| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية أقدر لجريدة الجزيرة دورها الرائد ومساهمتها الفعالة في خدمة المجتمع وإتاحة الفرصة لتبادل الرأي في المواضيع ذات الأهمية الوطنية وتعد صفحاتها إحدى هذه المساهمات الهامة إذ أصبحت منبراً هاماً للمختصين بتمكنها من المحافظة على مستوى جيد في الأطر المختلفة التي تبحثها متمنياً لها مزيداً من التطور.
ونظراً لقرب حلول عيد الفطر المبارك ولكثرة ما يتم ذبحه من الذبائح في هذه المناسبة يسرني المشاركة بهذه المقالة والتي سأتحدث من خلالها عن فعالية المسالخ البلدية في المحافظة على الصحة العامة وسلبيات الذبح في المسالخ غير النظامية، ونظراً لأهمية الموضوع وعلاقته المباشرة بصحة وسلامة المستهلكين إضافة إلى الحفاظ على المظهر الحضاري الذي يجب أن يتناسب مع النهضة التي تشهدها مملكتنا الغالية وحيث انني ممن لديهم بعض المعلومات في هذا المجال بحكم عملي بأحد المسالخ البلدية، أردت المشاركة بهذه المقالة من منطلق المسألة الوطنية والنصح لإخواني والحرص على سلامتهم وكذا المساهمة في نشر الوعي الصحي واضعاً الحقائق كاملة أمام المستهلك الكريم بالدور الذي تقوم به المسالخ البلدية في المحافظة على الصحة العامة.
وأدعوك عزيزي القارئ إلى مصاحبتي عبر هذه السطور, فالذبح في المسالخ غير النظامية واقع ملموس وظاهرة قائمة رغم ما تنطوي عليه عملية الذبح في هذه الأماكن من الجوانب السلبية التي تساهم بشكل كبير في انتشار بعض الأمراض وفي أحيان أخرى عدم إمكانية السيطرة على العديد منها على الرغم من اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الوقائية, لذا فإن ظاهرة الذبح في هذه الأماكن المشار إليها لها آثار سلبية عديدة على الاصحاح البيئي.
ولا يخفى لدى الكثيرين أن هناك العديد من الأمراض الوبائية المعدية المشتركة التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان وعددها أكثر من 200 مرض منها على سبيل المثال البروسيلا (الحمى المالطية) والباسترلا والديدان الشريطية وحمى الوادي المتصدع,, الخ, وتسبب للإنسان تأثيراً صحيا سلبيا مؤقتا أو مستديما، هذا إلى جانب الخسائر المادية والاقتصادية الفادحة التي قد تنجم عن عدم الالتزام بالضوابط الصحية أو المعايير الفنية البسيطة في سبيل تحقيق الاصحاح البيئي، وبما أن العاملين في هذه الأماكن المشار إليها يوجد عليهم بعض السلبيات والملاحظات ويفتقرون إلى المعرفة بكيفية التعامل مع الذبائح وحمايتها من التلوث مما يؤثر على صحة المستهلك ومن هذه الملاحظات:
1 عدم إراحة الذبيحة قبل الذبح مما يقلل من فترة صلاحية اللحوم للاستهلاك الآدمي نتيجة عدم اكتمال حالة الحموضة بالعضلات وظهور قتامة في العضلات نتيجة ضعف عمليات أكسدة الدم حيث ان إراحة الذبيحة قبل ذبحها تؤدي إلى تمام النزف نتيجة للانقباضات العضلية التي تحدث كرد فعل لعملية الذبح وبالتالي إلى جودة اللحوم نتيجة استنزاف الدماء الكاملة منها إذ ان من المسلم به ان الدماء بيئة مثالية لتكاثر الميكروبات وعليه فإن أي زيادة في كمية الدماء الباقية بالأنسجة تشكل الأثر السيىء على عوامل الحفظ باللحوم حيث ان من مظاهر الادماء السيىء عند فحص الذبيحة أن يكون اللحم قاتماً متميعاً وتكون الأوعية الدموية تحت الجلد ممتلئة بالدم, وإن نسبة النشأ الحيواني (الجليكوجين) في لحوم الذبائح التي يتوفر لها قسط من الراحة قبل ذبحها تكون أعلى منها في الذبائح المجهدة، والجلاكوجين له دور هام في الحفاظ على اللحوم وجودتها وحسن مذاقها.
2 ومن الملاحظات عدم تصويم الحيوان قبل الذبح, حيث يؤدي تصويم الذبيحة قبل الذبح إلى تحقيق كفاءة إدماء عالية واكتساب الذبيحة مظهراً حيوياً براقاً.
3 ومن الملاحظات عدم سقي الذبيحة حيث ان سقي الذبيحة قبل الذبح يخفف العدد البكتيري في الأمعاء كما يساعد على نزع الجلد أثناء عملية السلخ.
4 قيام العمال بنفخ الذبيحة بالفم قبل السلخ وهذا سلوك غير صحي ويعتبر من طرق الغش أو الايهام الخادع حيث تظهر الذبيحة الضعيفة أو النحيفة بمظهر يختلف عن طبيعتها قبل الذبح.
5 تأخير عملية سلخ الذبيحة وتجويفها بعد اتمام عملية النزف نظراً لانشغال الجزار بأعمال أخرى مما يؤدي إلى تسريع عملية فساد اللحوم وإتلافها كما يقلل من فترة بقائها صالحة للاستهلاك الآدمي، كذلك عدم أخذ الحيطة والحذر عند تجويف الذبيحة وذلك بعدم إبعاد الأحشاء عن نصل السكين مما يؤدي إلى جرحها وتلويث الذبيحة وكذلك عدم توخي الحذر عند قطع الحوصلة المرارية مما يؤدي إلى تلويث الذبيحة.
6 قيام العمال بالتعامل غير السليم مع مخلفات القناة الهضمية وعدم القضاء الكامل عليها وغالباً ما تكون محملة بميكروبات السالمونيلا وهي أحد مسببات التسمم الغذائي مما يجعلها مصدراً خطراً للعدوى.
7 انتشار الحشرات والقوارض في هذه الأماكن لذا فانها تلعب دوراً هاماً في تلويث الذبائح حيث ان الذباب له دور ميكانيكي في نقل الميكروبات في أماكن تواجدها على اللحوم.
8 عدم نظافة أدوات الذبح كالسكاكين المستخدمة في الذبح والسلخ حيث لها دور هام في تلويث الذبائح كذلك الإصابات الموجودة في أيدي وأذرع العمال قد تكون مصدراً لتلويث اللحوم وملابس العمال وكذلك ثنيات الجلد الموجودة على الأيدي تحتوي على بكترياء الباراتيوفئيد والدوسنتاريا لعدم درايتهم بأهمية تنظيف وتطهير الأيدي.
9 عند سلخ الذبائح يمثل جلد الذبيحة المصدر الرئيسي لتلوث اللحوم وبخاصة في فصل الشتاء حيث يكون جلد الذبيحة موحلاً وقذراً للغاية اذ يحتوي على أعداد هائلة من البكتريا ووجوده على سطح الذبيحة يساعد على تلويثها وهي تنتقل أثناء السلخ اليدوي.
10 هذه المسالخ غير النظامية صغيرة الحجم مما يؤدي إلى تكدس الذبائح فيها ولمس سطح الذبيحة للأرض والجدران أو حتى جلد الذبيحة التي غالباً ما تكون ملوثة بكافة أنواع الميكروبات ويكون مصير هذه الذبائح اما الفساد أو نقل الأمراض لمستهلكيها وإما الاثنين معاً وبما أن المسالخ البلدية لها دور كبير في المحافظة على صحة البيئة وصحة المستهلك فإنني أوجزها بعجالة بالنقاط التالية:
1 ذبح الحيوانات بصورة جيدة حسب أحكام الشريعة الإسلامية والتخلص من الحيوانات المريضة.
2 يتم بالمسالخ البلدية تجميع الناتج الضخم من عمليات الذبح كما يتم إحكام السيطرة على التعامل مع مخلفات هذه العملية حيث يتم التصرف فيها خلال القنوات الاقتصادية والصحية مما يترتب عليه تسهيل حل بعض المشاكل مثل مشكلة تلوث البيئة.
3 تقوم المسالخ البلدية بدور هام وحيوي في تجارة اقتصاديات اللحوم بما تقدمه من إحصائيات وبيانات هامة تساعد على رسم الخريطة الاقتصادية لهذه السلعة الهامة يؤدي بالتالي إلى نموها وانتعاشها اقتصادياً كما أنه يمنع منعاً باتاً ذبح إناث الماشية للحفاظ على الثروة الحيوانية.
4 يتم بالمسالخ البلدية الكشف عن الأمراض التي تنتقل من اللحوم إلى الإنسان ومنها مرض السل والبروسيلا (المالطية) والديدان الشريطية وكذلك الكشف على الأمراض المعدية والوبائية التي تصيب الحيوان والتخلص من معدومات الأعضاء والذبائح بالطرق الصحية.
5 وقاية الإنسان من لحوم فقدت صلاحيتها كأن تكون هزيلة أو مذبوحة بعد النفوق من خلال فحص الحيوان قبل وبعد الذبح.
6 تعتبر المسالخ البلدية حقلا هاما تجري فيها كثير من البحوث العلمية المتعلقة بصحة الإنسان والحيوان.
7 يتم بالمسالخ البلدية معالجة الاسقاط والمخلفات وتجهيزها ومنها الجلود والشعر حتى تتم الاستفادة منها.
8 المحافظة على القيمة الغذائية للحوم لمد المستهلكين بأعلى قدر من البروتين الحيواني العالي الجودة.
9 المعاملة السليمة للحوم للمحافظة على مذاقها واستساغتها لإمداد المستهلك بلحوم سليمة خالية من الأمراض.
10 في المسالخ البلدية يمكن للقائمين على عملية فحص اللحوم القيام بدورهم على خير وجه لأن التنقية الحديثة مكنت فاحصي اللحوم من سرعة الفحص ودقته وسهلت لهم أيضاً تبريد الذبائح لإجراء مزيد من الفحوص بعد التبريد.
11 فحص وتقييم الذبائح من قبل الطبيب البيطري المسؤول عن صحة اللحوم بالمسلخ وذلك بختم الذبائح لنميز الفصائل الحيوانية المختلفة كما يساعد على تميز أعمارها علاوة على دلالاتها الواضحة بأن اللحوم خالية من مختلف الأمراض والعيوب وصالحة للاستهلاك وهي من الأمور الهامة التي تريح المستهلك، حيث تدخل عليه الطمأنينة والارتياح.
والأختام المستخدمة هي أختام خاصة وتحتوي على علامات توضح اسم المسلخ ونوع الحيوان وتاريخ الذبح إضافة إلى علامات سرية والصبغة المستعملة في الأختام مأمونة الاستخدام, ومن هنا يتضح أهمية ذبح الأنعام في المسالخ البلدية لمنع ذبح الحيوانات المريضة وإجراءات الاعدام الكلي أو الجزئي في الحالات التي تستدعي ذلك والتأكد من اتمام عمليات الذبح والسلخ والإعداد بطريقة صحية تمنعها من التلوث حفاظا على صحة وسلامة اللحوم ومن ثم حفاظا على الصحة العامة وقد وضعت المسالخ البلدية خطة لاستقبال ذبائح المواطنين بهذه المناسبة من خلال تكثيف العمل وكذلك زيادة عدد العمال العاملين في المسالخ والجزارين المهرة الحاملين للشهادات الصحية, تلك نبذة مختصرة عن أهمية المسالخ البلدية في المحافظة على الصحة العامة وبهذه المناسبة تؤكد البلديات للأخوة المواطنين والمقيمين بضرورة تعاونهم معها لما فيه مصلحتهم وذلك بالحرص على ذبح ذبائحهم في المسالخ البلدية والتي أنشأت من أجلهم سواء لمنازلهم أو لولائمهم حفاظا على صحتهم وصحة أسرهم وحرصاً على حصولهم على لحوم خالية من الأمراض حيث ان المسالخ البلدية يتوفر فيها جميع مستلزمات المحافظة على صحة المستهلك, وأخيراً آمل أن أكون قد وفقت في توضيح دور وفعالية المسالخ البلدية في المحافظة على الصحة العامة وبودي في ختام هذه المقالة أن أعرب عن بالغ تقديري لهذه الصحيفة لاهتمامها بقضايا المستهلك في هذا الشأن وخصوصا في مجال الغذاء الصحي وهو ما يؤكد اضطلاعها بمسؤولياتها تجاه المستهلك، وأقدم شكري للقائمين على هذه الصحيفة على تبني مثل هذه المواضيع والتي نحاول من خلالها رفع قدر مجتمعاتنا مع تحياتي ودعواتي لها بالازدهار والاستمرار.
حمد عبدالرحمن العبودي الطبيب البيطري ببلدية الخبراء والسحابين إدارة المسالخ البلدية
|
|
|
|
|