تتباهى الصهيونية وأذيال الصهيونية بهذا القصف المتواصل؛ النهاري منه والليلي، ويستمتع المشاهد للقنوات الفضائية بأنغام أصوات المدافع، وأزيز الطائرات، وهدير أمواج البحار التي تحمل سفنهم الحربية، ودخان القنابل الحارقة، والصواريخ الملتهبة المدمرة، وبريق الطلقات النارية.
النداء وا معتصماه ، وا إسلاماه ، وا عروبتاه ,,!!
ويُلبى النداء بوا أسفاه أو واه حسرتاه ,,!!
وعندما تبلغ الحميّة مبلغها يلبى النداء بالشجب والتنديد والاستنكار,,!!
تحولت العزة والمروءة والشهامة,, إلى ذل وهوان ومهانة!!
لِمَ لا؟؟ وقد عاث في الأرض المقدسة المفسدون,, ودعمهم في ذلك الحاقدون!!
نعم,, هذه هي الحال,, ولا حول ولا قوة إلا بالله,,!!
إنه لمن المجحف عُرفاً وقياساً في حق الإنسانية أن يتواصل هذا العدوان من قبل العدو الصهيوني المحتل الغاشم، على صاحب الأرض؛ الشعب الفلسطيني الأعزل؛ باستخدام مختلف أنواع الأسلحة ابتداء من الغاز المسيل للدموع، وانتهاء بتلك الأسلحة المحرمة دوليا، مرورا بالرصاص المطاطي، والرصاص الحي المغطى بطبقة رقيقة جدا من المطاط، والرصاص الحي من الرشاشات الأوتوماتيكية، ثم الأسلحة الثقيلة من قنابل وصواريخ متعددة الأهداف والأحجام تتهافت على شعب أعزل من الجو والبحر والبر، لإبادة الانسان والنبات والحيوان، وتدمير البنى التحتية والعمران في أرض فلسطين المتغتصبة.
يتواصل العدوان,, ويتواصل الحزن والأسى على هذا الصمت الذي يلتزمه أبناء الأمتين العربية والإسلامية أحفاد النبي صلى الله عليه وسلم وأحفاد عمر، وخالد، وأسامة، والمعتصم، وصلاح الدين، الى آخر هذه القائمة التي أضاءت التاريخ ببطولاتهم ونصرتهم للمظلوم حيثما كان على وجه البسيطة فهم يشاهدون بأم أعينهم قمة الانتهاكات في حق الانسان العربي والمسلم في أرض فلسطين المحتلة؛ شاهدوا محمد الدرة الشهيد وهو يتلوّى على ركبة أبيه جراء زخات الرصاص وانفجارات القنابل عليه، ذلك المشهد الذي استمر حتى لفظ الطفل البريء أنفاسه الأخيرة ملقيا رأسه ودماءه على فخذ أبيه والله المستعان ,, وشاهدوا تلك المرأة الفلسطينية ربما تجاوزت الستين من عمرها وهي تسقط على الأرض جراء ركلة حاقدة من قدم جندي اسرائيلي مدجج بالسلاح وأذكّر هنا كيف ان المعتصم انتصر للمرأة العربية المسلمة التي قالت وا معتصماه جراء صفعة روميّ خسيس أثناء اقتيادها أسيرة مع الأسرى الآخرين، وذلك بعد أن عاث الروم فسادا في أرض المسلمين؛ قتلوا وسلبوا ودمروا وشردوا، فماذا فعل المعتصم؟؟ لم يغمض له جفن حتى فتح عمورية حصن الروم المنيع ويقال إنه لم يسترح حتى جعل المرأة تأخذ حقها بيدها ،، ذلك كان المعتصم!! ولكن أين نحن من شهامته، وحميّته، ونخوته، وقبل كل ذلك أين نحن في عصرنا هذا من ايمانه؟؟ فها هي فتاة شابة فلسطينية مسلمة محجبة اسمها شفا تيسير الهندي في ريعان شبابها 23 عاما يعترضها جنود صهاينة ثلاثة وهي في طريقها الى مدرسة الحديث الشريف الواقعة في المسجد الأقصى لمواصلة تعلمها أحاديث النبي المصطفى محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام,, أوقفها الظالمون الحاقدون وطلبوا منها كشف الحجاب عن رأسها ووجهها,, فرفضت بإباء المرأة المؤمنة,, فقام أحدهم بالاعتداء عليها ونزع الحجاب عن وجهها بقوة السلاح والعضلات,, فما كان منها إلا أن صرخت بأعلى صوتها وبصقت في وجه ذلك الجندي الخسيس,, فاستأسد الجنود الثلاثة وضربوها بأعقاب بنادقهم على رأسها ووجهها حتى سقطت على الأرض فاقدة بصرها,, وهي الآن ترقد في مستشفى المقاصد بالقدس,, فهل من معتصم يصل إليها لنصرتها؟؟؟ الله المستعان !.
وشاهدوا تلك الطفلة البريئة سارة الشهدية ودماؤها تسيل من فمها ورأسها، وهي لم تبلغ عامها الثاني، وربما لم يلبث والداها أن فرحا بخطواتها الأولى,, وشاهدوا ذلك الشاب الشهيد وقد فقد ثلثي رأسه جراء طلقة نارية محرمة دوليا تتفجر داخل رأسه، وبالسلاح نفسه، شاهدوا ذلك الفتى الشهيد وقد تفجرت عظامه داخل جسده وانطلقت شظايا عظامه خارج جسده لتصيب طفلا آخر يُحمّل على إثرها الى المستشفى، وشاهدوا ذلك الطفل البريء الذي لا يتجاوز عمره السنوات الثلاث يقف في وسط غرفته التي تصدعت جدرانها وتعددت فيها الفتحات جراء القصف بالقنابل والصواريخ لقد شاهدوه شاحب اللون دبّ الرعب في جسده وهو يقول لمراسلة قناة دبي الفضائية:أنا خائف ثم سرد بنظرات عينيه قصة طويلة عاشها مع الرعب في تلك الليلة السرمدية وهو ينظر الى ألعابه المكسرة والمحترقة والمتناثرة في أرجاء الغرفة، فمن يُبعد شبح الخوف عن هذا الطفل وآلاف الأطفال الآخرين؟؟ الله المستعان ,, وهذه فقط رموز لما ارتكبته الصهيونية في مجازرها التي استحيت منها المجازر النازية,, لقد شاهدوا الكثير من المشاهد الاجرامية المتنوعة بين مقزز للنفس ومفقد للأعصاب، شاهدوا النساء تستصرخ، والأطفال تستعطف، والشيوخ تستسلم للدموع واللوعات,,!!
وعلى استحياء العذارى؛ أمام الشعوب الهائجة، والصرخات اللاهية، والدموع الحارقة,, أمام بكاء الأيتام وحسرات الثكالى البائسة، تنعقد القمة العربية,, فتطلع إليها العطاشى، وترقب نتائجها الحيارى، وتطرق بصيص الأمل إلى نفوس أهالي الضحايا.
المناسبة: انتفاضة الأقصى!!
الزمان: السبت والأحد 21 و22 أكتوبر 2000م!!
المكان: أرض الكنانة,, أم الحضارات والثقافات,, مصر!!
وقبل أن تنعقد القمة بدقائق معدودات، تتوقف الساعة احتراما واجلالا لتهديد صريح بالقليل من الكلمات على لسان الزعيم اليهودي باراك ذي الباع الطويل في الإجرام واسألوا عن اجرامه جثة الشهيدة البطلة دلال المغربية.
وتنعقد القمة، وتتجه اليها القلوب والأبصار,, تبدأ القمة بجلسة علنية,, وأمام العدسات المتطورة يلقي الزعماء خطبهم السياسية تمهيدا لاتخاذ القرارات، أسعدتنا خُطبهم؛ كلمات لاذعة، ومشاعر ملتهبة، وادراكات للواقع واعية، مطلب قطع العلاقات على كل لسان، زعيم ينادي بالجهاد وفتح الحدود، وآخر يبين بجلاء المؤامرات التي تحاك للأمتين العربية والاسلامية تحت ما يسمى السلام وثالث يصرح قائلا:الشعب الفلسطيني يُعدّ رأس الحربة للأمتين العربية والاسلامية في المعركة الدائرة مع اسرائيل ,, مبينا أطماع الصهيونية ومحددا حدودها التي رسمتها لنفسها.
فقلت في نفسي:الحمد لله رب العالمين,, لقد خاب باراك وخابت تهديداته ,, يا قدس أبشري واطمئني,, يا فلسطين افتحي أبوابك وشرعيها,, وأنت يا أم الشهيد هللي وكبري وزغردي؛؛ سيبدأ الزحف من كل صوب,, المجاهدون قادمون بمليار معتصم وصلاح الدين !!.
وانتهت الجلسة العلنية، فغابت الكاميرات، وتتابعت الجلسات الخفية، والشعوب العربية والاسلامية في كل مكان تنتفض وترتجف، وهي ترتقب قرارات القمة ولا سيما قرار فتح الحدود وباب الجهاد، والفلسطينيون على ما هم عليه من المعاناة، المزيد من الشهداء والمصابين والمزيد من التدمير والعزل والتجويع، ولسان حالهم يهتف بالصبر والصمود في مواجهة العدو المجرم اللدود وكل ما أبدعته التقنية من الأسلحة الفتاكة.
وأخيرا,, وفي نهاية اليوم الثاني أعلنت القرارات,, أسعدني أحدها وأنعش فؤادي,, ذلكم القرار الذي لفت أنظار الشعوب,, وأسعد النفوس والقلوب,, وهو الذي جاء تنفيذا للمطلب السعودي كما صاغه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز؛ الرجل الثاني في المملكة العربية السعودية، وهذه تسجل في ذاكرة الشعب الفلسطيني بمداد من نور؛ فهو الزعيم الوحيد الذي ترجم الأقوال الى أفعال، وهو الزعيم الوحيد الذي صرح بالقول في كلمته الشجاعة بمسؤولية أمريكا عن الانتهاكات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني,, أما ما تبقى من قرارات فاسمح لي قارئي الكريم أن اتجنب الخوض في محتواها؛ إذ ان الأهم من ذلك هو ان القصف ما زال مستمرا,, ونزيف الدماء الزكية من أبناء فلسطين ما زال متواصلا,,!!
لقد تُرك الشعب الفلسطيني يواجه بإيمانه وإرادته أقوى وأعتى ما توصلت اليه التقنية من أسلحة الفتك والدمار التي يستخدمها من وراء جدر أحفاد القردة والخنازير الذين تُرك لهم الحبل على الغارب دون حسيب أو رقيب,, فأخذوا يبدعون في اجرامهم؛ خنقٌ وتجويع، وقتلٌ وتدمير، وفتكٌ وتشريد، ليس للانسان فحسب وإنما ايضا للبنيان والنبات والحيوان,,
كل ذلك وأكثر يجري جهرا على الملأ؛؛ أمام أعين البشر أجمعين؛ عرب وعجم من كافة الملل والأديان,, وعدسات آلات التصوير تصور الأحداث وتسجلها بدقة وإتقان وتودعها خزانة التاريخ للأجيال القادمة,, أو ليتمكن من مشاهدتها بالاعادة أولئك الذين لم يتمكنوا من مشاهدتها مباشرة إما بسبب النوم، أو بسبب اللهو، أو بسبب الترف، أو لسبب آخر من هذه الأسباب القهرية في حسابات الانسان هذه الأيام,, والله وحده المستعان!!.
