| محليــات
كون الاقتصاد السعودي جزءا لا يتجزأ من العالم,, لذا كان لابد أن يتعرض إلى ما تعرض له خلال السنوات الماضية من عجز ولاسيما في ظل الكثير من المتغيرات العالمية المتمثلة في الانخفاض الحاد لاسعار النفط إلى اقل من عشرة دولارات للبرميل، وكذلك ما تعرضت له النمور الآسيوية من انهيارات أثرت وبشكل مباشر على اقتصاد المملكة ولاسيما أن هذه الدول تربطها علاقات تجارية وثيقة مع المملكة حيث تمثل هذه النمور أحد أهم الشركاء التجاريين للمملكة ، هذا بالاضافة إلى كل المتغيرات التي بدأت منذ أزمة الخليج مع مطلع التسعينات حيث يبدو من الواضح أن هذه المتغيرات قد ألقت بظلالها على اقتصاد المملكة مما أدى إلى معاناة الموازنة العامة للدولة خلال الخمسة عشر عاماً الماضية من وجود العجز الناتج من زيادة حجم المصروفات على الايرادات.
وإذا كانت السياسات المالية المحكمة التي سلكتها الدولة خلال السنوات الماضية قد نجحت وباقتدار في إزالة العجز الذي عانت منه الموازنة العامة خلال السنوات الماضية حيث جاءت الميزانية العامة الجديدة للمملكة للعام المالي 21/1422ه متوازنة لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً، إلا أننا وفي ظل السياسات الرشيدة للدولة لا يقتصر تطلعنا في السنوات القادمة على مجرد إزالة العجز وإنما إلى تحقيق فائض في حجم الايرادات أيضاً.
إنني أعتقد بأن هناك عددا من الأمور التي يتوجب الاسراع في وضعها محلاً للتنفيذ الفعلي حتى يمكننا تحقيق فائض منشود لموازنتنا المالية ، ومن تلك الأمور أن يتم تسريع وتيرة استكمال غربلة وتطوير كافة الأنظمة التجارية والاستثمارية وذلك بما ينعكس على خلق بيئة استثمارية أكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية إضافة إلى توطين الأموال والاستثمارات الأجنبية المهاجرة.
ايضاً من الجوانب التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام أن يتم الإسراع في تنفيذ وتيرة التخصيص التي بدأت المملكة انتهاجها أخيراً والعمل على تخصيص العديد من الخدمات الحكومية العامة وعدم الاقتصار على ما تم تخصيصه حتى الآن خصوصا في ظل ما يمثله عنصر الوقت من أهمية قصوى في الحياة الاقتصادية.
ايضاً من الأمور التي يجب أن تحظى بمزيد من الاهتمام كي تسهم في تحقيق فوائض منشودة لموازنتنا المالية أن تعمل المؤسسات الحكومية من خلال عقود الإيجار المنتهية بالتمليك، حيث يلاحظ أن غالبية التعاقدات الحكومية الحالية هي تعاقدات إيجارية فقط، ولا شك أن ذلك يمثل اقصى هدر مالي يمكن أن تعاني منه الخزينة .
كذلك فإنه من الأهمية أن يتم الإسراع في إنشاء سوق المال السعودي خصوصا أن الكثير من دول المنطقة التي أنشأت أسواقاً مالية لا تتمتع بمثل هذا الكم الهائل من الاستثمارات المالية الموجودة بالمملكة ومما لا شك فيه أن إنشاء تلك السوق المالية سينعكس إيجاباً من خلال زيادة حجم الاستثمارات في السوق السعودي مما يلقي بآثاره الايجابية على الموازنة العامة للدولة .
إن الأخذ بهذه المقترحات وغيرها الكثير من المقترحات الاخرى سيكون كفيلاً بتحقيق فوائض ملموسة في الميزانية العامة للدولة دون الاقتصار على إزالة العجز.
وأخيراً فإنه يجدر بنا التأكيد على أهمية تلافي ربط مصير الاقتصاد السعودي بسعر برميل النفط، فالجميع يعلم بأن حجم الصادرات النفطية للمملكة يبلغ حوالي 90% من مجموع الصادرات السعودية، ولذا كان لزاماً أن تتكاتف كافة الجهود من أجل تنويع مصادر الدخل لخزينة الدولة خصوصا أن الخطط التنموية الخمسية التي بدأت من مطلع عقد السبعينات الميلادية قد أكدت على ذلك.
|
|
|
|
|