أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 20th December,2000العدد:10310الطبعةالاولـيالاربعاء 24 ,رمضان 1421

مقـالات

خواطر
طاش ما طاش
د,عبدالمحسن محمد الرشود
منذ ما ينوف عن الأربعين عاماً والدراما في المملكة تغذّ السير باتجاه الأفضل، وقدم الممثلون السعوديون أعمالاً مختلفة منها الجيد والممتاز، والرديء، وذلك من خلال جهودهم الشخصية، وامكاناتهم الفردية حسب قدرتهم الفنية، وخلفياتهم الثقافية ومن ثم يأتي القبول أو عدمه من المشاهدين، كل ذلك يحدث على الرغم من فقدهم لأساسيات العمل الفني الشامل مثل المعاهد الفنية الأكاديمية، ومدارس التمثيل، والاخراج، وفقدهم أيضاً للدعم المادي وأخيراً وهو المهم الاعتبار الاجتماعي الصادق أو لنقل المشروعية الاجتماعية لأسباب عديدة من الصعب نقاشها هنا,, ومع ذلك استمر هؤلاء الفنانون واعطوا قدر استطاعتهم.
ولعلكم تذكرون معي ما قدمه الكثير منهم على سبيل المثال عبدالعزيز الهزاع، لطفي زيني وشقاص وسعد خضر، محمد المفرح أبو مسامح الذي أحدث ضجة جماهيرية في حينه، ومحمد العلي الذي تربع على النجومية بداية التسعينيات الهجرية وغيرهم الكثير مثل علي إبراهيم والحماد الذي تألق في كثير من الأعمال المحلية أيام الأسود والأبيض ومحمد الطويان ومطرب فواز وحمد الهذيل والعم درغان أحمد الهذيل وأسماء كانت نجوماً فترة من الزمن وقدمت ما استطاعت في ظل ظروف مادية صعبة، والنقلة التنموية المادية، والبشرية، وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك منافسة من فضائيات متنوعة وهامش أكبر من المنافسة الإعلامية المحلية حيث لم يكن آنذاك سوى قناة التلفزيون السعودي الوحيدة، ولا وسائل ترفيه أخرى تقنية كالانترنت، وتعدد مباهج الحياة، واتساع المدينة وأسواقها وحركتها، وتنازع الإغراءات على الفرد السعودي انهم في حقيقة الأمر يُشكَرون جميعهم على ما بذلوه من عطاء فني درامي سواء قبل الطفرة أو إبانها,, ولقد ساهموا في البناء وفي ايجاد الأرض الخصبة الخضراء والمناخ المعقول الفني بين الجماهير السعودية لكي يبدأ طوفان فني رائع هو طاش ما طاش .
وهذه هي طبيعة الأمور تأتي أجيال وتسلم رايتها سواء أكانت فنية أو فكرية أو ثقافية أو حتى علمية أو اقتصادية للأجيال اللاحقة لأن عمر الانسان ووقت عطائه يظل قصيراً جداً أمام المشوار الزمني الطويل.
جاء طاش ما طاش في ظروف اعلامية صعبة، المنافسة حادة، وغير موضوعية وليس بالامكان النظر إليه من زاوية المقارنة فالفضائيات تملأ الفضاء أمام هذا العمل وتتحداه بما لديها من هوامش حرية واسعة مبتذلة أحياناً وأموال عظيمة مرصودة ومدعومة بأكثر مما يدعم طاش ما طاش، وعناصر نسائية اغرائية مخيفة، وحشد من الكتاب والمخرجين والفنانين ذوي الخبرة، والمناخ الفني في بلادهم، والمتفرغين للعمل الفني والمباركة الاجتماعية، وبدون قيود اجتماعية أو فكرية حتى ,, بمعنى ما لا مقارنة موضوعية بين ما لديهم وما لدى طاش ما طاش!!
لكن التحدي هو الذي يصعد بالرجال وحدهم الصادقين في قضاياهم ومواهبهم والبارعين في امكانياتهم ومواجهة قدرهم,.
البقية ص37
في تصوري رغم كل هذه المعطيات إلا أن طاش قلب الطاولة ورفع الراية الفنية المتسامقة ليس في المضمار المحلي ولكن على المستوى الخليجي والعربي أيضاً, وأصبحت الجماهير في السعودية حاضنة العمل وفي الخليج وفي العالم العربي تتابع هذا العمل الفني المميز لدرجة ان الكبار والصغار والنساء يحرصون على موعده كموعد مع امتحان، أو طبيب أو رحلة طائرة وهذا في تقديري قمة النجاح!! لأن الناس والجماهير هي التي تحكم هنا.
أما لماذا نجح هذا العمل وفرض وحدانيته بهذه الصورة فلعدة أسباب أهمها قيام العمل على اكتاف ثلاثة ناصر القصبي وعبدالله السدحان والمخرج عبدالخالق,, الذين هم في نظري يؤمنون باللامركزية الفنية فأصبح العمل وهذه سابقة في بعض حلقاته من صنع المواطنين المتسابقين بالأفكار لهذا العمل الذي أصبح منهم وإليهم والمجتمع يجد فيه لسانه الناطق بمشاكله وهمومه واحزانه وأفراحه وأتراحه.
هذا العمل يحس بالانسان السعودي ويدافع عن قضاياه ومعاناته المختلفة وليس هناك عمل أفضل من الذي يعبر عن هموم الناس دون اسفاف أو ابتذال ويطرح مشاكلهم أمام الرأي العام.
ومن الناحية الفكرية,, طاش يعرف جيل ما قبل العشرين سنة بواقعنا الاقتصادي والفكري والثقافي أيام زمان لكي يقول انظروا الى الفرق بين ما قبل وما بعد الطفرة,, ويخلق حميمية بين الأجيال.
فلقد سألني مراهق في الرابعة عشرة من عمره هل كنتم تعيشون في بيوت الطين هذه وكيف؟! (احدى حلقات طاش) ومضيت أخبره بما كان عليه الآباء والأمهات من ظروف مادية صعبة سكناً ولباساً ووسائل مواصلات!!
ومن أسباب نجاحه أيضاً تنوع موضوعاته وأفكاره ليتناول الكثير من مشاكل المجتمع وآلامه ومعاناته بأسلوب فكاهي يزرع البسمة في قلوب الناس كما انه يكشف خصوصيتنا كمجتمع ويعرفنا بالآخرين مما حدا بالبعض لارسال عبر الانترنت رسائل ليقول بان طاش عرف العرب بطبيعة السعوديين وطريقة حياتهم وظروفهم وأنهم يمتلكون خفة الدم أيضاً ويفرحون ويتعاملون بالنكتة!!
وأضيف أحد الأسباب المهمة وهي أن المشاركين في طاش ينجحون وعندما يقدمون أدواراً أخرى في أعمال أخرى لا يلاقون ذلك النجاح، مما يدل على أن القائمين على العمل يجيدون وضع الشخص المناسب في الدور المناسب ومما يسمى ب casting ولذا يتميز الذين يعملون في طاش بشكل أكثر.
طاش ما طاش إذاً نقطة للأمام في مسيرة الدراما السعودية.
alreshoud@hotmail.com
الرياض ص, ب 90155 رمز 11633
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved