| مقـالات
إنها البقاع الطاهرة التي شهدت مهبط الوحي ومولد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم وانطلاقة الدعوة الإسلامية المباركة حاملة نور الحق واشعاع الهداية إلى كل أرجاء المعمورة، تلك الدعوة القائمة على الفطرة السليمة ولذلك كان انتصارها بديهياً وأمراً منطقياً، وها نحن نشهد كل يوم انضمام قوافل جديدة من المؤمنين لرحاب الهداية الربانية.
لقد كان الحج الركن الخامس في الإسلام، فهو فريضة على كل مسلم استطاع إليه سبيلا، وهكذا كان التجمع المبارك السنوي مؤتمراً حيوياً وأساسياً في الحياة الإسلامية ونحن نعلم ان مكان هذا التجمع هو مكة المكرمة والتي لا تنقطع وفود الزائرين المعتمرين إليها على مدار العام وليل نهار صيف شتاء، انها أم القرى التي تحوي بقلبها الحرم المكي الشريف والكعبة المشرفة قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فهي المركز ومن حولها حلقات الإيمان ترنو إليه وتتطلع للوصول إليها في حالة مستمرة وحركة دؤوبة، وهكذا كانت مكة أو بكة حرسها الله بحفظه - مكانة ليست لسواها في الإسلام وعند المسلمين قاطبة، وقد هيأ الله سبحانه لها على الدوام من يحميها ويحتضنها ويرعاها، فعندما أراد أبرهة الحبشي أن يهدم البيت العتيق رد الله كيده في نحره وأرسل عليه طيراً أبابيل ترميه وجيشه بحجارة من سجيل.
إننا ونحن نعيش في رحاب دولة قائمة على الإسلام الحنيف دستورها القرآن الكريم وحياتها هي حياة الإسلام الصحيح، قد وهبنا كل حياتنا خدمة للإسلام والمسلمين فكانت مكة المكرمة والحرمان الشريفان وفي المقدمة الحرم المكي في قلوبنا وأفئدتنا، وقد سخر الله تعالى لنا من الامكانات والثروة ما يمكننا من تقديم هذه الخدمة المباركة، والنعمة الكبرى كانت بوجود حكومة راشدة حكيمة يقف على رأسها ملك قد جعل من نفسه خادماً للحرمين الشريفين بالعمل قبل القول ورضي من هذه الدنيا بأن يكون الخادم الأول في هذا الأوان وهذا العالم لأطهر بقاع وأطيب أرض.
فلتفرحي يا مكة بتكريم إلهي جعل الجميع خدماً لك وحراساً لبيت الله الحرام، لقد شهدت أرضك أعظم توسعة للحرم في التاريخ في هذه العهود الطيبة المباركة ورافقها أروع الخدمات والمرافق بحيث أصبح الزائر للعمرة أو الحج رغم مشاقه سعادة في سعادة، وأصبحت الصورة الإيمانية الحية في موسم الحج وغيره صورة بالغة الأثر في النفوس عند المسلمين وحتى عند غيرهم وهذا ما يساهم في العمل الدعوي وعلى نطاق واسع باذن الله.
والآن دورك يا مكة الحبيبة، يا كل مكة، فقد صدر الأمر السامي الكريم بتشكيل هيئة عليا لتطوير مكة المكرمة، وهذا تتويج للجهود الكبيرة التي تقدمها الدولة ومعها المجتمع للعاصمة المقدسة مهوى أفئدة المسلمين.
نعم لقد آن الأوان لكي ننظر في أمر العاصمة ككل شوارعها، تنظيماً، مرافقها، مؤسساتها، دوائرها، طرقها، وكل شيء فيها بما ييسر تقديم كل الخدمات بكل سهولة ويسر، وبكل انسيابية، وبعمل حضاري متميز.
ان هذه الهيئة وبمجرد تشكيلها تعتبر إراحة للنفوس ومبعثاً للأمل الصادق والتفاؤل الواقعي باننا سنشهد عملاً واقعياً على مستوى أهمية العاصمة المقدسة.
ولا شك ان هذا الاهتمام ومن أعلى المستويات ليس بغريب علينا، انها الحقائق المتتابعة التي تدل على الاهتمام الدائم والحرص المستمر من أولي الأمر على تقديم كل ما من شأنه أن يرضي الله سبحانه أولاً وأخيراً.
لقد عودتنا القيادة الراشدة على الدوام بأنها لا تبغي من وراء عملها مدحاً أو ثناء، لأنها تضع نصب عينها هدفاً لا يعلو عليه هدف ألا وهو نصرة الحق والدين بكل الأشكال وفي كل الأوقات والظروف، وهي بذلك تثبت على الدوام انها حكومة تقوم على مبادئ الإيمان وليس سواها، وأنها البلاد التي تحتضن آمال وأحلام المسلمين في الأرض قاطبة.
لقد بيّن سمو أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز: ان الهيئة ستعمل بمشيئة الله تعالى على أن تكون مكة المكرمة على أعلى مستوى من التخطيط والتنظيم لراحة المسلمين لأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وبما يعود على مواطني هذه المدينة الطاهرة بالنفع والفائدة، مشيراً إلى أنها ستكون تكملة لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة الحرم المكي الشريف والذي أعطاه رعاه الله عنايته ورعايته واشرافه المباشر.
لقد أكد سموه ان سياسة دولتنا لا تدخر وسعاً في بناء هذا الوطن على أسس حضارية وعلمية بما يتفق مع ديننا الإسلامي الحنيف وتوفير كافة الوسائل والامكانات المطلوبة لابناء الشعب مستمداً العون والمساعدة من الله سبحانه وتعالى ثم بسواعد ابناء هذا الوطن المعطاء .
هذه هي احد المشاهد الحضارية التي تقدمها بلادنا خدمة للإسلام والمسلمين، ولا نملك إزاءها إلا أن نرفع الأكف بالدعاء ان يديم علينا خيره ونعمه.
والله ولي التوفيق,.
ALomari1420@yahoo.com
|
|
|
|
|