| الاقتصادية
بما أن العولمة، ليست حلماً ولاسفسطة، انما غدت وبكل جدارة قدراً محتوماً لا مفر منه, ثمة سؤال يطرح نفسه بإلحاح، ألا وهو: هل يمكننا مواجهة العولمة؟,, أي هل لدينا الامكانيات لاستيعاب العولمة وهضمها لكي نعيد صياغتها بما يناسبنا، وبما يمكننا من تفعيل مواردنا وقوانا مستفيدين من العولمة لكي نتواجد وبشكل فعّال على الساحة الدولية بكل قطاعاتها العلمية والاقتصادية والثقافية؟,.
نعم,, يمكننا ذلك، وبكل يسر وبساطة، مثلاً:
* أفلا يمكننا أن نقيم مراكز بحث بكل مصنع من مصانعنا سواء تلك التي تتبع القطاع العام (على قلتها أو ندرتها) أو تلك التي تتبع القطاع الخاص من خلال إلزام اصحابها بإقامة مثل هذه المراكز وتمويلها وربطها بمجلس أعلى يشرف على هذه المراكز الصناعية الحكومية والأهلية في المجتمع من خلال استراتيجية اجتماعية طويلة المدى؟!.
* أفلا يمكننا وهذا ما يخفف من صدمة العولمة ويقوينا عليها إقامة مراكز ابحاث في كل مشفى من المشافي الحكومية، وشبه الحكومية، والأهلية، والأجنبية (في حال وجودها)؟,,,وتشريع نظام الضمان الصحي حتى ولو كان عن طريق مؤسسات خاصة؟,.
* أفلا يمكننا من اقامة مراكز بحوث علمية حقيقية في كل قسم وفي كل كلية من الجامعات والمعاهد العليا في المجتمع وربط هذه الجامعات باحتياجات التنمية بمختلف مستوياتها، بحيث تتحول هذه الجامعات والمعاهد العلمية الى بؤر علمية وحضارية وورش انتاجية ومنابر ثقافية تساهم في تكوين وتنوير الرأي العام وتفعيله.
* أفلا يمكننا تكريس مبدأ العلاقات في كافة المجالات الانتاجية والتعليمية والوظيفية، بحيث تكون مرجعية هذه العلاقات: الكفاءة والجدارة والخبرة.
* أفلا يمكننا سن تشريعات وقوانين صادقة للقضاء على البطالة بخلق فرص متكافئة، من خلالها يصبح الانسان المناسب في المكان المناسب والعمل المناسب؟,, لماذا لا تكون لدينا قوانين تلزم أولئك العاطلين عن العمل ذاتياً، بحجة أن ما يوجد من أعمال معروضة عليهم لا تناسب مقاماتهم الاجتماعية فيتيحون الفرصة امام عمالة اجنبية تعاني من البؤس بكل أشكاله، هذا البؤس الذي يولِّد بدوره مشاكل اجتماعية لم تكن موجودة اطلاقاً بدون هذه العمالة,, بالاضافة الى انهم يشكلون ويرسخون تقاليد سلبية في مجتمعاتنا,؟؟!
* لماذا لا تعقد وبشكل دوري (كل سنة,, أو سنتين أو ثلاث وفقاً للحاجة والضرورة) مؤتمرات لتطوير التربية الحضانية والتوسع في تعميمها وباتجاه إلزاميتها وتفعيلها، ومؤتمرات لتطوير التعليم الابتدائي بمناهجه وطرائق تدريسه وتأهيل كوادره، ومؤتمرات لتطوير التعليم الثانوي باتجاه تنويعه وتقويته وربطه بمزيد من التجريب التربوي، ومؤتمرات لتطوير التعليم الفني بكل أنواعه وتوسيعه ليضم شتى انواع المهن التي يتطلبها المجتمع عملياً وعلمياً وتنموياً، ومؤتمرات لتطوير التعليم الجامعي وربطه بالبحث العلمي بدءاً من الطالب وانتهاءً بالاستاذ وبشكل يخدم التنمية والتغيير والمعرفة العلمية وعادات حضارية وقيم انسانية,,,، ومؤتمرات لتطوير تعليم اللغات والمعلوماتية، ومؤتمرات للأدباء، ورجال الدين، ومؤتمرات للأطباء، وللمؤرخين لإعادة النظر بشكل مزمن بتدوين التاريخ وخاصة بما دوّنه الآخر عنّا في مراحل شتى,,,، ولرجال القانون والتشريع لإعادة النظر بالقوانين والدساتير لاستيعاب مستجدات العصر وتغيراته,,، وللجغرافيين، ولرجال الاعلام، ولكل الفعاليات في المجتمع,, بهدف حوار وطني بمنتهى الشفافية والغيرة واللهفة على تنمية تتحدى العولمة وتعيد صياغتها.
