| مقـالات
عرف الناس منذ القدم نباتات اذا استخدمها الفرد تؤثر بوضعه الصحي ودرجة وعيه، وتوحيد الطاقة وتوازنها داخل جسمه، ومن تلك النباتات التي لم تزل تزرع ومعروفة حتى يومنا هذا، وهي القنب أو الخشخاش والحشيشة وكلها مخدرة، الى جانب المخدرات المصنعة كيميائياً والتي زادت باعداد وأشكال كبيرة، وبعد ان كانت تستخدم كعلاج صارت مزاج وأقبل عليها الشباب وخصوصاً منذ الستينيات من القرن العشرين,, انها تمنحهم حالة انعدام نسبي للذات خالية من القلق والهموم، وعن طريق شمها أو تعاطي الحقن أو تناول الاقراص يتم تجاوز الذات والوقت والعوم في فراغ,, مما يولد السكينة والهدوء, ان النشوة التي تسببها تلك العقاقير قد تعتبر تجربة ممتعة، ولكنها مؤقتة، حين يعود المتعاطي الى الواقع المعاش، إلى مشاكله وهمومه والى حاله القنوط واليأس التي ربما كان يعيشها نتيجة عدم تحقق آماله وبذلك يدخل الشخص المتعاطي إلى حالة تشبه الحلقة المفرغة، تظل تجره في متاهات لا نهاية لها,, ويتحول إلى نوع من الاستعباد وهي ما يسمى الادمان ,, حين يتبلد حسه ويظل في حالة هروب دائم، وانفلات مستمر في دوائر ضبابية تبعده عن الواقع الذي يحتاج إلى مجابهة عقلانية وقوة نفسية ومنطق, المخدر يسبب حالة تشويش للشخص، تنعدم لديه القدرة على التعلم والانتاج والابداع الخلاق، وتتشابك خطوط عواطفه ومزاجه، وتصبح الدوافع لديه غامضة، وحتى الالتزامات والأهداف لا معنى لها لديه، والمهارات العقلية المكتسبة، واحترام النظام والسعي إلى التفوق كلها تحل محلها اللامبالاة فقط السعي من أجل اقتناص اللحظات القصيرة من اللذة التي يمازجها الخوف,, ثم الغرق في قعر الندم,, ولكن لماذا ينحدر الإنسان الى تلك الهوة؟ لماذا يدمن الإنسان المخدرات؟ يقول علماء النفس والاجتماع في مجال الادمان: ان من يتناولون المخدرات في الغالب ناس اعتادوا الخضوع لرغبات الآخرين، أو أطفال اعتمدوا كلياً على ذويهم، ويحدث لأولئك الذين يفتقدون الاستقرار النفسي والعائلي في حياتهم، ولمن يعانون صراعات داخلية غير حاسمة بين الرغبة في الاستقلال الذاتي والاعتماد على الغير، لذلك فإن المسؤولية الوطنية تتجلى في تكاتف الجميع من أجل تعريف شبابنا وبشكل واضح، بالمخاطر البدنية والعاطفية والاجتماعية التي يتعرض لها الفرد حين يضعف ويتناول تلك المواد المخدرة، وتنبيه الطلبة في سن مبكر، ونشر الوعي المعرفي في وسائل الإعلام المختلفة حول أنواع تلك العقاقير والمواد وتجنبها، حيث ان الأصدقاء أحياناً يشجعون اصدقاءهم على تناولها.
هناك لحسن الحظ استراتيجيات بديلة لمكافحة تلك المواد,, فالإنسان الذي يبحث عن وسائل لمواجهة مشاكله وأزماته الداخلية والخارجية، بدلاً من اللجوء إلى حقنة هيرويين، أو قرص ماريجوانا، أو شمة كوكايين وجميع هذه الأشياء تدهور جسم الإنسان وتحطم أخلاقه، حين يدمن عليها، يقال ان التأمل وألعاب اليوغا والسير على نظام غذائي صحي والتدرب الذاتي على الاسترخاء العضلي والعقلي، كل تلك الحالات تساعد على مقاومة الرغبة في تناول المخدرات والمهدئات، والهروب السلبي من المشكلات والوحدة والحزن، ان ثرثرة الذات، أو النفس وهي وابل الافكار المقلقة التي تزدحم في العقل والنشاط الجسدي المتزايد كلها تؤدي إلى شعور بالارهاق والتشنج، وممارسة اليوغا التي هي كلمة سنسكرتية تعني الاتحاد او جمع الشتات أو الشمل أي تكثيف شتات نفسك الموزعة القلقة,, انها تمنحك الهدوء والمرونة عن طريق ممارسة تمرينات عضلية هادئة,, التأمل يمنحك السكينة، وهو تدريب يرتبط بخيالات عقلية توجهها النفس أي تتكلم مع جسمك .
علماء النفس يقولون لك,, بدلاً من أن تضعف وتختار مادة مخدرة للهروب من مشكلتك، حاول أن تقرأ كتابا، أن تزور أهلك، أن تطبخ، أو تعيد ترتيب البيت أو تدرس وتتفوق وتلجأ إلى الله قبل كل شيء.
|
|
|
|
|