أورد ما ذكره ابن بشر، بصفة خاصة، عن طريقة أخذ الزكاة ومقاديرها, وقد اختتم حديثه عن هذا الموضوع بقولهص141 :
إن الطابع الطبقي للدولة السعودية التي كانت تخدم مصالح وجهاء الجزيرة العربية قد تجلّى كذلك في ميدان التوزيع المركزي للثروات, ولكنه لا يمكن تحديد المبالغ المطلقة والنسبية لنفقات الدولة إلا بصورة تقريبية,
وبعد ذلك تكلم فاسيلييف عن البلاط السعودي، ونفقات الدولة خارج بلاط الأمير، والأعمال الخيرية، والبنية السياسية للدولة وتنظيم السلطة، وعلماء الدين والقضاة، والاقتصاد والتجارة(الجوانب الإيجابية للمركزية)، والعساكر ، وأخيراً مقدمات تحلّل الدولة السعودية الأولى وسقوطها,
وفي حديثه عن الأعمال الخيرية قالص148 :
وكانت الأعمال الخيرية تجرد الفقراء من سلاحهم الفكري وتوحي إليهم بأن خلاصهم من الجوع والحرمان والتخفيف من أعبائهم يتمّان ليس بالكفاح الحازم، بل بصدقات الوجهاء,
ولقد أورد ما ذكرته المصادر المختلفة عن كل هذه الأمور, وإيراده لذلك إيراد جيد في عمومه, وفي حديثه عن علماء الدين والقضاة قال عن الشيخ محمد ابن عبدالوهابص151 :
كان يتمتع بمنزلة رفيعة للغاية, وفي السنوات الأولى لتحالفة مع محمد بن سعود لم يكن مجرد عالم دين ومعلم, فقد قام بتنظيم القوات، ومارس الشؤون الداخلية والخارجية، وأجرى المكاتبات والمراسلات مع علماء الدين في الجزيرة العربية، وبشّر بتعاليمه، ودعا إلى التمسك بالولاء لأمير الدرعية، وساهم مساهمة نشيطة في تأسيس الدولة الوهابية وإدارتها, وكانت دعوته قد ضبطت الوهابيين ورصّت صفوفهم حول الأمير,, وكان يحافظ على سمعته فلا يستأثر صراحة بدرهم واحد من غنائم الحرب,
ومما قاله المؤلف عن الاقتصاد والتجارةص154 :
استحدث أمراء الدرعية نظام المسؤولية المشتركة للقبائل عن الأمن في أراضيها، كما ألغوا الرسوم التي كانت تتقاضاها لقاء حماية القوافل ومرورها في أراضيها,,وقد استفاد السكان الحضر من استتباب الأمن، فتوقفت الغارات على نخيلهم وحقولهم,, وكانت إجراءات الوهابيين الرامية إلى إحلال الأمن في الطرق وإلغاء الرسوم الجمركية الداخلية وحماية الملكية قد هيأت إمكانيات ملائمة للتجارة داخل الجزيرة العربية, وتوفر حافز إضافي للتبادل في مجتمع الجزيرة، وهو تبادل متطور أصلاً، ولكن المقصود هو التجارة الداخلية بالذات,
وكان مما ذكره المؤلف عن مقدمات سقوط الدولة السعودية الأولى قوله ص163 :
عندما تباطأ التوسع العسكري لإمارة الدرعية بعد أن بلغ حدوده الطبيعية، ثم توقف في الواقع، فقد التوحيد(السياسي) كثيراً من جاذبيته بالنسبة لوجهاء الجزيرة، وتقلّص ورود الثروات المنهوبة(أي الغنائم)، وصار بوسع الوجهاء الإقطاعيين أن يحصلوا على مداخيل أكثر عن طريق تطبيق سياسة مستقلة وممارسة الغزو التقليدي,, وكانت القبائل البدوية الجبارة، خصوصاً، تشعر بثقل نير الدولة المركزية, فالكثير من البدو الذين لم يكونوا يعرفون الضرائب في السابق صاروا يسددون الزكاة الإلزامية خوفاً من التنكيل الشديد, وكثيراً ما أخذوا يتمردون,, وكانت غنائم الحرب تعوّض بشكل ما عن تسديد الزكاة وفقدان مداخيل مختلف أنواع الإخاوات, ولكنه في حالة توقف الغزوات الناجمة صار عبء الدولة المركزية ثقيلاً لا يطاق,, وسارت داخل الدولة عملية التعمق المتزايد في فوارق الملكية والتناقضات الطبقية, وصار وجهاء وسط الجزيرة الذين أثروا من الغزوات يبتعدون أكثر فأكثر عن بسطاء البدو والفلاحين ويتذوقون طعم الترف والفخفخة، وتعمقت الهوة بين الدعوة الوهابية الموجهة إلى الرعية وبين نمط حياة الوجهاء والأعيان,
ثم واصل كلامه قائلاً:
إن تضاؤل مصلحة الوجهاء والأعيان في وجود الدولة المركزية بعد توقف التوسع,, وخيبة أمل الفلاحين في أمراء الدرعية والوهابية كانا مقدمات موضوعية خارجة عن إرادة الأمراء لتحلل الدولة المركزية في الجزيرة العربية,
على أن المؤلف وفّق في تحليله لمواقف أهل الحجاز ؛ بمختلف طبقاتهم من الدولة السعودية، نتيجة لما حدث لهم من تردي أحوالهم الاقتصادية الذي كان من أهم أسبابه توقف مجيء قوافل الحجاج من الأقطار العثمانية الغنية بالذات, فقد قال في نهاية تحليله ص166 :
وكان كل ذلك مما عمّق النفور من الحكم السعودي في نفوس كثير منهم,فأصبح بوسع أي دافع خارجي قوي أن يؤدي إلى بدء عملية تحلل الدولة السعودية الأولى في حين أن التناقضات التي كانت تفتتها من الداخل ببطء قد اكتسبت طابعاً تدميرياً,

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved