| الاقتصادية
قد يكون من المسلمات أن حزام الأمان يعتبر من المظاهر الحضارية التي تعكس درجة الوعي المروري لدى قائدي المركبات كما قد يكون من المسلمات أن هذا الحزام له دور بارز في الحد من الآثار المترتبة على الحوادث المرورية, ومن هذا المنطلق فإن حزام الامان قد حظي في الآونة الأخيرة باهتمام خاص من قبل الجميع وعلى رأس الجميع بالطبع مجلس الوزراء الموقر الذي ناقش وأقر الآلية اللازمة لفرض هذا المظهر الحضاري ضمن المنظومة المرورية التي يجب على الجميع التقيد بها, ولقد كان من نتائج هذا الاهتمام الخاص الحملة المرورية التي نفذها جهاز الأمن العام بمساعدة ومشاركة معظم الأجهزة الحكومية وغير الحكومية الأخرى بهدف نشر الوعي المروري لدى فئات المجتمع المختلفة, إلا ان الملاحظ على هذه الحملة المرورية أنها قد ركزت وبشكل كبير على حزام الامان وكأنه السبب الرئيسي الذي يقف وراء كثرة الحوادث المرورية وتعدد ضحاياها, فإذا كنا جميعا نعلم بأن هنالك العديد من الأسباب التي تقف وراء المشكلة الرئيسية, فإننا أيضاً نعلم بان ربط حزام الامان لا يعتبر سوى سبب مساعد في الحد من آثار الحوادث المرورية بعد حدوثها, وبالتالي فإنني اعتقد انه كان من الأولى التركيز على الأسباب التي تقف وراء المشكلة وليس على الأسباب التي تساهم في مضاعفة آثار المشكلة كحزام الامان, ولو جاز لنا تجاوز مثل هذه الملاحظة الهامة فإن من غير المعقول ان نتجاوز الملاحظة التالية التي اعتقد انها تحتاج الى إعادة نظر من قبل المسؤولين في جهاز الأمن العام وبشكل خاص الإدارة العامة للمرور, فقد لاحظنا في الآونة الأخيرة تواجد رجال المرور بالقرب من الاشارات المرورية للقيام بمهمة تسجيل ارقام السيارات غير الملتزمة بربط حزام الامان تمهيدا لتسجيل مخالفات مرورية وغرامات مالية بحق تلك السيارات المخالفة, وفي اعتقادي ان هذا الإجراء لا يتوافق مع المنطق الإداري السليم للعديد من الملاحظات التي يأتي في مقدمتها.
1 ان هذا الإجراء قد يؤدي الى تسجيل مخالفات مرورية بحق أناس لم يرتكبوا المخالفة اصلا حيث ان من الممكن أن يكون قائد السيارة في تلك اللحظة شخص آخر غير صاحب السيارة.
2 ان بالامكان تسجيل المخالفة الواحدة أكثر من مرة خاصة عندما يقود الحظ السيىء قائد السيارة للمرور عبر اشارات مرورية مختلفة وفي كل مرة يسجل رقم السيارة وتسجل مخالفة بحقها.
3 ان تسجيل المخالفة على طريقة سكتم بكتم لا يخدم الغرض الذي من أجله أعتبر هذا التصرف مخالفة مرورية، فعندما يقوم رجل المرور بتسجيل المخالفة دون اشعار قائد المركبة بطبيعة المخالفة فإن من المتوقع ألا يتعرف قائد المركبة على مخالفته إلا عندما يضطر الى مراجعة المرور, وهذا يعني انه لن يتقيد بربط الحزام إلا بعد ان يضطر الى دفع الغرامة او الغرامات المالية المسجلة بحق سيارته, وإذا كان قائد السيارة في اللحظة التي سجلت بحقها المخالفة شخص آخر غير صاحب السيارة فإن من المتوقع ان يستمر المخالف في مخالفته وان يتحمل صاحب السيارة دفع غرامة مالية لمخالفة لم يرتكبها أصلاً, وفي هذا الخصوص اتساءل عن الهدف من هذا الاجراء هل هو الحد من المخالفة أم تسجيل أكبر قدر ممكن من المخالفات وتحصيل أكبر قدر ممكن من الغرامات المالية؟
4 ان تركيز رجال المرور على التواجد بالقرب من إشارات المرور قد عطل عنصر المفاجأة المطلوب مما مكن قائد المركبة من تجاوز المخالفة عن طريق التقيد المؤقت بها عندما يكون قريباً من تواجد رجال المرور.
5 ان الطريقة المتبعة قد تخلق الكثير من المشاكل لجهاز المرور خاصة عندما ينكر احد المواطنين ارتكابه للمخالفة او عندما يتهم قائد السيارة رجل المرور بتعمد تسجيل المخالفة بحقه دون وجه حق، او عندما يخطئ رجل المرور في تسجيل معلومات السيارة بالدقة المطلوبة.
مما تقدم يتضح ان الطريقة المتبعة في تسجيل المخالفات المرورية يصاحبها الكثير من الملاحظات التي يجب تلافيها حتى يتحقق الامان المنشود مع حزام الامان, وهنا اعتقد ان افضل وسيلة لتنفيذ القرار وتجاوز الملاحظات هي ان يتم ايقاف المخالف وتسجيل كافة المعلومات الشخصية المطلوبة وإبلاغه بسبب الايقاف والكيفية التي تمكنه من تلافيها مستقبلاً.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|