| مقـالات
هناك ثمة مؤشرات اقتصادية إيجابية يجب التوقف عندها بهدف تحليل إنعكاسات الميزانية الجديدة على الاقتصاد السعودي, ويمكن استخلاص اهم هذه المؤشرات من بيان وزارة المالية والاقتصاد الوطني عن الاقتصاد السعودي وبرامج الميزانية الجديدة بالاضافة الى ما اوضح عنه الدكتور ابراهيم عبدالعزيز العساف في مؤتمره الصحفي عن الميزانية الجديدة الذي عقد بمحافظة جدة يوم الثلاثاء الماضي والذي اتسم بالشفافية ,,,, نهجا حيوياً في الافصاح عن بعض وربما اهم المؤشرات والجوانب المالية المتعلقة بالاقتصاد السعودي, المؤشر الاكثر أهمية في الميزانية الجديدة هو تساوي طرفي الايرادات والمصروفات واختفاء العجز بعد ان لازم ميزانية الدولة لمدة سبعة عشر عاماً متتالية.
وعلى الرغم من ان اختفاء العجز قد عُزي لارتفاع اسعار البترول وكميات الانتاج, الا ان اختفاء العجز، كرقم مقلق في الميزانية الحكومية، هو بحد ذاته مؤشر ايجابي كان يشكل هدفاً توقعت خطة التنمية السادسة الوصول اليه في السنة الاخيرة من الخطة اي في عام 1999م, ولم تخدم اسعار البترول الاقتصاد السعودي لتحقيقه في ذلك العام وتمكنت من تحقيقه مع نهاية السنة الأولى من خطة التنمية السابعة الحالية، والتي تدخل سنتها الثانية مع بداية العام الجديد 2001م, ويمثل هذا الحدث عامل قوة ودفع لخطة التنمية السابقة باعتبار ان ميزانية الدولة هي وسيلة لتحقيق اهداف واستراتيجيات خطط التنمية الاقتصادية.
المؤشر الثاني الذي اشار اليه بيان وزارة المالية والاقتصاد الوطني هو زيادة معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 4,11% مقارنة بنسبة النمو السكاني والتي تقدر بنحو 3,3%.
هذا المؤشر يعكس نمواً حقيقياً ايجابياً في الاقتصاد السعودي.
الاقتصاد مثل الانسان تماماً, يحتاج الى جرعات ثقة ودعةم وتنشيط, تخلق فيه عوامل دفع تعطيه نوعاً من الزَّخم للانطلاق, وتحقيق معدل نمو إيجابي حقيقي يوفر هذا المناخ للمستقبل ويعطي فعاليات الاقتصاد بشقيها العام والخاص الفرصة المطلوبة للتفكير في المستقبل.
والتفكير في المستقبل صفة إنسانية إيجابية تستثمر الواقع بالتفاؤل في المستقبل, والمؤشر الثالث هو زيادة الايرادات لعام 2000م ووصولها الى 248 مليار ريال سعودي الامر الذي مكن الدولة من تسخيرها لتسديد جزء من الدين العام المتراكم طوال سبعة عشر عاماً وفوائده المستحقة وتسديد جزء من التزامات الدولة للقطاع الخاص, وهذا يعني بداية مرحلة من الايرادات تمكِّن الدولة من خفض حجم الدين العام الأمر الذي يسهم مباشرة في ضخ السيولة في الاقتصاد وتحريك الدورة الاقتصادية, وهذا يؤدي بالضرورة الى تفعيل دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني المؤشر الرابع هو تأصيل مبدأ الشفافية والافصاح المسؤول عن المعلومة الاساسية في الاقتصاد، وجاء ذلك في اعلان وزير المالية والاقتصاد الوطني لأول مرة عن حجم الدين العام الذي وصل الى 600 مليار ريال سعودي, هذا الافصاح يخلق الوعي الاقتصادي في المجتمع ويبرر الاهتمام بسياسة الترشيد لمصلحة الأجيال القادمة ويعزز التوجه نحو تفعيل مصادر الايرادات غير البترولية كهدف استراتيجي سعت خطط التنمية الاقتصادية الى تحقيقه منذ صدور خطة التنمية الاولى في عام 1970م, كما ان ذلك قد يكون دافعاً عمليا لاعادة هيكلة الاقتصاد وتفعيل برنامج التخصيص ليكون القطاع الخاص اكثر قدرة على المشاركة في تحقيق الدخل وتخفيف العبء عن ميزانية الدولة, هذه المؤشرات الاقتصادية الايجابية هي في مجملها قوة دفع حقيقية ستحقق للاقتصاد السعودي ميزة ذاتية للانطلاق الى حقبة تنموية قادمة تتحقق من خلالها اهداف واستراتيجيات خطة التنمية السابقة.
* عضو مجلس الشورى رئيس تحرير مجلة (عالم الاقتصاد)
|
|
|
|
|