أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 19th December,2000العدد:10309الطبعةالاولـيالثلاثاء 23 ,رمضان 1421

الثقافية

هي,, والمجهول
مريم شرف الدين
يغتالني الوقت عند انتظارك بين مرافىء الشوق,, وردهات الزمن,, كيف لا اكون كذلك وانت من تعمدت بأن يكون بعد المسافة هو الحل القاتل والحد الذي يفصل بيننا, لازلت انسانا مبهما في حياتي لكنني مع هذا لا اخفيك امرا بأن الحنين مازال يراودني، يسيطر على مخيلتي، يلفني الشجن، يمضي الوقت ثقيلا,, ترهقني اللحظات الطوال,.
فينتابني هاجس غريب يرحل بي الى البعيد,, فأتبع نداء قلبي، تتعثر خطواتي,, ابحث عن طيفك الى درجة اتعبت فيها مخيلتي، افكاري احاسيسي، يرافقني ويتبعني اينما توجهت.
أراه يتجسد تارة في شفافية,, ويتلاشى عني تارة اخرى لأعاود التحليق مجددا في فضاءات احلامي.
لا اخفيك امرا بان الامل يعتبر الشيء الوحيد الذي يطرز مساحات حياتي, هو الطاقة الخارقة التي تمنحني كل هذا التفاؤل، تدفعني الى انتظار المجهول وتتوهج اشواقي ومشاعري حتى اخال نفسي بأنني اعيش حالة من التفرق حالة نرسم ونخطط الى مسارها انا وانت,.
حالة ربما تصل احيانا الى درجة الانصهار,, التمرد لأعيش حالة من التجلي,, تتملك كل احاسيسي، اجدك تقتحم اسوار حياتي واشعر بأوتار قلبي وهي تعزف اشجى الالحان، تتراقص طربا,, ينهمر المطر فتزهر كل الدروب الوعرة التي كانت امامي,, وكل الصحاري المجدبة تتحول الى واحات غناء، اسمع فيها تغريد عصافير الفرح.
أتدري لِمَ؟! لأنني عشقت صدى كل العبارات التي مازالت عالقة في مخيلتي ,, فتبحر الى كل المساحات الموجودة في داخلي,, تتحرك وجداني,, تتدفق مع كل نبضة من عروقي,, وبين الوهلة والاخرى احاول احاطتك وبناء قلعة حصينة من حولك لامنع أعين الفضوليين من النظر اليك,, وعدم مشاركتهم لي كل هذه المشاعر,.
استحضرك في ذاكرتي كلما توعكت حالتي او انني بحاجة للدواء,, لتكون البلسم الشافي والدواء لاحزاني وآلامي وهمومي,, واحزانك,, لان لك المقدرة على ان تنسيني كل هذه الآلام الموجودة في داخلي,.
بعاطفتك,, وحنانك,, وبمصداقية كلماتك باستطاعتك وحدك تضميد كل الجروح التي لازلت اشعر بنزفها في داخلي لكنك لم تأت,, اطلت الغياب,, رغم انني اشعر بوجودك معي الآن في هذه اللحظة وكل اللحظات,, بت اخشى عدم مجيئك ان افتقدك,, رغم كل هذا التمرد الذي يسكنني والقسوة التي وصفتني بها الكثيرات وكل الهواجس التي تسيطر على افكاري,, الا ان الخيانة هي الهاجس الوحيد الذي انتصبت هامتها في داخلي,, بعد ان تحطمت الكثير من الاشياء الجميلة التي تهاوت في لحظة الى ركام,.
لهذا اخشى من الخيانة والتمرد على مشاعري
مع كل هذا الحنين الجارف شعرت بانني كنت اتحاور مع نفسي,, وانك لم تكن سوى مجرد حلم، هذا الحلم الذي كم انتظرته طويلا وكم اخشى ان يتحول الى حالة من اليأس وحالة من الحزن.
وان كانت لك المقدرة وحدك على الفراق والانتظار الا انني تجرعت من الصبر مرارته، ومن الايام قسوتها، ومن الألم اوجاعه، ومن الحزن لوعته، ومن الحزن اشجانه، ومع النشوة العارمة لكل هذه الاحاسيس المتأججة,, شعرت بنفحة باردة تلفني جعلتني افيق من هذا الحلم,, فأجدني اتأمل الشمس وارفعها بنظرة خاطفة,, لاراها تعيش في حالة عناق مع البحر,, خلتها تهمس له,, تقول له انتظرني سأعود اليك في الغد,, وقبل ان تتوارى وتختفي وراء الافق شعرت بشيء من الخجل واعتبرت ان هذه الحالة خاصة جمعت بين حبيب ومحبوبته,, وليس من حقي التطفل عليهما,.
تراجعت فأومأت برأسي الى الشاطىء,, نظرت الى رماله المتبللة,, لاجدني مازلت امارس عبث الطفولة,, انتابني شيء من الدهشة,, تسمرت قدماي عند مشاهدتي لتلك الخطوط ,, والتلال والهضاب التي افسدت بها ملامح الشاطىء وعند محاولتي بالتحرر من ذرات الرمال التي مازالت عالقة على كفي,, واعادتها الى رفيقاتها على الشاطىء لمحت,, بأنني مع ثورة كل هذه المشاعر المتأججة قد كتبت (رسالة الى مجهول) سألت نفسي متى وكيف حدث هذا، ومعاتبتها على هذا التصرف الصبياني لان حجم العبارة ,, من الممكن ان يكشف ما بداخلي.
وعندما هممت بمحو هذه العبارة,, وجدت ان امواج البحر,, سبقتني الى تحقيق هذه الرغبة,, لانه هو الوحيد الذي له معرفة بكل اسراري غادرت الشاطىء بعدها لاعود انا من جديد الى قدري,.
وها هو الليل يسدل ستاره ليشعرني بالظمأ وبالجفاف والوحدة، شعرت بزفرة حارة داخلي تكاد تتجاوز كل الحدود التي امامها، اخمدت كل الآهات التي تشتعل بين حنايا فؤادي,, اردت ان اتحرر منك,, الا انني خفت ان انجرد من ذاتي ,, ومن مشاعر الانثى التي لن تموت لكنني سأوقد الشموع,, لاواصل الانتظار ,, حتى وان لم تأت فهناك قوة تصنع المعجزات,, وتحرك فينا كل المشاعر التي خبئت بفعل الزمن,, وتناسى كل انسان في عالمنا الصاخب ان هناك شيئا ما يتحرك في داخله ,, يدفعه الى استنفار هذه القوة,.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved