بريءٌ هذا الكائن المتحرك على الأرض,.
يفرد جناحيه خيالاً,,، وتتعالى أحلامه إلى عنان الثريّا,, تنوف به قدماه,.
تتكوَّن,, وتتكوَّر الدنيا فوق بسطة كفَّيه,.
يخرج مليحاً,, موشَّى بالأمل,, مشرقاً بالطموح,, إلى فسحة المدى,.
هذا الكائن المتحرك على الأرض,.
له شفتان,.
وله عينان,.
وله أذنان,.
وله يدان,, وله,, قدمان,,!
لكنَّ له لساناً واحداً,, ولسانه,,، يقوم بمهام كل ثنائي فيه!!
حتى إذا ما استوى اللسان إلى اللسان,,!
هبط هذا الخيال,, ونزل عن الثريّا ذلك الحلم، وتلمَّست تلك القدمان بسطة الأرض,, وأخذت الدنيا تستقرُّ به خارج ثرى كفَّيه!
تعود تتحجَّم لديه,, وبه,, هذه التكوينات,, والتركيبات,, والأبنية,, فبراءته,, تمتزج بماء السماء، وتراب الأرض,,، وهواء الأجواء، وذرات الضوء، وجزئيات المتوالدات ، المولِّدات ,, ويندرك فيما حوله,, ومع من حوله,, من جنسه أو من غير أمم جنسه,.
هذا الكائن البريء تذهب براءته,.
تختلط بكلِّ ما بداخلها، ويواجهها,,، ويلوِّنها، ويضيف إليها,,، فتمتزج حتى إذا ما بدت في هيكلة ذات ماهيّة وماديّة مختلفة,, بدأ هذا الكائن يتمادى يذرع الدنيا حركة دؤوبة,, لكنه بوجهٍ جديدٍ، وبلونٍ جديدٍ، وبتركيبةٍ جديدةٍ,,.
تتبدَّل نظرات عينيه,.
وتتغير تفسيرات أذنيه,.
وتتلوَّن ألفاظُ شفتيه,.
وتختلفُ مُعطيات يديه,, ومأخوذاتهما,.
ويأتي لسانه بما لم يأتِ به في فجر براءته,, ولا في عنفوان انطلاقته,, فلا الثريّا ولا الثرى,,، ولا الإشراق ولا الأمل,,، ولا الطموح ولا الأحلام,, ولا شيء البتة يمكن أن يأتي عفويَّاً,, تلقائياً منه أو عنه,,!
تتبدَّل به استدارة الكرة في اتساعها,.
إلى بؤرتها في اختصارها,.
ولأن ما في صدره مَرجَلٌ,,، وما في حسِّه كيانه، وما في كيانه ذاته، وما في ذاته نفسه,, فإن هذا الكائن البريء قَبلاً، قد يتحرك على الأرض قَصداً,,، ولا أصعب من إنسان يجدُ ما لا يجدُ، وما لا يجدُ يجدُ,,، وبين ما لا,, وما نعم، يفقد ثبات البدء، أمام مُتَغَيِّره,,!!
و,, الإنسان,.
هذا الكائن المتحرك على الأرض,, لن يستسلم لمقولة الشقاء اللاإرادي,, ولا لمقولة السعادة اللاإرادية، إنما هما مبدئياً قابلان لصمود النفس أمام متغيراتها، وثوابتها,, لكن في ضوء الواقع الفارد جناحيه، الذي يدقُّ وتد ثباته، ويرسِّخُ لها مع هذا الكائن,.
فإن ثمّةَ براءةً لن تكون,.
وثمّةَ سادراً في ملكوتها لن يوجد,.
و,, ليهرب هذا الكائن ما شاء إلى آفاق السماء، أو عنان الأرض، أو آماد البحور، أو مجاهل الأبعاد,, فإن ثمَّةَ أجنحة لطيور الأمل، وأجنحة لإياب الحلم,, وأجنحة لإكسير التفاؤل كي يعمَّ,, بلسماً لجروح تُفتِّقها الحقيقة,,، وتضع حدود انطلاقتها هذه الحقيقة: أن لا براءة لبراءة البدء.
ألا فتحسسوا صدوركم,.
وتلمَّسوا مواقع حركتكم كي تجدوا أنفسكم أو لا تجدوها,,، على الرغم من أنَّكم لن تفقدوا رؤوسكم,, ولن تَعدَموا ألسنتكم.
|