* لماذا لا نتوسع ونتعمّق، وبشكل تجاوزي باستمرار في مجالات رعاية الطفولة والفئات الخاصة من الأطفال، ورعاية الأمومة، والشباب، والمسنين, وتعزيز هذه الرعاية بمؤتمرات سنوية وربطها بمراكز ابحاث تصدر الدوريات العلمية ونشرات بآخر الابحاث وتنظم النشاطات والفعاليات والندوات والمحاضرات، وادخال كل اشكال هذه الرعاية في المناهج المدرسية باتجاه تربية اجتماعية حاضنة وميسّرة، وإعادة التنظيم الاجتماعي على كل المستويات لاستيعاب هذه الشرائح بشكل فعّال وانتاجي,,؟!
* لماذا لا تدعم الدولة بشكل أكبر - وهي قادرة على ذلك ورابحة حتى من الناحية المادية وعلى المدى القريب قطاعات مهددة بالإفلاس الاقتصادي مثل: الزراعة، وإلا كيف يتحقق الأمن الغذائي؟ وكذلك التعليم، اذ ان دخول القطاع الخاص الى هذا المجال الحيوي لم يكن بنيّة دعم التنمية والتقدم الاجتماعيين بمقدار ما كان بغاية النفع المادي وبشكل احتيالي.
وايضاً قطاع القضاء (حراس العدالة) فبهم تستقيم مؤسسات المجتمع ويعم الأمن والرخاء,, وغيرها من القطاعات الحيوية.
* لماذا لا نتوسع، وبشكل فعليّ في إحداث جوائز لها قيمتها المحلية والعالمية، مادياً ومعنويا، اجتماعياً وعلمياً، نفسياً وعقلياً للمبدعين في كل المجالات من الأدب في الرواية والقصة والشعر والمسرح الى الفنون والعلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية والانسانية,, ولكل مزارع ناجح,, ولكل مهني ناجح، ولكل عامل أكثر انتاجية وإبداعية,, وللأساتذة الجامعيين المتميزين علمياً وتدريسياً,, والى الأم المثالية، والأب المثالي والسائق الذي لم يرتكب أي حادث مروري، والى كل تاجر ورجل اعمال ناجح نجاحا حقيقياً,, والى كل طالب متفوق,, والى كل موظف متميز,, والى كل مواطن يجسِّد فعلياً ولاءه لوطنه ومجتمعه من خلال نجاح حقيقي متميز.
* لماذا لا نعمل على إحداث وتطوير جمعيات اهلية ثقافية وخيرية ورياضية وفنية وأدبية وعلمية وتراثية وترفيهية، ونساعدها، لا بل ونشجعها ماديا ومعنوياً على إقامة مهرجانات سنوية احتفالية وانتاجية تكرس اعرافاً وقيماً حضارية وتوسّع آفاقها الاقليمية والعالمية بشبكة من العلاقات مع مثيلاتها في مجتمعات اخرى.
ما ذكرته اعلاه، ليس كل شيء,, وانما كان على سبيل التذكرة وليس على سبيل الحصر,, وما ذكرته ايضاً قصدته لإثارة النقاش وتحريضه ودفعه الى اقصى ما يمكن ان يؤدي به,, وأنا لا أزعم بأنني أحمل مشروعاً حضارياً جاهزاً ونهائياً، فمثل هذا المشروع لا يكون مشروعاً الا عندما تشرّع له كل الفعاليات الاجتماعية وبشكل مترابط ومتفاعل دونما استبعاد أو إقصاء لأي نوع من أنواع المعرفة أو لأي طبقة اقتصادية أو لأي مهنة أو لأي فعل أو سلوك اجتماعي قويم وناجح.
* جامعة الملك سعود .
|
|
|
|
|