| الثقافية
مدلول الحياة متلبس بالعمل فلا حياة بلا عمل، ولا عمل بلا حياة.
فاذا انعدم العمل نضب معين الحياة، فالكسل الذي استعاذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم مرض يدفع بالانسان الى ان يكون ميت الاحياء وكذلك الاعاقة البالغة التي تمنع الانسان عن ممارسة العمل لها تأثيرها.
والتقدم بالسن اذا حجب الانسان عن العمل فإنه من اثقال الشيخوخة ولذلك استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الهرم.
والعمل هو حياة الفرد ونماها وعطاؤها والذي يكوّن له القوة والمكانة من الجاه والمال بل هو استثمار الدنيا للآخرة.
والعمل بمنهجه هو الذي يبني المجتمع ويعزز مكانة الامة ويشيد الحضارات والعمل المنهجي يبني الدول والالتزام به يثبت الدول ويثبت قوتها.
والعمل وسيلة العلم وسبله وهو المعابر الكبرى للمال والدول التي ترعى العمل ترعى قوة افرادها ومن ثم قوتها فهذه الاهمية العظيمة للعمل التي لا غنى عنها اين فكرها في عالمنا الاسلامي واين منهجها واسباب تطورها ونماها.
إنها جديرة بالدراسات الفلسفية التي تكشف عن ماهيتها وهي جديرة بالدراسات الفكرية التي تغرس بناء التربية للأمة وهي جديرة بالدراسات المنهجية التي تقوم على التدريب المنهجي للفرد والمجتمع، انها جديرة بالابحاث العملية المتواصلة اللازمة التطبيق وقد دعاني التأمل في العمل الى طرح فكرة, ما دور العمل في تخلف الفرد والمجتمع والدول والأمم؟ لاسيما في عالمنا الاسلامي, والاجابة تُستبان لكل متأمل بل ان فكر العمل يكشف لنا عن اتكالية عناصر المجتمع وضعف الفكر فيه ويكشف عن اسقاط عيوبنا الذاتية على الاخرين في سائر الاتجاهات الفردية والاجتماعية.
والعمل له دوره في بناء الحضارة المعاصرة، فقد تلاحم فيها العمل الفكري والعمل اليدوي معا، وكان ان قام العمل على هيكل معرفي كبير من التدرج استهلالا من القاعدة التي تقوم على الفكر وكلنا يدرك نظريات العمل الرأسمالية والشيوعية ومدى صراعهما المعاصر لكن لا يخفى التفاوت بينهما في الانتاجية وقد شهدنا ذلك فالرأسمالية التي تقوم على شحذ همة الفرد هيمنت لقوة عمل الفرد فيها وكثرة حوافزه فكان لها البقاء والرأسمالية لا تقوى على الوقوف في وجه الفكر العملي الاسلامي لو اتيح له الاستنباط والتوجيه الفكري والعمل به ثم تطور المنهجية فيه واحياء روح الرقابة الداخلية الايمانية فضلا عن الحوافز المادية والمعنوية.
والذي يتمثل لي هو الفراغ الفكري العملي في عالمنا الاسلامي وهو اولى بالإحياء كالارض الموات وهو الوسيلة الكبرى لانتشال ابناء العالم الاسلامي من الضعف والتخلف ونحن لو تتبعنا معالم الفكر في اللغة اولا لوجدنا لفظة العمل توحي بمكانته:
* العمل في اللغة:
فالعمل: هو المهنة والفعل وعَمِل الرجل اي قام بالعمل عند غيره واعتمل الرجل: اي قام بالعمل لنفسه وقديما مدحوا الرجل العامل المنجز الذي يخدم نفسه ويبني حياته يقول الشاعر:
ان الكريم وأبيك يعتمل فيكتسي من بعدها ويكتحل |
فالاكتحال من الكماليات اي فالعمل والاعتمال يؤديان الى الترف والثراء اما الاستعمال فهي الخدمة الوظيفية المعاصرة وقالوا عنها قديما الاستعمال خدمة السلطان .
والاعتمال يشمل اوجه العمل للفرد في العمران والصناعة والزراعة ومنه رجل عمول اذا كان كسوباً وهو ما يسمى برجل الاعمال، والعمل يكون بالذهن ايضا لكنه يرد على وزن افعل مرتبطا بالوصف المراد اعمل فلان ذهنه في كذا وكذا اذا دبره بفهمه وأعمل رأيه وآلته ولسانه .
والاعتمال والعمل والعمل الذهني كلها خاصية حياتية لكل ذي حياة فهو مطبوع على العمل فالله المدبر لهذا الكون جعل خاصية العمل ملازمة لخاصية الحياة فليس هناك من كائن حي يُخدم ويُسعى اليه فلابد من عمله حتى ملكة النحل فان لها اعمالا خاصة بها حتى في عملية التلقيح والكل لابد له من السعي للغذاء حتى ممارسته بالأكل عمل والعمل خاصية داخلة في تركيب الكائن الحي بل في اصغر مكونة انها الخلية التي تحوي عناصر الحياة والطفل يولد عاملا فالصراخ عملية للتنفس والحركة للمران.
حتى البكاء وهو يلهم عملية الرضاعة حتى يتمرس العمل الضروري له والتربية تقع في خطأ حين تدخل الاتكالية عند الاطفال فلو كانت التربية تقوم على شحذ العمل من الطفل لكان في ذلك خيرا كثيرا ودربة نافعة وممارسة تجريبية وخير من ذلك ارتباطها بالعمل الذهني اولا ثم بعد القناعة تتأتى الممارسة متزامنتان معا.
|
|
|
|
|