أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 21st December,2000العدد:10311الطبعةالاولـيالخميس 25 ,رمضان 1421

محليــات

لما هو آتٍ
لكِ وحدكِ 48
د,خيرية إبراهيم السقاف
كلُّ شيء، هاجدٌ بدأَ يتوجَّسُ,.
في تلك اللحظاتِ,, حين أَسدَلتُ ستاراً سميكاً بين الحرف والنُّطق,, لا أدري كيف أتيتِ من أقبية المدى، وأَرسَلَت بكِ أوديةُ الصَّمتِ، وعَرَّت عنكِ دروبُ التوحُّد كي تكوني إليَّ,.
جئتِني بكلِّ الذي كنتُ أبحثُ عنه فيكِ، ومنكِ، وعندكِ,.
جئتني بكِ,, كي أكونَكِ,, وتكونينني,.
فرحتُ كما لم أفرح من قَبل,.
وأيُّ قَبلٍ,, قبلكِ؟
فأنتِ إن لم تكوني آتيةً، فإنَّكِ آتيةٌ,,, و,,, البَدءُ أنتِ,.
جئتِ، أو لم تفعلي,,، فلقد لقيتُكِ منذُ أن لقيتُ نفسي,,، والتقيتُكِ,, ذاتي التي هي ذاتي,,، وكلُّ وجهٍ هو لي,,، وكلُّ بصمةٍ تُشير إليَّ، أو أتمثَّلُ فيها,, وبها,,!
يا أنتِ,.
دهاليز الظَّلام كانت موحشةً,,، وسراديبُها طويلةٌ ممتدةٌ، ومتشعِّبةٌ,,، ومتعرِّجةٌ,.
ولم تكن تخلو من أصداء حشرجات الموت,.
وفيها يتلكَّأُ الحزنُ,,، فتارةً يبقى,,، ويَسكُنُ,,، ويمارسُ طقوسَ الحياةِ فيها، وتارةً يتلصَّصُ على همسِ الفرحِ، ووشوشةِ الهدوءِ,, وهما يطوفان بين فترة وأخرى,.
هذا الحزن ناء بهيكله,, حتى ظننتُ أنَّه من لحمة هذا المكان، والزمان، وطبيعة من هو له، ممن هو فيه,.
أسمعُكِ تضحكين,,، وكثيراً ما تسخرين,.
ولقد تخيَّلتُكِ الباحثةَ عن هزيمة الهزيمة، في هزيمة الإنسان الذي حاول أن يهزمَكِ، فهزمتِه، وعريتِ عن سُتُرِه,.
ولقد قَفَزتِ فوق الهزيمةِ بي,,، كما فعلتُ تماماً,, ولكن إلى أي النجاحاتِ أخذتِ,,، وإلى أي الآماد أخذتُكِ؟,.
أتمادى بكِ,.
وأطفو فوق كفيَّ كي أقرأَ تفاصيلَ الطريق,,، ولن أفعلَ في توجُّسِ الصَّمتِ إلا أن أكشفَ عن عينَيه الغطاءَ، وأَمنَحَه شاردةً بحجم بوصلةِ المرساة، التي ألقيتِها في عرض البحر إلى امتداد جَوفه، إلى بُعد عمقه، إلى لونه الذي يصبغ الرؤى على الأقل لكلِّ الذين يحيون,,، ليس حياةً تَبعُدُ عن فُوَّهة النَّهر,,، وإنمَّا تَنأى عن بَحر القَهر,.
هذه هامة المواعيد كي تعتلي,, وتفلِّي عنها ضفائِرَها,,و,, ثُمَّ تبدئين الطريق,.
فابدئي,.
ذلك لأنَّكِ لم تنتهي,,،
ذلك لأنَّكِ لم تخمدي,,،
ذلك لأنَّكِ منذ اللانهاية، واللا اصطلاء,, قد توقَّدتِ بما فيكِ من رغبة العبور,, وأشرعتِ المجاديف,,، وأطلقتِ جرس الرحيل,, فارحلي إليَّ ارحلي,.
وتعالي كي أبدأ,, وكي لا انتهي,,، وكي انتهي,, ذلك لأنني لم أبدأ بعد,.
أتدرين بأنَّ السرَّ الذي جاءني من غياهب المعلوم,, إلى مجاهله مخبوءٌ بين رمشةٍ ورمشةٍ تقفان عند مشارف الدروب,,، توغلان نحو مضارب البقاء الأبدي، ذلك الذي تمتدُّ إليه شواطىءُ ما بين عينيكِ؟!
هناك حطَّ قاربي,,، وركزت مرساتُكِ,.
هناك,, موعدي موعدكِ,, حيث لا ينتهي الكلام,, حيث يختبىء الصَّدى,,، وحيث يخرج كلُّ الذي يقول,.
و,, أنتِ ترسلين صمت التوجُّس,,، وهجدة البوح,,، أنتِ سيدة الفرح,, تنثرين الدموع كي لا يشقى أي شيء بشقائنا في مكابدة الابتسام,, دون أن يكون للضحك فرصة البكاء,، أو للبكاء فرصة الصمت,, فهلاَّ عرفتِ بأنَّكِ البارقة التي تدرُّ,,، وتلك التي تهطل؟ وأنني بكِ لا انتهي؟! وأنتِ بي لا تفعلين,,؟!

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved