أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 21st December,2000العدد:10311الطبعةالاولـيالخميس 25 ,رمضان 1421

مقـالات

لا,, ليس بعد,, ليس الآن,.
د, فهد حمد المغلوث
كثير من الأمور لا نعرف قيمتها الا بعد ان نفقدها وكثير من الأشخاص لا نعرف قيمتهم ولا مدى ما يشكلون من اهمية وقيمة ومعنى في حياتنا الا بعد فوات الأوان, وبغض النظر عن الأسباب الكامنة خلف ذلك نتضايق كثيرا ويصيبنا نوع من الاحباط وخيبة الأمل رغم ان الأمل موجود في كل وقت وفي كل مكان.
ولكننا على ما يبدو بحاجة لأن نفهم الحياة من حولنا بشكل أفضل وبحاجة لأن نفهم كيف يفكر الناس من حولنا بشكل أعمق وبحاجة أيضا لأن نفهم كيف تسير الأمور مع الآخرين.
وهذا الفهم الذي نقصده على درجة كبيرة من الأهمية لكل شخص منا ليس لكي نضيفه كمعلومات تراكمية بالاضافة لما لدينا من معلومات جامدة حشيت بها عقولنا من مراحل عمرنا الطفولية حين كنا في المراحل الدراسية الأولى وحين كان الحفظ هو السمة الغالبة وليس الفهم، بل لكي نوظف ذلك الكم الهائل من المعلومات بشكل عملي على نحو يجعلنا سعيدين في حياتنا العملية والعلمية.
وبالمناسبة فان فهم الناس ليس بالأمر الهين الذي يتوقعه الآخرون لأنه مرتبط بمعاملات وسلوكيات وهنا مكمن الصعوبة التي تحتاج بالفعل الى مهارات خاصة يمكن ان تكتسب مع مرور الأيام.
فالناس اليوم لكي تقنعها بجدول ما تريده منها أو ما تريدها القيام به، بحاجة لأشياء محسوسة تشعر بها وتلمسها بنفسها.
والناس اليوم لكي تشجعها على اتباع ما سوف يفيدها وينفعها، بحاجة لنتائج ملموسة ومشاهدات عملية من الواقع.
والناس اليوم بحاجة لمن يدلها على الكيفية الصحيحة والمعقولة التي تستطيع ان تتعامل بها مع مشاكلها النفسية والاجتماعية وطرق تعاملاتها مع قضاياها ومشكلاتها اليومية المتكررة بل وحتى قضاياها المصيرية المؤجلة أو تلك التي تنتظر ان تنفجر في أي لحظة نتيجة الكبت والاهمال واللامبالاة تجاهها.
والأهم من ذلك، هي بحاجة لانسان يتفهم وضعها، ويدرك ظروفها ويعي حقيقة واقعها ويتحدث معها بصدق من منطلق واقعي عملي وليس من منطلق خيالي، بل وحتى هذا الخيال الذي نسبح فيه كثيرا أحيانا هو الآخر يمكن ان يُستخدم كمدخل علاجي معقول اذا ما أحسنا توظيفه وعرفنا كيف يمكن ان ندخل من خلاله، ومتى ولكن المشكلة ان هذا العمل المهني يتطلب مهارة مهنية عالية لا تتوفر الا في أشخاص محددين!
وبيني وبينكم، الناس اليوم شبعت نصائح مباشرة، وملَّت محاضرات نظرية جامدة، لأنها وبحكم ظروف المجتمع ومتغيراته فهي بحاجة لانسان متجدد في عطائه مبدع في طرح أفكاره، قادر على توجيه دفة الحوار مع الآخرين والابحار به الى شاطىء المفاهمة العقلانية واحترام رأي الطرف الآخر والخروج بتصور واضح ومحدد عما يتم وتم مناقشته.
وليس بالضرورة ان اقنع الناس بوجاهة نظرتي أو صحة ما أريد، ولكن المهم ان أشعرهم بشكل واضح ان يفهموا لغة الحوار وان يعرفوا كيف يحترمون الآخرين ويتفهمون وضعهم وظروفهم والا ينظروا على ان هناك فروقاً بين الرجل والمرأة من حيث المعاملة وطريقة الحديث والاسلوب لأن الانسان هو الانسان رجلا كان أم امرأة صغيراً كان أم كبيرا، متعلما أم أميا وهذا ما يحلو لي ان أطلق عليه منطق الانسانية .
صحيح اننا ربما نستغرق وقتا لفهم هذه الحقيقة والأخذ بها بشكل عقلاني وعملي بحكم التكوين الاجتماعي والثقافي ولكن لنا ان ندرك أيضا ان ما لا يؤخذ كله لايترك جله أليس كذلك, بل وحتى الحجج والبراهين الدامغة التي يمتلكها أصحاب لا تجدي نفعا أحيانا او قد تكون وبالا على أصحابها ما لم تُقدّم بشكل صحيح وفي الوقت المناسب.
