| مقـالات
خروج بعض الطلاب عن جادة السلوك الصحيح، وانفلاتهم من قيود وضوابط القيم والأخلاقيات المجتمعية المعتبرة، وتمردهم على النظم المدرسية يبقى اشكالية جوهرية وهم تشترك فيه كل النظم التعليمية والاجتماعية دون استثناء, وتمثل قضية الانضباط السلوكي بالنسبة للمعلمين والتربويين عموما هاجسا مقلقا وتحديا شرسا، فهي في نظرهم ليست مرضا تعليميا فحسب بل مرضا اجتماعيا يجب البحث في علاجه وإلا كان الثمن الذي ندفعه غاليا.
في حديث سابق كنا قد أشرنا إلى إنها مسؤولية النظام التعليمي ان يقدم للمعلمين كل فرص التعليم والتدريب التي تمكنهم من معرفة وتنفيذ استراتيجيات مواجهة المشكلات السلوكية في فصولهم, وكنا قد اشرنا ايضا إلى أننا سوف نتناول هذه الاستراتيجيات بشيء من التحليل، ولو على مستوى العموميات، إلا انه يحسن بنا قبل ذلك ان نشير في هذا المقام إلى بعض الفرضيات الأساسية المتعلقة بمشكلة غياب الانضباط السلوكي.
أولا : أيا كانت الاستراتيجيات المقترحة لمواجهة العنف وسوء السلوك في المدارس فإنها أي الاستراتيجيات يجب أن تكون واقعية وعملية وتؤدي إلى نتائج مشاهدة على الأرض, الحلول السهلة والسريعة لا تكون واقعية طالما لم تؤد إلى الحد من ظاهرة سوء السلوك.
ثانياً : يجب أن تؤسس استراتيجيات مواجهة سوء الانضباط السلوكي بصورة اساسية على مجموعة من القيم بدلا من بنائها على سياسة العقاب والثواب, تنجح استراتيجيات تصحيح وتعديل السلوك في تحقيق هدفها عندما يختار الطلاب بطوعهم ان يكونوا منضبطين في غياب السلطة, فمثلا، القيمة الأخلاقية المتمثلة في ان إلحاق الضرر بالآخرين هو خطأ بحد ذاته يجب ان تكون هي محرك السلوك الطلابي، في حين ستبقى اشكالية سوء السلوك قائمة طالما بقيت مقولة سوف أواجه مشكلة كبيرة لو أنني ألحقت الضرر بالآخرين , مبدأ العقاب والثواب يمكن استخدامه في المواقف قصيرة المدى فقط، ولكن التغييرات بعيدة المدى لا تتحقق إلا بطرائق تنطلق من مجموعة القيم العالية النبيلة.
ثالثاً : يجب ان يجد كل طالب القبول التام في مدرسته حتى وإن لم يعجبنا سلوكه فمن المفترض ألا يكون سوء سلوك الطالب داعيا إلى تهميشه والتقليل من قيمته, علينا ان نتعامل مع سلوك الطالب من منظور ابوي صادق وليس من منظور نظام العدالة الجنائية.
E-mail:Alomar20@yahoo.com
|
|
|
|
|