| عزيزتـي الجزيرة
أعود بعد فترة لأستكمل معكم سلسلة مقالات (رجال في ذاكرة خميس مشيط) فأقول بداية: إن بلادنا تزخر بفضل من الله بكثير من الرجال الذين يعتذ بهم وما هذه المحافظة (خميس مشيط) إلا جزء عزيز من هذا الوطن الكبير الذي أعزه الله بالاسلام وبالبيت العتيق وبالرسول محمد عليه الصلاةوالسلام، ولقد أكرمه الله بولاة الامر الذين قادوه من خير الى خير، والحمد لله انه جعل هذا الوطن سكنى لخير الرجال، واليوم أجد انه من حق رجالات الوطن الذين اسهموا في خدمة دينهم وبلدهم ان نخلد ذكراهم ونستعيد بعض مواقفهم ونشيد بهم اعترافاً منا بفضلهم ونوثق اسماءهم ونقتدي معشر الشباب بسناهم حتى يسير الخلف على هدي السلف وليبقى العطاء مستمراً وليظل الخير في هذه الأمة حتى قيام الساعة,وهناك رجال كثر جمعت عنهم بعض المواقف والذكريات احتفظ بها في احد رفوف مكتبتي لعدم قناعتي بوفرة ما جمعته عنهم ولعل من سأتناوله اليوم هو احد الرجال الذين اثرى ذاكرة كل من عرفه وترك كل فم يتناوله بالطيب والمحامد والذكر الجميل إنه الشيخ (حمد بن عبدالله الطعيمي) رحمه الله حاولت بعد جهد جاهداً ان اصل كل من عرف هذا الانسان الذي سمعت بذكره حيث وجدت ان سيرته الخيرة تسبق اسمه والثناء عليه محمود عند ذكره فنجحت في جمع القليل والقليل فقط عن الشيخ الطعيمي.
وعلى كل حال فالشيخ حمد هو من اهل عنيزة الكرام عرفته منطقة عسير على وجه التقريب في بدية العقد الخامس من القرن الماضي ال (14ه) حيث كان يكلف بامور من قبل الملك عبدالعزيز رحمه الله بما يعني أنه كان بمثابة (سفير متجول) ولقد قيل لي أنه كان يأتي على ظهر مطية أصيلة وقد كان يتخذ من هذه المحافظة قاعدة لعمله حتى بداية عهد الملك سعود رحمه الله الذي اصدر امراً بتعيينه سفيراً في اليمن لمعرفته ودرايته بأمور المنطقة من خلال معايشته لأحداثها ولكن الشيخ كما عرفت طلب إعفاءه بسبب كبر سنه وإعتلال صحته ثم انتقل الى (مركز الواديين) مقراً له وهي قرية زراعية جميلة تقع الى الجنوب من خميس مشيط.
وقد صاهر إحدى الاسر الكريمة ثم بعد فترة من الزمن قضاها فيها عاد الى خميس مشيط حيث بقي فيها حتى وافاه الأجل بعد ان قضى سنوات مليئة وحافلة بالعطاء والعمل والوفاء والصلاح وأعمال الخير خدمة للدين والمليك والوطن, ومما عرفت من سيرة الخير لهذا الرجل انه كان محباً للخير وأعمال البر والمعروف والبذل والعطاء وعرف عنه انه كان لا يرد سائلاً وربما من أعماله الكثيرة التي لا يعرف عنها الا القليل هو قيامه ببناء مدرسة ومسجد باحدى قرى مركز الواديين وقد سميت هذه القرية باسمه ومن المساجد التي بناها ومعروف لدى سكان خميس مشيط هو (جامع الفنبان) بحي الهُميلة ولا غرابة ان يُعرف الشيخ حمد عند الناس بأنه (حاتم عصره) سخاء وبذلا وكرماً وعطاءً ليس له حدود حيث لم تسمع عنه كلمة (لا) مهما كلفه الأمر في أمور الحياة.
لقد عرفت عنه رحمه الله انه طلق المحيا يشرق فمه بابتسامة لا تغيب وقد قيل لي انه كان المواطن الوحيد بعد الشيخ عبدالوهاب أبوملحة رحمه الله الذي استضاف الملك سعود رحمه الله حينما جاء الى منطقة عسير وربما تحديداً عام 1374ه وقد تحمل تكاليف وأعباء هذا الشرف العظيم وهذا في حد ذاته يعبر عن مكانة هذا الرجل لدى ولاة الأمر,لقد عرفت كذلك عن الشيخ الطعيمي انه كان يعول كثيراً من الأسر الفقيرة ويقدم لهم ما يحتاجونه ويفتش عن المحتاجين وكأني بجرير قد قال فيه:
ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله |
ولقد سمعت بأنه قد أحب الأدب وكان محباً للشعر وحافظاً لشعر المتنبي ويحفظ عيون الشعر العربي ويردد الأمثال والحكم في مجلسه والذي كان يعد مدرسة للادب وذكر النوادر والقصص ذات المغزى والدلالات الطيبة التي تستنهض الهمم.
إن الكتابة عن مثل هؤلاء الرجال واجب فالتربية بالقدوة أبلغ اثراً في النفوس من كل اساليب التربية الأخرى وما ارغب ان يعرفه الكثيرون ان مصادري هي صدور الرجال الذين أجلس معهم وأدون في الذاكرة ما اسمعه من مواقف ثم أفرغها عند عودتي الى البيت على الورق فعذراً عند الزلل وأود ان اثير اقلاماً تتحدث معي حول ما أنا بصدده.
محمد إبراهيم محمد فايع
|
|
|
|
|