| العالم اليوم
لم يغفل الفكر السياسي والأخلاقي والاجتماعي بل وحتى العدلي ما يمكن أن يقوم به المحتلون للأراضي والشعوب التي تصبح عادة مفروضاً عليها العيش تحت ظل الاحتلال بعد العدوان العسكري والحروب التي عادة ما تكون انعكاسا لاختلال في المواقف الدولية وتغير في موازين القوى والتي هي نتيجة حتمية لاختلال المواقف الدولية.
نقول لم يغفل المفكرون كل في اختصاصه هذا الجانب ولذلك وضعت ضوابط للحد من حماقات بل جرائم المحتلين التي لم يغفلها التاريخ، حيث هناك العديد من الصفحات السوداء في تاريخ البشرية تثبت تلك الجرائم التي لم تمح من الذاكرة الإنسانية فلايزال الإنسان يتذكر جرائم المغول، وما فعله هولاكو في بغداد وغيرها من المدن الإسلامية، ولم تغب عن الذاكرة جرائم النازي ولم تنس ما فعله العنصريون في جنوب افريقيا وما ارتكبه المستعمرون في الهند وفيتنام والجزائر وغيرها من البلدان التي ابتليت بالاستعمار والاحتلال.
وهذا شيء مؤكد ومعروف إلا أن الذي يستغرب له هو أن كل ما ذكر قوبل بالاستنكار والشجب بل ومحاولات كتب للكثير منها النجاح لانهاء تلك الجرائم ووقفها وإعادة الاعتبار للمتضررين سواء بالتعويض أو بالاعتذار، فالألمان يعتذرون من الفيتناميين، وكذلك الفرنسيون يصيغون مبادرة الآن للاعتذار من الجزائريين.
إذا كان هذا يحصل من الألمان والأمريكيين والفرنسيين، وإذا كان العالم قد استهجن ما فعله الغزاة المحتلون في العصور الماضية والعصر الحديث وأجبروا المعتدين على دفع التعويض والاعتذار فإن هذا العالم بما فيهم من يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان والقيّم الإنسانية والسعي لإشاعة السلام وتثبيت الأمن بل أكثر من ذلك نجد هؤلاء بالذات يمنعون الأسرة الدولية ليس فقط من معاقبة المحتلين والذين يثيرون العدوان ويشنون الحروب، بل يساعدونهم ويمدونهم بعناصر القوة ليحولوا احتلالهم إلى أمر واقع يثبت بمواثيق استسلام، وهو ما تنفرد به حالة العدوان والحرب الإسرائيلية المفروضة على العرب منذ أكثر من نصف قرن، وكل ما يتبعها من افرازات سلبية كالاحتلال والتدمير المبرمج للإنسان والأرض والبيئة وكل الاضافات الإنسانية الأخرى من تاريخ وجغرافيا وتراث.
إسرائيل احتلت فلسطين فحاولت إلغاء شعب بعد أن ألغت وبمساعدة كل القوى الدولية دولة من خارطة العالم، وتعمل الآن وبمرأى من العالم كل العالم على إبادة شعب بكامله وقد نصبت آلة الموت التي تلتهم كل يوم بمعدل ستة أو أكثر.
وفي لبنان دمرت ماكينة الحرب الإسرائيلية الإنسان والبيئة ولم تندحر إلا بعد أن آمن اللبنانيون أن الحق لا يسترد إلا بالقوة.
وفي الأردن نهبوا ودمروا واستباحوا الأرض والماء وبادلوا الاحتلال باتفاقيات تعطيهم الأمان، فلايزال ينقضون وفي كل يوم تلك العهود فلا حصة الأردن من المياه اوفوا بها ولا منعوا أنوفهم وعيونهم من التلصص على الجار الذي فرض عليه أن يتعايش مع جار خبيث.
وقبل الأردن ولبنان عانت مصر من هؤلاء الخبثاء فبعد استنزافهم لأرض سيناء وسرقة البترول والآثار بذل المصريون جهدا غير استثنائي حتى أجلوهم من أرض سيناء.
واليوم يكررون نفس الجرائم بل وأكثر مع سوريا وفي أرض الجولان المحتلة إذ كشف المواطنون العرب السوريون في الجولان عن قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدفن نفايات سامة في الأراضي السورية في هضبة الجولان وقد أبلغ المواطنون السوريون الذين يعيشون تحت نير الاحتلال ممثلهم في مجلس الشعب السوري مدحت صالح الموضوع وتفاصيله، وأن سلطات الاحتلال بعد أن انكشف ما كانت تريد القيام به في الأردن حيث كانت تخطط لدفن المواد السامة التي تتضمن مواد مشعة ومواد كيميائية في الأردن إلا ان الصحافة الأردنية اكتشفت الموضوع وشنت حملة إعلامية كبيرة تم على أثرها إلغاء الخطة.
هذه الفعلة الإسرائيلية المشينة التي تصنف وهي كذلك كواحدة من أبشع الجرائم لخطورة النفايات السامة لتأثيراتها الصحية والخلقية في تشويه الأجنة ونشر أمراض السرطان بين المواطنين السوريين في الجولان لا تستدعي التدخل الدولي فحسب لمنع سلطات الاحتلال من العبث بأرض محتلة بل يجب أن يتم فرض عقوبة رادعة تجعلها توقف تجاوزاتها التي أصبحت لا تحتمل أن يعمل الآخرون على حمايتها من العقاب,.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|