ومع هذه الهمجية اليهودية,, ازدادت ثورة الشعوب العربية والاسلامية وتحرك الزعماء من جديد,, ولوّحوا بقمة اسلامية,, قلنا نعم,, فهذه لا يصلح لها إلا قمة إسلامية تعلن الجهاد,,وتأمر بحشد الطاقات، وتسليح المجاهدين، وفتح الحدود للزحف نحو تحرير الأقصى من الغاصبين اليهود,,!!
عادت الآمال الى الشعب الفلسطيني,, فأبدع بحجارته,, وأبدع في صموده وتوحده,, أبدع برفع علم التوحيد أولاً ثم علم الحرية والاستقلال؛ علم فلسطين الحبيب!! وأبدع في تطوير انتفاضته لتعانق سواعد الجماهير العربية وحناجرها وأقلامها التي ما فتئت تندد بالصهيونية وإجرامها، وتبارك الانتفاضة وتشعل حماستها,,!!
وانعقدت القمة الاسلامية على الأراضي القطرية,,!!
الحدث هو الحدث,, والإعداد هو الإعداد,,!!
وانتهت القمة,,!! الحال هي الحال,, والقرارات هي القرارات,,!!
وفي فلسطين يتواصل العدوان ويزداد,,!!
والتضحيات تعقبها تضحيات,,!!
في أقل من ستين يوما يزف الفلسطينيون شهداءهم الأبطال بالمئات,, وأكثر من ثمانية عشر ألف جريح تستقبلهم المستشفيات,,!!
ويتمادى العدو في غاراته الليلية كما الخفافيش الجبانة التي لا تجرؤ على الظهور إلا في الليل وظلماته، خشية مواجهة الحجارة الفلسطينية والارادة الفلسطينية,,!!
وأخيراً,, ومع استمرار هذا العدوان لا يسعني إلا ان اسجل رسالة شامخة، وأطلق صرخة مدوية عنيفة؛ أما الرسالة فتشتمل على أسمى معاني الاعتزاز والفخار بهذه الوقفة الأبية للشعوب العربية والاسلامية وحماستها الجهادية الصادقة التي تعزز من قوة شباب الأقصى وفدائيتهم وثباتهم وصمودهم حتى التحرير,, بمشيئة الله,,!!
واما الصرخة فتنطلق من القلب صلبة كما الحديد؛ قوية كما أحجار فلسطين، وصادقة كما أطفال فلسطين,, تؤكد لبنى صهيون كما للعالم أجمع ، ان الشعب الفلسطيني البطل سيواصل كفاحه وجهاده معتمدا على الله سبحانه وتعالى,, ثم على هذه الوقفة الشامخة للشعوب العربية والاسلامية,, سلاحه الايمان والعزيمة والارادة والحجر والمقلاع والخنجر حتى النصر بإذن الله,, واضعاً في قمة هرم أهدافه أن يكون سداً منيعا في وجه الصهيونية واطماعها,, وسينجح بإذن الله في مواصلة موقعه رأس حربة للعرب والمسلمين مرابطا على أرض الرباط,, لن يكل ولن يمل,,
وانما سيقدم المزيد المزيد من الغالي والنفيس لحماية الأقصى المبارك وتحريره من الملاعنة الغاصبين,, سيؤكد الوثيقة العمرية,, وسيكرر أمجاد المعتصم وصلاح الدين,,!! سيُفشل مخططات اليهود وأطماعهم,, ويبدد أحلامهم وأمانيهم؛؛ ففلسطين كل فلسطين؛ 67 و48 ستعود حرة عربية اسلامية بعاصمتها القدس الشريف,, وستبقى الحدود العربية كما هي؛ كاملة غير منقوصة، وسيبقى ترابها بإذن الله طاهرا نقياً لا تدنسه الصهيونية,,!!
|