| الثقافية
يبدو أن ماتشهده الأوساط الشعرية, وفي أوقات وأزمات معينة يسودها نوع من الاضطرابات أو الاعتداءات إذا جاز التعبير أو المصطلح، ومايحدث بين الفينة والأخرى من تطاولات وسطو على إبداعات الآخرين لهو دلالة واضحة تشير إلى أن هناك أشياء فعلا بحاجة إلى وقفة تأملية وتفكير سليم، لانريد أن تصل القضية إلى حالة من التدني وتلطيخ الدماء في أوجه الغافلين والأبرياء من الشعراء الذين ليس لهم ذنب في هذا سوى أنهم صنعوا إبداعاتهم بتعب شديد ؟ هذا الموضوع الذي أسوقه إليك عزيزي القارىء أعتقد أن له بالغ الأهمية وليس مجرد كتابة من خلال الصحافة ولكنه يتعلق بقضية اكبر من اسمها الا وهي السطو على اعمال الآخرين كما ذكرت سلفا.
عبر النظر دون التدقيق وجدت العديد من النصوص الشعرية تمت سرقتها واقتباس عناصرها وركائزها الرئيسية ومنعا للاحراج وكشف المستور وما خلف الكواليس واغلاق باب الاثارة فإنني لا أريد كشف هذه الاسماء الشعرية، هذه الاقتباسات المتواصلة والممتدة عبر الزمن لم تحدث عن طريق سرقة النص كاملاً دون تغيير فذلك مستحيل حدوثه إلا من قبل الاسماء المجهولة، ولكن المشاهد حدوث تناول محتويات القصيدة و مطلعها و كتابتها بحذف وإضافة هذا مايحدث كثيراً وبالذات في وقتنا المعاصر وبالتوسع الشديد لساحة الشعر.
الاقتباسات والسرقات الشعرية والأدبية والفنية موجودة في كل الأزمنة والاماكن المتشعبة والمتشبثة، وهناك أسباب مثلت وابرزت هذه الظواهر السلبية تمحورت حول سببين رئيسيين أحدهما الاستمرار في تقديم النتاج الشعري الثاني البحث عن الشهرة وحب البروز لاحظ معي هاتين الصفتين وهناك بعض الشعراء لديهم مناهج يسيرون على رسمها لايستطيعون التخلي عنها مع الأسف، ثم ان هناك فارقا بين التقليد البحت وبين عملية الاقتباس وهناك فاصل لايمكن الخلط بينهما الاقتباس للنص وسرق أو أخذ الفكرة وطرحها بشكل مغاير، التقليد بحد ذاته يجب تبرئته من هذا السلوك وانه طريق سوي لا يدخل البتة في هذه الاشكالية مع انه لايبرز صاحبه أمام الاقتباس فقد تحدثنا عنه، كذلك أخذ الفكرة والاعجاب بها جائز ومقبول اذا حدث هناك تغيير وتجديد وإضافات للنص فقط الفكرة بحدها، أما اقتباس النص كلاما وما يحويه فإن هذا أمر خاطىء وتعد واضح أما السرقة فقد تكون حالة نادرة لأنها ميئوس منها وصاحبها مفضوح في وضح النهار ثم يجب عدم الخلط بين كل العناصر المذكورة حتى لايكون هناك سوء فهم اعتقد أن هناك عدم معرفة وعدم ثقافة كاملة من قبل المتلقي داخل الشعر وقد لايستوعب بجدية تامة مايدور خلف الكواليس من اقتباسات وادخال جمل ومسميات وطرح يكون أخذ منه لكن المتلقي لم يلحظ هذه الشواهد الواضحة إلا ما قل منهم من المتابعين الجيدين من خلال تجربتي في مجال الشعر لاحظت بشدة تامة تقارب وتشابه النصوص وتداخلها مع بعض فعرفت أنه من الصعوبة حدوث ذلك وبكثرة ولم يكن توارد خواطر على الإطلاق وكذلك الهدف لأنه نادر ما يحدث وان الأمر مقصود والذي يبقى الدور الريادي تجاه من يعنيهم هذا الأمر وهو التحدي بدقة تامة في انتقاء القصيدة خالية تماماً من الشبهات.
هنا أطرح تساؤلاً وأقول ما الدافع في محاولة اقتباس جهود الآخرين هل عملية قلة الحصول على النصوص؟ وأقصد عدم تولد الشاعر وعطاؤه سبب في ذلك لا أعتقد لأن الإبداع والتألق والعطاء لايمكن ان تتوقف أو تنتهي لدى الشاعر وبالذات إذا كان ملماً ومتمكناً فإذا كان الواقع يبرز هذه الصورة فلماذا يحاول البعض من الشعراء الهروب من الحقيقة والدخول في أعماق المشكلة وان الملاحظ ان بعض الشعراء مع الأسف الشديد تتمحور رؤيتهم إلى امر غريب وهو التقليد من شأن الجمهور وأنه غير واع ومدرك لما حوله في هذا الجانب بل مستوعب بجدية تامة ويجب مراعاته.
هنا أوجه ندائي إلى كل شاعر ان يعرف ان هناك حدوداً وضعت يجب عدم تجاوزها وحقوقاً يجب عدم الاعتداء عليها حتى لو كانت حقوقاً غير عربية أي لغة أخرى لأنه قد يقول قائل ان مسألة الترجمة تعفي الاقتباس وهذه رؤية يجب الا ننظر إليها لأن هذا النص متعلق بالذي سبقه.
|
|
|
|
|