أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 19th December,2000العدد:10309الطبعةالاولـيالثلاثاء 23 ,رمضان 1421

محليــات

لما هو آتٍ
السراديب
د, خيرية إبراهيم السقاف
كيف يكون الخروج من سراديب النفس في بهائها، وفي جفائها؟
فالنفس حين تثمر تتباهى,.
وهي حين تعقم تتجافى,.
وللنفس مخابىء لا يقتحمها إلا ذو مشعل وضاء، مشحوذ الفتيل,,، مقتدرٌ على حمل الثقاب دون أن يمسه بلسع حين يهم ببدء المسير نحو سراديبها,.
والدخول إليها يسير عسير، ممكن وغير ممكن، مريح ومزعج، مفرح ومؤلم، وكلُّ المتناقضات في مترادفات الصفات لعملية الدخول الى النفس، والخروج منها,, وسراديب النفس متعرجة، طويلة، تضرب في الأبعاد، وتوغل في المجاهل,,
بقدر ما تُفرح تُخيف، وبقدر ما تُقرِّب تُبعد، وبقدر ما هي واضحة هي غامضة، وبقدر ما هي مكشوفة هي مغطاة,,،
والنتيجة، إما دافعة، وإما فاجعة,.
فهي إن كانت دافعة جاءتك بما لا يخطر على بالك من عظمة تكوين هذه النفس، بعظمة من خلقها,,، بما يزيد في همتك، ويشحذك أكثر مما شحذك قنديل السراديب,,، ويمنحك صبراً وجلداً معجونين بالأمل، دافعين للعمل,, كي تحقق في عالم النفس مزيداً من الإيغال في سراديبها للخلوص بكثير من النتائج المثمرة الخارجة عنها,.
وهي إن كانت فاجعة، جاءتك بما لا يخطر على بالك من تردٍ لهذه النفس دون الخلوص برداء الطهر عن كل ما يشوبها,.
وفي الدافعة صورة جلية لبهاء النفس.
وفي الفاجعة صورة جلية لجفاء النفس.
وتظل النفس من الأشياء الغامضة في مجريات الخارج من الإنسان، والمتَّجه إليه، وهي بقدر ما فيها من العظمة تمنح الأشياء بُعداً حيِّزياً، وبعداً زمنياً، وهما يمتزجان ولا ينفصلان فحيِّر المكان لا يمكن أن يكون في منأى عن حيِّز الزمان، وكلتاهما مساحتان لأن تتوالد الأسئلة، وتتقاطر فوق مرمى السراديب حين تنبسط وتتردّد قبل أن تكون هناك بوارق للوقوف أو حتى لنيَّة السؤال: كيف، وأين هي,,؟
والنفس سيدة البؤرة التي تقف أمام استدارة نصف الدائرة في عمود علامة الاستفهام؟
وإذا كان الخروج من سراديب النفس إما بهيَّاً، وإما جفيَّاً,,، يُثمر أو يشحُّ,, فإن الدخول إلى سراديبها مُجهد، أو مُعجز,.
والاجهاد إما إلى الفلاح، وإما إلى الجراح,,، أما الإعجاز فإلى الإغلاق دون إتاحة أية بارقة، فيواجه النفس بما في النفس من قدرة السحق لطموح الإنسان في مزيد من فرص التعارف، وسد باب الولوج إلى بسطة الداخل كي يلتقط الواحد عن الآخر ما يُلغي عن سراديبها وحشة الانغلاق، أو انزواء الانزواء,,، أو وحشة الغموض، أو غموض الوحشة,,!!
و,, كيف للإنسان أن يتعارف ويتآلف مع الحقائق,, دون أن يطمس منها أو عنها ما يمكن أن يفضي به إلى خارج دوامات الغربة في مجاهل النفوس، ذلك لأن الغربة النفسية تفرد جناحيها على كل مفرد، أو مثنى، أو جمع، بنوعيهم الرجل والمرأة، بل بأزمنتهم، الكبير والصغير، بل بكل ما يميز الواحد والواحدة، عن الاثنين، وعن الثنتين,؟,, عن سؤالٍ كبيرٍ بحجم هذا الموضوع وهو ينبسط داخل السراديب، لكن ثمة من يملك المفاتيح؟!,, ولا يجعلها عرضة للقهر التوحدي مع ذاتها,, لكن يعمل المفاتيح ومن يمحو عن وجه المكان ما يجلِّيه عن غموض لحق بالنفوس، ولكن لم تستطع الخلوص إلى مظلات للتنظيف، بل للتلميع من لسع الثقاب، أو دخان العواصف,.
والسؤال قائم,, كيف السراديب؟! بقضها وقضيضها؟!,, كيف السراديب جسر لكل الهاربين من/ إلى.
والفلك يدور,, وتظل النفس محور كلَّ شيء,,!!
***
*** من لا يعرف نفسه لا يعرف الآخر,.
*** من يحاول معرفة النفس يحمل مشعلاً بيد، وفأساً في أخرى,.
*** و,, ذلك صوت قادم من المجاهل,, زار,, وما لبث أن عاد من حيث أتى,, لكن النفس صمدت أمام عبوره في محاولة لدرء شبهة السراديب الغامضة، كي تجلِّي عن كل صفاته التي تأتي ولا تأتي فتأتي, أي تتمثَّل.


أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved