| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة، تحية طيبة:
مما يميز مشاعر البشر على اختلاف مشاربهم وتكوينهم النفسي والمعنوي ان انطباعات الوهلة الأولى للمواقف والأحداث تكون الصيغة التي يبنى عليها الحكم في الكثير من القضايا والمسائل حيث ترسخ في الذهن لوقت طويل في غالب الأحيان دون تغيير حتى يستجد ما يدعو الى تغييرها او تصحيحها على الأقل، إذ من الممكن ان يبنى حكم من نظرة بينما من الممكن أن يفشل حكم في ظل تداول طويل، ومن المشاهدات التي لا تحتاج لوقت طويل للحكم عليها جري المرأة وراء صيحات وصرعات الموضة وملاحقتها لها في الأسواق وما يصاحبه من قلة الاحتشام والتستر في الأسواق والمرافق العامة حتى كاد ان يصبح الشغل الشاغل للكثير من النساء في حين ان المرأة لم تخلق لهذا وليس هذا هو الدور الذي يناط بها في خضم التنقلات الحضارية المتجددة والثورات في دولاب الحياة الذي يتطلب الجدية والوعي بما يدور وبالرغم من تعالي صيحات المغريات وصرعات الألبسة التي تعد في نظر البعض مقياساً للتطور والتحضر مشترعاً للتقنين في المجتمع النسوي إلا أن الكثير الكثير من النساء في هذا المجتمع يتمتعن بالقدرة على التمييز بين لبس ساتر وآخر فاضح، فالساتر يعفيها من التسلط والتدوير في حلقة التكشف والإحراج والفاضح يضعها مع أعين المارة في حرج عندما تتسلط النظرة وتبعاتها عليها، إنها امرأة واعية تلك التي تدرك تبعات الاستهتار بحشمة الملبوس ليس لشيء سوى الأخذ بالحيطة والحذر وتجنب انقضاض أعين الذئاب البشرية التي تعمل على التصيد وسد باب الذريعة أمام ضعاف النفوس ممن يحلو لهم الخلوة بأعين البشر وإمعان النظر فيها كما يجدر بالنساء داخل الأسواق الشرائية التي تتطلب التفحص والنظر ان تكون أكثر حذراً ويقظة من أعين الباعة,وفي عين الحقيقة ما يدل على أن المرأة في هذا المجتمع المحافظ في غنى عن الكلام المتدني في مفهومه ومنطوقه عنها وعن احتشامها ليس لحساسيته وحسب بل للمساحة الفارغة التي يتركها في شخصيتها الذي يعود بالتالي على مدى النضوج الذي تتمتع به وقدرة تفكيرها على التعامل مع ما يستجد في فلكها مما يبرز الوضع الذي تتميز به وتكريم الدين لها بنتاً واماً وزوجة فعليها واجب الحذر فيما لو مرقت أعين الفضوليين عليها فهي إما ان تمسك بالزمام دون إفلات او ترتخي فتصعقها آراء من يعملون على التقليل من شأنها وعلى عدم حيازتها ما يكفل لها الوقوف على الأرض الصلبة متمسكة بدينها وخلقها وفكرها وعصاميتها في خلق المناخ الملائم لممارسة استحقاقاتها الشرعية في مجتمعها المسلم المحافظ فمقياس التحضر والتطور والنضوج للمرأة ليس في صيحات الألبسة ومتابعتها واقتنائها ولكن في مدى القدرة على التعامل مع جديد الحضارة والتقدم على بساط العقل وتطويع مقتنيات الحضارات لتكون سبيل إفادة عدا ذلك فهي مستلهمات لا تضع التفكير في خانته الصحيحة إذ أمام المرأة طريق طويل وشاق من الحواجز والعوائق التي تؤخرها باعاً بعد تقدمها الشبر وهي الأقدر على تحديد ما يلزم لقصر هذا الطريق وإزاحة عوائقه على طريق بناء الشخصية المتكاملة المتوشحة بالفكر النير والعلم النافع بعيداً على القشور التي لا تخدم الخط الساخن لجموح المرأة الراغبة بالتغيير الى الافضل على الخطى الثابتة، وفي نساء السلف الصالح ممن كن عالمات بالدين والحديث واللغة وبارعات في الشعر والبلاغة ونساء كثر كن مربيات صالحات انجبن العلماء والعباقرة ان مهمة المرأة في الوقت الراهن تتمثل في أخذ نصيبها من الثورة العالمية في شتى المجالات وتسخيرها لصالحها مراعية الفرز فيما تتلقى من كل حدب وصوب فالمرأة على ثغر من الثغور لذا فالمهمة من الصعوبة بمكان بحيث لا تتحمل الركض والجري وراء الموضات والتقليعات والصيحات التي لا تسهم في بناء الصروح او تدعم الركائز الأساسية بل في الرصد لما يدعم الفكر بالجديد وتغذية الاتجاهات الأكثر نافعية وجدوى، وفيما يبدو من الإمكانات التعليمية التي وفرت للمرأة في هذه البلاد ما يعزز إمكانية تجاوز الكثير من الحواجز للوصول إلى الهدف من وضع المرأة كجزء لا يتجزأ من خطط التنمية حيث تتمحور حولها العديد من قضايا التربية والتعليم والبناء الشامل.
محمد بن سعود الزويد الرياض
|
|
|
|
|