| مقـالات
هل تنكر أوروبا أن الإسلام غيَّرها، وأنه قضى على عصبيتها وتأخرها الفكري ونظرتها للإنسان والعلم والحياة، وأعادها إلى الاعتراف بحقوق الإنسان وإلى السلم والسلام وكثير من مبادئ وقيم وأنظمة الإسلام التي نادى بها منذ أن اشرق على الأرض؟!
أوروبا التي صدت الإسلام في بلاط الشهداء، وعلى حصون النمسا، واضطرته إلى الجلاء من الأندلس وشرق أوروبا، وقاومت الإسلام وهاجمته في داره، وغزته في اوطانه الأولى شرق الأبيض المتوسط وجنوبه، وقاومت فكره وتأثيره مغترة بما عندها، معتزة بفكرها، هذه (الأوروبا) للإسلام معها جولة أخرى في الألفية الثالثة فالصراع الفكري والمحاجة العقلية، والمجادلة بالحق ستفرض نفسها في المستقبل، فالإسلام في المواجهة، وهو كذلك منذ أن استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته لغزوة (تبوك) ومنذ أن عقد اللواء (لأسامة) ومنذ (مؤتة) وما بعدها، الإسلام في مواجهة (أوروبا) يعرض عليها الإسلام ويدعوها إليه، ويجادلها بالحق!
(وأوروبا) التي حققت اليوم خطوات واسعة في العلم، ودراسة الإنسان والحياة والمجتمع هي غير (أوروبا) الأمس المتعصبة بجهل لدين محرف ضل أتباعه وقد نسخه الله بدين الحق ورسول الحق وكتاب الحق، (أوروبا) اليوم تستقبل الإسلام، تأذن له بالمنائر والمراكز والمدارس والمكاتب، وتعطيه حرية الحركة والدعوة والإقامة، وتسمع منه وتصغي إليه بدون جهل ولا عصبية ولا عناد!
وهذا وحده كاف لكي يؤدي الإسلام رسالته في أوروبا، الإسلام لا يريد اغتصاب أوروبا، ولا نزعها من أهلها، ولا فرض وجوده بالسلاح ولا إكراهها على دين الإسلام بالقوة، ولا التطرف معها ولا لها، فشعار الإسلام منذ أن أشرق: (لا إكراه في الدين).
الإسلام يجادل بالتي أحسن، ويعظ بالحسنة، ويُعلن مبادئ السلام، وعلى العقل الإنساني المستنير أن ينظر إلى مصلحته وإلى ما ينفعه ويصله بالله والخير والحق!
لقد اكتشفت (أوروبا) الأرض، والفضاء والمجرة والذرة، والقمر، والمريخ، وعلوم الطب والتشريح والهندسة والبترول وأولعت بالبحث والاكتشاف والتجريب، ونحن ندعوها اليوم وهي على اعتاب الالفية الثالثة ان تحاول من جديد اكتشاف الاسلام والتعرف عليه، وسبر أغواره، واكتشاف أعماقه، ودراسة ما جاء به، وقراءة أدلته وبراهينه وآياته، وماذا دعا إليه؟ وماذا يريد من الانسان وما أهدافه وغاياته ومطالبه؟
على (أوروبا) ان تكتشف الاسلام بحق، فهو بينها اليوم، وفي أرضها، ولا تحول بينها وبينه أهواء المغرضين، وافتراء المفترين، وضلالات المتعصبين، وتزييف الملحدين! وستجد (أوروبا) ان هذا الكشف هو اعظم وأغنى وأثرى لها من كل اكتشافاتها في دنيا العلم والعلوم خلال قرون نهضتها المعاصرة، وانها حين قاومت حملات الاسلام في (بواتيه) جنوب فرنسا، وعلى اسوار (فينا) وانها حينما أجلَت الإسلام من الأندلس وشرق أوروبا، كانت في نفس العقلية التي قتلت وأحرقت ونفت فيها كثيراً من مفكريها الأوائل الذين قاوموا عصور الاستبداد والاقطاع وصكوك الغفران، وبشروا بعلومها العقلية والعلمية التي ابتدأت بها عصور نهضتها الحديثة، الاسلام يعرض اليوم على اوروبا أثمن شيء في الوجود، وأعز فكر في الحياة، دين الله الحق، ونوره في الأرض، الذي يدعو إلى توحيده والايمان به وعبادته، باسطاً الدعوة إلى الخير والسلام والمحبة، لإنقاذ الانسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن التيه والضلال إلى الهدى والحق!
الإسلام اليوم في الارض، في مواجهة أوروبا على مختلف الوسائل الاعلامية والاتصالية التي صنعتها، على الانترنت، والقمر الصناعي، والهاتف، والجريدة، والطائرة، فعلى اوروبا ان تكتشفه ففيه من الاسرار والحقائق والمعجزات والبراهين والدلائل، ما هو خير وانفع من اكتشاف زُحل والمريخ والمشتري! وجميع الكواكب الدائرة على الشمس، عودوا إلى الأرض فإن فيها نوراً من الله لم تكتشفوه بعد!
عبدالكريم بن صالح الطويان
|
|
|
|
|