| رمضانيات
*القاهرة مكتب الجزيرة شريف صالح:
لولا الهزيمة القاسية في تلك المعركة لاستطاع المسلمون أن يدخلوا أسوار باريس ليعلنوا السيادة الكاملة على قارات العالم القديم.
كان هناك دائما طوق للاتجاه بالفتوحات شمالا من قلب الجزيرة العربية إلى الشام فإلى شمال أفريقيا ثم إلى الأندلس وجرياً على حركة الفتوحات الإسلامية المعتادة أراد موسى بن نصير فاتح الأندلس أن يتجه شمالا نحو فرنسا لكن الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك لم يعطه الضوء الأخضر لتحقيق مآربه خوفا على الزج بالمسلمين في مجاهل لا يعرفونها، وربما خوفاً من أن ينفرد موسى بن نصير بما فتحه من بلاد ما وراء الأطلس.
لكن هذا الحلم ظل يراود عددا من ولاة الأندلس لعل أشهرهم القائد السمح بن مالك الذي استولى على ناربون وطرسكونة إلى أن وصل بجيشه إلى تولوز لكنه اشتبك مع دوق أكاتينا في قتال عنيف انتهى بهزيمة قاسية للمسلمين واستشهاد السمح في يوم 10/6/721م فتولى القيادة من بعده عبدالرحمن الغافقي الذي نجح في الانسحاب بفلول الجيش الإسلامي إلى ناربول.
ومن جديد خرج عنيسة بن سحيم الكلبي في حملة أخرى لفتح فرنسا ونجح في الاستيلاء على عدة قلاع إلى أن وصل إلى مدينة سانس التي تبعد عن باريس حوالي 100 ميل فقط، لكن أثناء عودته تصدى له جيش الفرنجة فاستشهد عنيسة عام 725م.
وعندما تولى عبدالرحمن الغافقي حكم الأندلس للمرة الثانية لم يكن قد نسي الهزيمة الساحقة التي لحقت بالسمح بن مالك فبات تواقاً للانتقام، كان الغافقي من أعظم قواد المسلمين بما يتمتع به من مواهب حربية ومقدرة إدارية متميزة,قرر عبدالرحمن الغافقي أن يعلن الجهاد ضد الفرنجة بعد تنظيم شؤون البلاد فاجتمع له من الجند والمتطوعين ما يقدر بحوالي 400 ألف مقاتل وخرجت الحملة في صيف 114 ه فاستولى على أتاتنيا منتقما بذلك لمقتل السمح بن مالك ثم اتجه إلى الشرق من وادي الرون وتقدم حتى فتح سانس ليصبح نصف فرنسا الجنوبي تحت سيطرة المسلمين,آنذاك استنجد دوق أرتو بشارل مارتين الذي جمع عدداً من المرتزقة المحاربين الذين كانوا يتشحون بجلود الذئاب وتنسدل شعورهم على أكتافهم العارية وزودهم بأسلحة متطورة فاستولى شارل على مدينة طور والتقى بجيش المسلمين بين طور وبواتيه، وفي اليومين الأولين حدثت مناوشات بسيطة وأظهر المسلمون ثباتاً واستبسالاً وبما له من خبرة قتالية معهم عرف دوق أرتو نقطة ضعف المسلمين حيث كانوا من عاداتهم ترك الغنائم في مؤخرة الجيش مما يثقل حركته، وبالفعل هاجم أرتو المؤخرة وفتح ثغرة في معسكر الغنائم فارتفعت الصيحة أن معسكر الغنائم على وشك السقوط فارتد الفرسان للوراء واختل الجيش، وبينما يسعى الغافقي حثيثا لإعادة النظام أصابه سهم فسقط شهيداً من فوق جواده,استقر رأي قادة المسلمين بعده على أن الأمل في النصر قد ضاع فقرروا الانسحاب بما بقي من الجنود.
|
|
|
|
|