وحينما نسأل أنفسنا سؤالا واحدا بسيطا جدا وهو: لماذا يحب الانسان؟ ولماذا يعاني من جراء حبّه؟ ولماذا لديه الاستعداد التام للتضحية من أجل الحفاظ على هذا الحب والدفاع عنه؟ لماذا؟ ولماذا؟ لأنه ببساطة وجد الصدق، وجد نفسه، وجد ضالته، وجد سعادته فماذا اكثر من ذلك؟ ماذا اكثر من انك تجلس مع نفسك وتحاكيها دون رسميات أو خجل؟ وماذا أكثر من ان تجد ضالتك فتظل تتأملها من كل جانب وعلى كل نحو لتتأكد انها هي تلك الأمنية الحلوة التي كانت معك وستظل كذلك باذن الله؟
ماذا أكثر من انك تكتشف انك تعني الكثير والكثير جدا بالنسبة لاناس ربما لم يروك ابدا أو مرة واحدة أو ربما لم يسمعوا عنك سوى من الآخرين او من مرة واحدة؟ أليس هذا شعوراً جميلاً؟ أليس هذا مدعاة وسببا منطقيا لأن تحترمهم وتقدرهم وتحتفظ لهم بمكانة غالية في قلبك فقط لأنهم وثقوا بك بل ربما أحيانا كنت انت الوحيد من يبوحون لك بأدق خصوصياتهم؟
وانت حينما تعيش لحظات حلوة جميلة بكل تلك الروعة، فهل تفرط فيها؟ هل تتخلى عنها؟ هل تتركها لغيرك يستمتع بها ويستفيد منها على حسابك؟ هل تسمح لها بان تغادرك وتطيل غيابها عنك وكأنها في رحلة طويلة طويلة جدا لا تعرف متى موعد رجوعها لك؟ هل تسمح بذلك كله؟
وان أردت ان تعرف تلك اللحظات الجميلة عن قرب، فهي ليست ببعيدة عنك! انها أمامك بل معك تعيشها هذه الأيام بشكل مختلف عن كل الأيام السابقة انها أيام رمضان الغالية وبالذات العشر الأواخر منها والتي لم يتبق منها الا ما يساوي عدد أصابع اليد الواحدة! فماذا انت فاعل؟ هل تتركها تمر وشأنها؟ هل تكتفي بالأيام الماضية وكأنك ضمنتها في جيبك؟! فالبدار البدار! لا أقولها لك بل لي وأنا أولى بها ولكن من يحب إنساناً فلابد ان يتمنى له الخير، لابد ان يشركه في الدعاء حتى دون علمه لانه ليس إنساناً عادياً ألا تعتقد ذلك؟! بل انك حينما ترى أجواء حلوة كذلك وأشخاصاً رائعين في حجم اولئك الساكنين قلبك وتشعر بقرب رحيلهم عنك، فحينها لابد ان تقول ولو بينك وبين نفسك : لا ليس بعد,, ليس الآن تمهل قليلا اطِل فترة مكوثك معي! احسسني بانك اتيت من أجلي وحدي وليس من أجل أحد غيري, صحيح قد تقول هذه انانية ولكن لا يهم بما تسميه، لا يهم ماذا يفسره الآخرون! ما يهم ألا تستعجل الرحيل فلست مستعدا لقبول حقيقته ولست اعرف يقينا كيف سأتحمل فراقك؟ وهل سأكون بدونك مثلما كنت معك؟ أعانني الله وصبر قلبي.
اذن من حقك ان تقول ليس بعد,, ليس الآن لكل من تشعر انك ما زلت بحاجة اليه، ولكن الى ان يحين ذلك الوقت عليك ان تعرف قيمته وان تدرك أهميته وان تستفيد منه وتُفيد غيرك مما خرجت به من أشياء حلوة جميلة يتمناها كل انسان, اخبرهم عما فيه من جمال كامن, علمهم كيف يمكن لهم ان يتذوقوا مكامن الجمال ودربهم على كيفية الاستفادة من الفرص النادرة الجميلة التي لا تعوض، اشعرهم ان الجمال مشاع, ومتى ما احسسنا به ازدادت الحياة جمالا وامتلأت حبا وصدقا.
وبالمناسبة لا يقوم بذلك كله بل وحتى بجزء منه سوى من يشعر بالجمال متأصل فيه اتعلم لماذا؟ لأنه الجمال نفسه وهذا ما أجده فيك فنمِّه بداخلك ولا تبخل علينا به لان أحد صفات الجمال الكرم.
همسة
وهاهي الأيام,.
يا رمضان الخير,.
تحثُّ الخطى,.
تسابق الزمن,.
تجري لاهثة,.
تمضي مسرعة,.
معلنة قُرب انتهائك,.
مؤذنةً قُرب رحيلك عنا,.
ونحن لم نشبع منك,.
لم نرتو بعد
لم نستفد منك كما يجب
* * *
وكيف تمضي يا رمضان
ونحن ما زلنا بحاجتك؟
كيف تغادرنا بسرعة,.
وما زلنا نعيش,.
نغماتك الطاهرة,.
روحانيتك الآسرة,.
كيف؟ كيف؟
* * *
أيعقل,.
ان يحين موعد الرحيل,.
الآن؟!
وانا ما زلت معك,.
مرتبط بك؟
متعلق بك؟
لا,, لا,.
ليس الآن,.
ليس بعد,.
ارجوك
فما زلت بحاجة اليك,.
دعني اروي ظمئي منك حبا,.
دعني اعيش معك صدقا,.
دعني اكتشف نفسي معك,.
أكثر واكثر,.
دعني ازيح الغمامة عن عيني,.
دعني أعرف حقيقة ما حولي,.
حقيقة من حولي,.
بل دعني أعرف,.
حقيقة من أنا,.
أعرف ان ما مضى,.
يصعب استرجاعه,.
ولكن,.
إيماننا بالله كبير
في ألا تغادرنا
بالا ترحل عنا,.
الا ونحن مغفوري الذنوب,.
مستوري العيوب,.
باذن الله
وأملنا اكبر,.
في ان ترحل عنا,.
لتعود الينا من جديد
ونحن ننتظرك
اكثر صفاء
اكثر نقاء,.
باذن الله,.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved