الشاعر والأديب الباحث والرسام التشكيلي حسن الصحاف له العديد من الكتب,, وعدة دواوين شعر حديث ناعم,, ترجم عن الانجليزية كتاب دعوة لفهم الجمال ويقول: عظمة الفن أنه يبعث الراحة الجسمية والنفسية، وأهم مظاهره أنه مرتبط بأحاسيس الرضا الطبيعية, كتابه الصغير المنمنم رؤوس قصائد قصيرة مختزلة يضمها ديوان صغير أبيض اللون مليء بدروس العشق والألم,, والعشاق الذين تحملهم الشمس على خيوط من ضياء الى ما لا نهاية,, تدفعهم الرياح كما الشهوة التي لا تموت,, بين الضوء والضوء تحبس الانفاس,, من دفء المكان تتمزق العتمة,, وحسن الصحاف يحمل دفء البحرين في ريشته ويأبى إلا أن تكون لوحات غلاف أي كتاب يصدره,, من ذوب إحساسه وبذلك فهو في حالة استيلاء تام على مكنونات أطروحاته,, كتب من الغلاف الى الغلاف من نبض يديه,, وعشق روحه,, وسخونة أحلامه,, وحينما أهداني كتابه الأبيض الآخر طلائع أصرَّ أن يكون الاهداء تقديرا,, لجهودكِ الأدبية,, وحينها استغرقت بمطالعة كلماته ولم أخبره أن الهزائم تعانق بقايا انتصارات لم تحصل بعد,, ويعقب الصحاف بأن اللغة تخادع في الشكل والمضمون، عمار يُهد، أثر يبقى بعد أثر، أساطير ليس لها مرجعية,, ذوق يحدد قيمة الأشياء، والاحتفاء بشيء مفقود من الأزل، والعجز في وصف تقاليد اضحت قدسية,,
ويتابع الصحاف بأن الحرف يفترش الأرض، والقلم يسطر الأمد، أرقام تصطف في طابور، إذن هذا انذار لم يصل والورقة المطوية لم يفتحها أحد,, الصحاف فوق كل ابداعاته يتخذ من النحت في النحاس وسيلة لبناء أشكال جميلة حيث أن الحدس وحده يقود الى الاحساس الفني الذي يتمازج مع قوانين الطبيعة ليمنح الفن الخلود,, وفي رؤوس فقد خرج أسئلة صريحة,, تبدو في المشهد الأول: حيث يصرح الصحاف :
فضاء، بقايا عاصفة رملية
في الأفق البعيد,.
في المسافات غير المرئية اللون الأزرق,, المُشعِّ,.
تتحجر الأصوات,, وتُعلَق الخطوات المنسية عن بدء الحركة
تصحو من غفوتها الأجسام,, ويؤذن للجماجم بالخروج
في البدء الأطفال,, جماجم الأطفال تتقدم,, النساء من ثم,, صدى الصوت في كل مكان,, في عمق الرأس
احملوا أمتعة الشقاء على ظهر السُفن,.
وهكذا يظل المبدع حسن الصحاف يستعين بوهج الشمس لتحدد رؤيته,, الفضاء بيضاوي يغادر من باب رمادي ويتركه خلف الريح لتمنع اليعاسيب والعقارب من الخروج,, وتنداح كلماته مجنحة,, مثل الجراد والنحل,, مثل فراش ملون تساخر في المكان، وتصافح زرقة الفضاء,, ويؤكد:
لا جدوى من السباحة مع التيار، عندما تبقى النهاية,, مجرد اعصار.
وفي كتاباته يتحاشى زوار الفجر,, لكي يحفظ حق ابداعه من الضياع,.
فهو يصر على أن من حقك أن تلاحق خيوطا لا أبعاد لها.
ومن حقك أن تطارد خيوط الفجر,, في أي مكان,.
أخيرا,, من حقك أن تصبح وأن تبقى إنسانا,.
كيف أعلن أن نار الحب,, أنا الذي اشعلتها,.
هي ناري,, في موقدي؟,, وإن الزمن المسروق من ذاكرتي
ها هو عائد يلتصق بجبهتي؟
منى عبدالله الذكير
|