كنا ونحن صغار وحتى وقت ليس بالبعيد إذا سمعنا بوفاة قريب أو صديق أو جار وحضرنا للصلاة عليه وشاركنا في تشييعه ودفنه,, كنا في تلك الفترة نصاب بالوجوم ويبدو الحزن على وجوهنا وتخفت أصواتنا عند دفنه ولا تسمع الا الدعاء له والترحم عليه وتبادل التعازي بفقده,, وتستمر هذه الحالة لعدة ايام,, أما في وقتنا الحاضر فالأمر تغير كثيراً,, يحضرون للصلاة عليه ويذهبون في موكب للمقبرة وهناك تسمع اللجب والصخب والخوض في أحاديث شتى خارج نطاق الحدث, بل هناك تذكير بمواعيد الزيارات الخاصة وتفتح صفحات العتاب وتسمع أسئلة وأجوبة وكلها عن شؤون حياتيه هامشية وكل هذا يتم في حلقات متناثرة هنا وهناك وكأن الجميع أو الأغلبية بمعنى أصح قد حضر الى حفلة زواج أو استقبال أو توديع ضيف، يترجم ذلك ما تسمعه من ضحك ومزاح وتعليقات, وتجد فئة محدودة فقط منشغلة بترتيب الدفن,, وبعد ذلك ينصرفون كل يمضي إلى غايته وكأن شيئاً لم يكن وينسون للتو تلك اللحظات ولا يعيرونها أي اهتمام أو اعتبار بمجرد المغادرة.
فيا ترى ما السبب في ذلك؟ وهل وصلت الغفلة أو التعلق بقشور الحياة الى هذا المستوى من التبلد الملحوظ؟,, وأين ما كان يردده السلف الصالح من أنه كفى بالموت واعظاً,,؟ لله الأمر من قبل ومن بعد,, ولكن هل من معتبر؟,, والله المستعان,.
|