| الفنيــة
* كتب محمد المصطفى الجيلي:
عاد الفنان السوري القدير والمخرج الضخم نجدت اسماعيل أنزور لقاعدة إبداعه من جديد وهو يطل علينا هذا العام بواحدة من روائعه التي تحمل في خط سيرها الإخراجي ذات الرؤى التي اتبعها في إخراج الكثير من انتاجه مثل (الجوارح) و(الكواسر) و(الموت القادم من الشرق) وغيرها, حيث قدّم لنا المسلسل الرائع البواسل الذي قام بتأليفه الكاتب القدير هاني السعدي، واختار انزور لبطولته كلاً من المخضرم أسعد فضة الذي لعب دور ابن الوهاج ، رشيد عساف في دور العرندس ، صباح عبيد في دور الباشق ، بيير داغر في دور القعقاع وعبدالرحمن القاسم في دور ابن الرومية .
والمسلسل الذي تم تصويره في كل من المغرب وسورية والإمارات جاء امتداداً للجوارح والكواسر وكأن أنزور أراد أن يقدمهما لنا برؤى جديدة نصاً وإخراجاً، بينما اختار نفس الشخصيات تقريباً والذين رافقوه فيهما لإكمال ما سبق أن قدمه ليكون البواسل رؤية درامية تكميلية لاسطورة الجوارح والكواسر، وأياً كان الأمر فالبواسل جاءت لتؤكد تميز أنزور ومقدراته الهائلة في مجال الإخراج الذي حمل هم الدهشة وتبنى تأصيلها بداخل أخيلة الرائي وذلك من خلال النهج الفنتازي الذي اتبعه في إخراجه لهذا المسلسل.
أما التميز فقد صاغ عنوانه وهو يحاور برؤاه أربعة أحداث كل حدث يحمل بداخله عنصراً درامياً متكاملاً (بداية عقدة حلاً) تتباين وتيرة المشاهد شكلاً الشخوص والأزياء والديكور والإكسسوار وبلاتوه التصوير ومضموناً لغة الحوار ليجد في النهاية صيغة تحاور الأربعة مشاهد بدلالة استرجاع العنصر الدرامي لوحدة تجمعهما سوياً وليكون قاسمهم المشترك وعاء النص الكبير الذي تصب فيه الأحداث.
أي أنه بصورة أكثر تبسيطاً ترك خيطاً رفيعاً يجمع بين هذه الأحداث الأربعة المتباينة كما أسلفت وزاد من سُمك هذا الخيط كلما أخذت الأحداث في التصاعد حتى ربط بينها رغم تباينها بدهاء يحسد عليه عندما بلغت الأحداث ذروتها,كما انه أعطى لكل مشهد هوية تخصه دون سواه من حيث الإضاءة وحركة الكاميرا التي ارى بأنه وضع فيها لنفسه منهاجاً خاصاً ومدرسة قائمة بذاتها وكذلك الموسيقي التصويرية والمؤثرات الصوتية والتي استوحاها من ايحائية المشهد واعتمد في معظمها على أصوات البشر حسب مقتضى الحالة الدرامية وأجواء الانفعالات التي يتطلبها الحوار الدرامي,أما عن لغة الحوار، فقد استخدم الكاتب القدير هاني السعدي لغة راقية وحواراً قوياً وأتى بعيداً عن المبالغة والتسويف وبإسلوب منطقي أضفى إلى النص المعقولية والإتزان وجعله سلساً سائغاً,بقي أن نقول ان هنالك بعض المآخذ على المسلسل قللت ولو بشكل بسيط من أسهم نجاحه أذكر منها:
هنالك العديد من المشاهد التي بالغ أنزور في إطالتها دون مبرر درامي مقنع وكان من الممكن حذفها حيث انها في اعتقادي لاتخدم النص وكان الأجدى أن يشير إليها مجرد إشارة ويوالى من بعدها الأحداث المهمة في المسلسل.
افتقرت بعض مشاهد ال Action للمنطقية واختفت اللقطة المقنعة من عدسات التصوير خاصة تلكم اللقطة التي جمعت بين العرندس وشاهين من جهة و جثاهة وجيشه من جهة أخرى.
حملت شخصية القعقاع الكثير من المتناقضات بعكس ماحاول أنزور أن يطلعنا عليه حول ابعاد شخصيته التي حملت حقداً عظيماً لقبيلة ابن الوهاج لتسببها من إعاقة والده جندع فأتى قبيلة ابن الوهاج لينتقم منهم, ولكنه من بعض المشاهد يحكم عاطفته لصالح بعض من أتى للانتقام منهم وذلك بعكس البعد المنطقي الذي لمسناه في شخصيته في المسلسل.
بعض الممثلين جاء انفعالهم بادوارهم مبالغاً فيه وخيالياً في بعض المواقف وكأنهم يمثلون على خشبة مسرح لا أمام كاميرا وإطار لايستوعب مثل هذه الانفعالات.
اختل ايقاع بعض المشاهد وجاء غير مرتب يرتفع وينخفض بدون دوافع ومبررات كافية مما أدى إلى خلل درامي في هذه المشاهد ترتب عليه توتر أصاب متابعي المسلسل,, وأخيراً أقول أنه بالرغم من هذه السلبيات إلا ان المسلسل يعد من روائع المسلسلات التي عرضت في رمضان.
|
|
|
|
|